سعى أمير نجد، عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، إلى فتح خطوط تواصل مع بريطانيا، فقابل في أبريل 1911 المعتمد السياسي البريطاني في الكويت الكابتن شكسبير، الذي دوّن في تقرير مطول بعثه إلى قياداته مجريات اللقاء قائلا "لم يُظهر ابن سعود ولا إخوته أي أثر من روح التعصب التي كان يمكن توقعها من الأسرة الوهابية الحاكمة... وحينما أخذ عبد العزيز يسألني عن رأيي في العلاقات بين بريطانيا وتركيا، قلت فورا إني لم آت لبحث الشؤون السياسية، وإنما كي أرى كيف يعيش زعماء العرب في البادية، كما أنني لست مخولا للبحث في السياسة معه، وإن حكومة صاحبة الجلالة لا تتدخل في شؤون البلاد العربية الوسطى الخاضعة للنفوذ العثماني، وتحصر اهتمامها في مصالحها على خط الساحل.....فقال عبد العزيز إنه يفهم موقفي تماما، ولكنه يكون شاكرا إذا سمعت ما يريد قوله، وإذا رغبت بعد ذلك في إبداء أرائه لرؤسائي فذلك من شأني". وتمثلت مقترحات ابن سعود في رغبته في دعم بريطانيا له في مواجهة الأتراك الذين يعززون قواتهم عبر ساحل الإحساء، ما يعيقه عن إعلان التمرد عليهم قبل الحد من قدرتهم على جلب الجنود بحرا. ومن ثم تكررت لقاءات ابن سعود مع شكسبير.
ولاء ابن سعود الشكلي للعثمانيين
في الوقت ذاته الذي كان ابن سعود يجسّ نبض البريطانيين ويطلب دعمهم، كان يوطد علاقته مع العثمانيين، فأرسل في مطلع 1914 إلى صديقه طالب النقيب، المقرب من الأتراك، قائلا "سررت كثيرا بتسلم خطابكم الذي تعبرون فيه عن ولائكم للحكومة العلية، وهو الولاء الذي أشارككم إياه، وكما تعلمون يا أخي فإنني أول من أرجو الخير للحكومة والبلاد".
وقع ابن سعود في 15 مايو 1914 معاهدة مع العثمانيين نصت على توليه منصب (والي نجد) طيلة حياته، ووراثة أولاده للمنصب من بعده، وعلى أن الدولة العثمانية متى دخلت في حرب مع دولة أجنبية أو إذا حدث اضطراب داخلي في أي من ولاياتها، وطلبت منه ارسال قوة دعم، فعليه توفير تلك القوة مع كامل أسلحتها ومؤنها.
لم يفت ابن سعود قبل التوقيع على المعاهدة أن يأخذ رأي الإنجليز سرا، فكتب، في 2 أبريل 1914، إلى المعتمد السياسي البريطاني في البحرين، تريفور، قائلا "تسلمت معلومات من المبعوث التركي عمر بك مارديني، الذي وصل من القسطنطينية مباشرة.. ولم أحب أن أراه حتى أخبركم لكي تعلموني بالمطلوب وبأي شكل يكون".
تقلبات الحرب العالمية الأولى
عندما لاحت بوادر مشاركة الدولة العثمانية في الحرب، كتب السير ماليت، سفير بريطانيا في القسطنطينية، إلى وزير خارجيته إدوارد غراي، بتاريخ 4 سبتمبر 1914 قائلا "أوافقكم على أنه إذا تحالفت تركيا مع ألمانيا وأصبحت الحرب محتومة؛ فمن المحتمل أن يصبح من أهم الأسلحة دعم وتنظيم حركة عربية.. يجب أن يوجهها ابن سعود.. بالتعاون مع أصدقائنا من زعماء العرب". ووقعت الحرب بالفعل، وصار ابن سعود الرجلَ المفضل في الجزيرة العربية بالنسبة إلى حكومة الهند التابعة للتاج البريطاني، بينما صار الشريف حسين الرجلَ المفضل لدار المندوب السامي في مصر.
انقلب والي نجد (ابن سعود) على العثمانيين فسجن ضابطا تركيا أوفدته حكومة الباب العالي إليه لتدريب قواته، كما اعتقل أربعة علماء أرسلتهم السلطات التركية إليه للدعوة في نجد إلى الجهاد ضد الإنجليز وأرسل إلى القنصل البريطاني العام بالخليج بيرسي كوكس في نوفمبر 1914 قائلا "إنني واحد من أكبر أعوان حكومة بريطانيا العظمى التي ستحصل بعون الله مني على نتائج مرضية". كما شن ابن سعود حربا ضارية ضد آل رشيد الموالين للعثمانيين، وقُتل الكابتن شكسبير في تلك الحرب في 1915 أثناء تواجده مع الجيش السعودي.
http://blogs.aljazeera.net/blogs/2018/1/2/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A