* أنا لا أستشعرُ حلاوةَ الإيمانِ التي يتحدثونَ عنها، ولا أتذوّقُ لذّة الصّلاة، وإذا صلّيتُ فخلاصًا لا إخلاصًا، ولأرتاحَ منها لا لأرتاحَ بها، فكيفَ أتدارك نفسي؟
------
هذهِ بعضُ الخطوات ذكرتُها، أسألُ الله أن ينفع بها ()
الحمدُلله ربّ العالمين، ثمّ أمّا بعد:
إنّ الإنسانَ بفطرته يميلُ إلى دعته وراحته، والنّفس بطبيعتها أمّارةٌ بالسّوءِ ميالةٌ للتَّمرُّد والطُّغيان، لا تنفكّ تنزغُ وتنزغُ في قلبِ العبدِ على مَهلٍ بمؤازرةٍ شيطانيّةٍ ودهاءٍ إبليسيٍّ حتّى يبتعد عن ربّه شيئًا فشيئًا، ثمّ يفرط ثم يتهاون ثمّ يتغافلُ حتّى يستحوذ الشيطانُ على قلبهِ، والفطنُ من قيّد نفسه قبل أن تقيّده، وتحكّم بها قبل أن تتحكم به:
إنّ الأمرَ يحتاجُ مُجاهدةً ومصابرةً، إليك ما يلي:
١ - الإخلاص: أخلص النية للهِ، واستعن به، وتوكّل عليه، واعزم التوبةَ والأوبةَ في نفسكَ، ليعينكَ الله على الطّاعة.
٢ - الإقلاع عن المعصية: قبلَ أن تملأ قلبك إيمانًا بالله، عليكَ أن تُنظّفه من أدرانِ المعصية، وتنقيه من آفات الخطيئة. فالذنوب هي أصل كل بلاء، وكلّ فتور، وكلّ إعراض.
يقول ابن القيم رحمه الله: قلة التوفيق، وفساد الرأي، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذِّكر، وإضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه، ومنع إجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة في الرزق والعمر، وحرمان العلم، ولباس الذل، وإهانة العدو، وضيق الصدر، والابتلاء بقرناء السوء الذين يُفسدون القلب ويُضيعون الوقت، وطول الهمّ والغمّ، وضَنْكُ المعيشة، وكسفُ البال: تتولَّد من المعصية والغفلة عن ذكر الله!! الفوائد (٣٢/١)
فتأمّل يا رعاكَ الله ماذا تفعل الذنوب!!
لقد كَانت سببًا في هلاكِ أُمّةٍ كاملةٍ، {فأهلكناهم بذنوبهم}، أفتَعجبُ أن تكونَ سببًا في هلاكِ قلبِكَ تمنعهُ من المُبادرةِ والسّباق؟
إنّ أول ما تفعله للعودة هو التوبةُ إلى الله والعزمُ على ترك الذنب، وليكُن دأبك دأب أبيك آدمَ إقرارًا واعترافًا وندمًا وافتقارًا بين يدي الله: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
٣ - بعدَ أن تُزيحَ جبال الذنوب عن قلبك، ازحَف بنَفسكَ زحفًا إلى رياضِ العلمِ، وألجئها إلجاءً واضطرها اضطراراً لطاعة الله ورسوله محتسبًا في ذلكَ الأجرَ، مستعينًا بالله مخلصًا النّية له. فالنفسُ في طبيعتها عصيّة معرضة أمّارة بالسوء، فإذا امتنعت توقدُ شراستها بالمعصية ضعفت وذلّت، وإذا استمريت بترويضها وتدريبها، والدّبّ بها في طريق الله، فإنك حتمًا ستَراها لانَت لك وخضعت بين يديك. بل ستنبهر بها تحوَّلت مع الوقتِ والاستمراريةِ إلى نَفسٍ مطمئنّةٍ تأنَسُ بالطاعةِ وتتوقُ للبرّ، وتستلذّ بجوارِ الله وتستشعر أن البعد عنه -بعد أن ذاقته- هو أعظم الحرمان.
