مقدمة الدرس
في حدود فهمي : إن هذه الدروس تصلح أن تكون تكملة لكتابي ( أضواء على ثورة الحسين ) وإلى ساعة متأخرة كنت أحسبها ليست ذات منهج معين ، وإنما هي عبارة عن مجموعة أسئلة على غرار درس التفسير ، حيث يعرض السؤال ثم يجاب عليه . مع نقطة ضعف توجد هنا وذلك أن
درس التفسير مرتب على ترتيب آيات القرآن الكريم ، بينما نجد أن هذا الدرس ليس كذلك .
وهذا إلى حد ما صادق ، ولا أستطيع أن أضبط المطلب مائة بالمائة ، وإنما بعد إلقائه وكتابته يمكن ترتيبه بشكل من الأشكال .
وإذا كانت هذه الأمور التي سوف أطرحها تكملة لكتاب ( أضواء على ثورة الحسين ) ، فهناك تحدثنا عن كبرى وصغرى . أي قاعدة عامة ، وتطبيق للقاعدة العامة ، والتي استوعبت حوالي نصف الكتاب ، وذلك في إعطاء فكرة تحمل المعصومين وأصحابهم على الصحة ، لأنهم تربية رسول الله أو لأنهم ملهمون ونحو ذلك . فأي شيء شككنا فيه من ذلك فإنما هو لقصورنا وتقصيرنا ، وليس لنقص فيهم والعياذ بالله .
وهذا يعتبر كقاعدة عامة ، وأما التطبيق فتحتاج إليه بعض النفوس ، فقد يأتي سؤال بقوة في الذهن ، فإذا حصل شيء من ذلك فإنه يحتاج إلى الجواب .
وقد تركت التعرض إلى بعض الأسئلة هناك ، فلربما أن بعض الأسئلة يصعب جوابها خصوصا أمام العوام ، وإنما ذكرت أشهر الأسئلة وأوضحها مع
أجوبتها وليست كلها كذلك.
والأمر هنا كذلك ، فإننا نعرض السؤال الذي نستطيع أن نجيبه ، وأما إثارة السؤال الذي لا نستطيع الإجابة عليه فغير صحيح فإن مثل ذلك يثير الشبهات في أذهان السامعين ، فيفهمون السؤال ولا يفهمون جوابه .
مع العلم أنه يحرم إثارة الشبهات التي لا يمكن الإجابة عليها أمام الناس .
والأسئلة سوف تكون على تقدير صحة الروايات ، وأكثرها روایات تاريخية ضعيفة ، فإننا لو وزناها بالميزان الفقهي لا تكون معتبرة . فمن هذه الناحية فإن أسهل ما يقال في مثل ذلك هو ضعف السند ، والأصل عدم صدوره ، فتتخلص : أصل المشكلة .
ولكن بعض الأمور قابلة للتفسير دينية ، أو عقلائية أو عرفية ، أو بدرجة من درجات الباطن .
فإذا كان الأمر كذلك نستطيع أن نتنزل عن عدم إعتبار السند ، ونقول : لو كان هذا القول أو العمل موجودة فجوابه كذا وكذا .
نصرة الحسين
روي عن الحسین اله أنه قال : ( من سمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبه الله على منخريه في النار ) ) .
فإنه يرد على ظاهر هذه الرواية إشكال رئيسي ، يتسجل بالإلتفات إلى عدة مقدمات ، فإذا استطعنا مناقشتها ، أو مناقشة بعضها ، فالإشكال ساقط : المقدمة الأولى : إنهم قالوا في اللغة : إن الواعية هي الصراخ على
لا تحصل إلا بعد الموت . فواعية الحسين له وأصحابه لا تكون إلا بعد استشهادهم . فمعنى قوله : ( واعيتنا ) أي من سمع سمع البكاء أو الصراخ علينا . ولا معنى لوجودها قبل الموت . المقدمة الثانية : إن النصر المتوقع له إنما يكون حال حياته ، وحال حربه
الأعداء أو قبل ذلك ، أي حينما كان يدعو الناس في المدينة ، إذ لا معنی للنصر بعد الموت الذي يكون قد حصل .
المقدمة الثالثة : إن المفهوم عادة من ينصرنا ) أو ( نصرنا ) أو ( هل من ناصر
لنا ) هو النصرة في المستقبل ، فإن إطاعة الأمر تكون إستقبالية دائما .
فيكون المعنى كالآتي : من سمع وأعيتنا أي بعد موتنا فلينصرنا أي بعد حصول الشهادة ، وقد قلنا في المقدمة الثانية : إنه لا معنى للنصر بعد حصول الشهادة والوفاة .
إذن ، فلو تمت كل هذه المقدمات لأصبحت العبارة لاغية ولا معنى لها . ويمكن الجواب على ذلك بعدة مستويات :
المستوى الأول : أن نتنزل عن المقدمة الأولى ، وهي أن الواعية هي الصراخ على الميت ، فنقول : إن الواعية كما هي الصراخ على الميت هي
أيضا مطلق الصراخ وإن لم يكن على الميت .
قال ابن منظور ) : والوعى أو الوغى بالتحريك ، الجلبة والأصوات ، وقيل : الأصوات الشديدة والواعية كالوغى . فكما أن الوعى : الأصوات ، فكذلك الواعية أيضا .