٤ - معرفة الله بأسمائه وصفاته: يقول أحد السلف: من كانَ باللهِ أعرَف كانَ منهُ أخوَف. فالجهلُ باللهِ هو أعظم الجهل، كيفَ يخشى الله من لم يُعظّمهُ في قلبه؟ وكيف يخافه من لم يعرف غضبه؟ وكيف يجلّهُ من لا يدرك عظمة هذا الرب الذي وسعت رحمته كلّ شيءٍ إلا قلبًا أعرضَ عنه فخابَ وخسر؟
إنّ العبد كلما ازداد معرفةً بالله وبصفاته وأسماءه وآياته: ازداد انبهارًا في عجائب خلقه. فإذا علم أنّ اللهَ رقيبٌ خافَ أن يتواجدَ حيثُ نهاه، وإذا أدركَ أنهُ سُبحانه الرّحيم، جاد بالخير وزاد بالبرّ بغية الحظوة برحمته، وإذا تفكر أنه السّميع البصير، زانَ نطقه وحفظ لسانه وجوارحه لئلّا يتصرف فيها أيّ تصرفٍ لا يُرضي الله. وإذا عظم الله في قلبه، استحيا أن يعصيه وأن يعرض عنه.
٥ - كلّما توانيت، تفكر في عقوبةِ تارك الصّلاة، واستشعر غضب الله عليه، تذكر أن الصلاة هي الفارقة بين الإيمانِ والكفر، وأنّ أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.
عش لحظات يوم القِيامة بينكَ وبين نفسكَ، يوم تهفو نفس كلّ مؤمنٍ باحثةً عن رسول الله، فيعرفهم ﷺ بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء علامةً لهم، إلّا أنتَ، لم يعرفكَ رسول الله فيا خيبتك ..
تخيل الجنة وتخيل النّار: ألا يعزّ عليكَ بسبب تفريطك تخسر جنةً عرضها السماوات والارض؟ ألا تخاف أن تنكب على وجهك في نار جهنم!
كلّما فترت نفسك عن الصّلاةِ تأمّل عذابَ أهل جهنّم: كلّما نضجت جلودهم بُدّلوا بجلودٍ غيرها ليذوقوا العذاب، ثمّ تأمل أن أهون أهل النارِ عذابًا يومَ القيامةِ رجلٌ تُوضعُ في أخمصِ قدميهِ جَمرةٌ، يَغلي مِنها دِماغه!
فاللهم أجرنا من النار!
#يتبع
------
هذهِ بعضُ الخطوات ذكرتُها، أسألُ الله أن ينفع بها ()
الحمدُلله ربّ العالمين، ثمّ أمّا بعد:
إنّ الإنسانَ بفطرته يميلُ إلى دعته وراحته، والنّفس بطبيعتها أمّارةٌ بالسّوءِ ميالةٌ للتَّمرُّد والطُّغيان، لا تنفكّ تنزغُ وتنزغُ في قلبِ العبدِ على مَهلٍ بمؤازرةٍ شيطانيّةٍ ودهاءٍ إبليسيٍّ حتّى يبتعد عن ربّه شيئًا فشيئًا، ثمّ يفرط ثم يتهاون ثمّ يتغافلُ حتّى يستحوذ الشيطانُ على قلبهِ، والفطنُ من قيّد نفسه قبل أن تقيّده، وتحكّم بها قبل أن تتحكم به:
إنّ الأمرَ يحتاجُ مُجاهدةً ومصابرةً، إليك ما يلي:
١ - الإخلاص: أخلص النية للهِ، واستعن به، وتوكّل عليه، واعزم التوبةَ والأوبةَ في نفسكَ، ليعينكَ الله على الطّاعة.
٢ - الإقلاع عن المعصية: قبلَ أن تملأ قلبك إيمانًا بالله، عليكَ أن تُنظّفه من أدرانِ المعصية، وتنقيه من آفات الخطيئة. فالذنوب هي أصل كل بلاء، وكلّ فتور، وكلّ إعراض.
يقول ابن القيم رحمه الله: قلة التوفيق، وفساد الرأي، وخفاء الحق، وفساد القلب، وخمول الذِّكر، وإضاعة الوقت، ونفرة الخلق، والوحشة بين العبد وبين ربه، ومنع إجابة الدعاء، وقسوة القلب، ومحق البركة في الرزق والعمر، وحرمان العلم، ولباس الذل، وإهانة العدو، وضيق الصدر، والابتلاء بقرناء السوء الذين يُفسدون القلب ويُضيعون الوقت، وطول الهمّ والغمّ، وضَنْكُ المعيشة، وكسفُ البال: تتولَّد من المعصية والغفلة عن ذكر الله!! الفوائد (٣٢/١)
فتأمّل يا رعاكَ الله ماذا تفعل الذنوب!!
لقد كَانت سببًا في هلاكِ أُمّةٍ كاملةٍ، {فأهلكناهم بذنوبهم}، أفتَعجبُ أن تكونَ سببًا في هلاكِ قلبِكَ تمنعهُ من المُبادرةِ والسّباق؟
إنّ أول ما تفعله للعودة هو التوبةُ إلى الله والعزمُ على ترك الذنب، وليكُن دأبك دأب أبيك آدمَ إقرارًا واعترافًا وندمًا وافتقارًا بين يدي الله: {قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
٣ - بعدَ أن تُزيحَ جبال الذنوب عن قلبك، ازحَف بنَفسكَ زحفًا إلى رياضِ العلمِ، وألجئها إلجاءً واضطرها اضطراراً لطاعة الله ورسوله محتسبًا في ذلكَ الأجرَ، مستعينًا بالله مخلصًا النّية له. فالنفسُ في طبيعتها عصيّة معرضة أمّارة بالسوء، فإذا امتنعت توقدُ شراستها بالمعصية ضعفت وذلّت، وإذا استمريت بترويضها وتدريبها، والدّبّ بها في طريق الله، فإنك حتمًا ستَراها لانَت لك وخضعت بين يديك. بل ستنبهر بها تحوَّلت مع الوقتِ والاستمراريةِ إلى نَفسٍ مطمئنّةٍ تأنَسُ بالطاعةِ وتتوقُ للبرّ، وتستلذّ بجوارِ الله وتستشعر أن البعد عنه -بعد أن ذاقته- هو أعظم الحرمان.
٤ - معرفة الله بأسمائه وصفاته: يقول أحد السلف: من كانَ باللهِ أعرَف كانَ منهُ أخوَف. فالجهلُ باللهِ هو أعظم الجهل، كيفَ يخشى الله من لم يُعظّمهُ في قلبه؟ وكيف يخافه من لم يعرف غضبه؟ وكيف يجلّهُ من لا يدرك عظمة هذا الرب الذي وسعت رحمته كلّ شيءٍ إلا قلبًا أعرضَ عنه فخابَ وخسر؟
إنّ العبد كلما ازداد معرفةً بالله وبصفاته وأسماءه وآياته: ازداد انبهارًا في عجائب خلقه. فإذا علم أنّ اللهَ رقيبٌ خافَ أن يتواجدَ حيثُ نهاه، وإذا أدركَ أنهُ سُبحانه الرّحيم، جاد بالخير وزاد بالبرّ بغية الحظوة برحمته، وإذا تفكر أنه السّميع البصير، زانَ نطقه وحفظ لسانه وجوارحه لئلّا يتصرف فيها أيّ تصرفٍ لا يُرضي الله. وإذا عظم الله في قلبه، استحيا أن يعصيه وأن يعرض عنه.
٥ - كلّما توانيت، تفكر في عقوبةِ تارك الصّلاة، واستشعر غضب الله عليه، تذكر أن الصلاة هي الفارقة بين الإيمانِ والكفر، وأنّ أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر.
عش لحظات يوم القِيامة بينكَ وبين نفسكَ، يوم تهفو نفس كلّ مؤمنٍ باحثةً عن رسول الله، فيعرفهم ﷺ بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء علامةً لهم، إلّا أنتَ، لم يعرفكَ رسول الله فيا خيبتك ..
تخيل الجنة وتخيل النّار: ألا يعزّ عليكَ بسبب تفريطك تخسر جنةً عرضها السماوات والارض؟ ألا تخاف أن تنكب على وجهك في نار جهنم!
كلّما فترت نفسك عن الصّلاةِ تأمّل عذابَ أهل جهنّم: كلّما نضجت جلودهم بُدّلوا بجلودٍ غيرها ليذوقوا العذاب، ثمّ تأمل أن أهون أهل النارِ عذابًا يومَ القيامةِ رجلٌ تُوضعُ في أخمصِ قدميهِ جَمرةٌ، يَغلي مِنها دِماغه!
فاللهم أجرنا من النار!
#يتبع