وقال : الأزهري : الواعية ، والوعى ، والوغى كلها الصوت ، والواعية هي الصارخة . أي أن الواعية كما أنها تستعمل كمصدر فإنها تستعمل كإسم فاعل ، أي الفاعل للصوت ، أو الناطق به . وإنما سمي الصراخ على الميت واعية ، لأنه صوت وضوضاء . أي حصة من الصوت والضوضاء .
فيكون معنى الخبر الوارد ( من سمع وأعيتنا ) أي سمع صوتنا ، وسمع استغاثتنا ، ولم يأت لنصرتنا مع تمكنه من ذلك ، أكبه الله على منخريه في النار . وهو أمر مطابق للقواعد فقهية وعقائدية ، ولا يحتاج الحسين اليد إلى بيانه ،
(نكمل لاحقا بعون الله
في حدود فهمي : إن هذه الدروس تصلح أن تكون تكملة لكتابي ( أضواء على ثورة الحسين ) وإلى ساعة متأخرة كنت أحسبها ليست ذات منهج معين ، وإنما هي عبارة عن مجموعة أسئلة على غرار درس التفسير ، حيث يعرض السؤال ثم يجاب عليه . مع نقطة ضعف توجد هنا وذلك أن
درس التفسير مرتب على ترتيب آيات القرآن الكريم ، بينما نجد أن هذا الدرس ليس كذلك .
وهذا إلى حد ما صادق ، ولا أستطيع أن أضبط المطلب مائة بالمائة ، وإنما بعد إلقائه وكتابته يمكن ترتيبه بشكل من الأشكال .
وإذا كانت هذه الأمور التي سوف أطرحها تكملة لكتاب ( أضواء على ثورة الحسين ) ، فهناك تحدثنا عن كبرى وصغرى . أي قاعدة عامة ، وتطبيق للقاعدة العامة ، والتي استوعبت حوالي نصف الكتاب ، وذلك في إعطاء فكرة تحمل المعصومين وأصحابهم على الصحة ، لأنهم تربية رسول الله أو لأنهم ملهمون ونحو ذلك . فأي شيء شككنا فيه من ذلك فإنما هو لقصورنا وتقصيرنا ، وليس لنقص فيهم والعياذ بالله .
وهذا يعتبر كقاعدة عامة ، وأما التطبيق فتحتاج إليه بعض النفوس ، فقد يأتي سؤال بقوة في الذهن ، فإذا حصل شيء من ذلك فإنه يحتاج إلى الجواب .
وقد تركت التعرض إلى بعض الأسئلة هناك ، فلربما أن بعض الأسئلة يصعب جوابها خصوصا أمام العوام ، وإنما ذكرت أشهر الأسئلة وأوضحها مع
أجوبتها وليست كلها كذلك.
والأمر هنا كذلك ، فإننا نعرض السؤال الذي نستطيع أن نجيبه ، وأما إثارة السؤال الذي لا نستطيع الإجابة عليه فغير صحيح فإن مثل ذلك يثير الشبهات في أذهان السامعين ، فيفهمون السؤال ولا يفهمون جوابه .
مع العلم أنه يحرم إثارة الشبهات التي لا يمكن الإجابة عليها أمام الناس .
والأسئلة سوف تكون على تقدير صحة الروايات ، وأكثرها روایات تاريخية ضعيفة ، فإننا لو وزناها بالميزان الفقهي لا تكون معتبرة . فمن هذه الناحية فإن أسهل ما يقال في مثل ذلك هو ضعف السند ، والأصل عدم صدوره ، فتتخلص : أصل المشكلة .
ولكن بعض الأمور قابلة للتفسير دينية ، أو عقلائية أو عرفية ، أو بدرجة من درجات الباطن .
فإذا كان الأمر كذلك نستطيع أن نتنزل عن عدم إعتبار السند ، ونقول : لو كان هذا القول أو العمل موجودة فجوابه كذا وكذا .
نصرة الحسين
روي عن الحسین اله أنه قال : ( من سمع واعيتنا فلم ينصرنا أكبه الله على منخريه في النار ) ) .
فإنه يرد على ظاهر هذه الرواية إشكال رئيسي ، يتسجل بالإلتفات إلى عدة مقدمات ، فإذا استطعنا مناقشتها ، أو مناقشة بعضها ، فالإشكال ساقط : المقدمة الأولى : إنهم قالوا في اللغة : إن الواعية هي الصراخ على
لا تحصل إلا بعد الموت . فواعية الحسين له وأصحابه لا تكون إلا بعد استشهادهم . فمعنى قوله : ( واعيتنا ) أي من سمع سمع البكاء أو الصراخ علينا . ولا معنى لوجودها قبل الموت . المقدمة الثانية : إن النصر المتوقع له إنما يكون حال حياته ، وحال حربه
الأعداء أو قبل ذلك ، أي حينما كان يدعو الناس في المدينة ، إذ لا معنی للنصر بعد الموت الذي يكون قد حصل .
المقدمة الثالثة : إن المفهوم عادة من ينصرنا ) أو ( نصرنا ) أو ( هل من ناصر
لنا ) هو النصرة في المستقبل ، فإن إطاعة الأمر تكون إستقبالية دائما .
فيكون المعنى كالآتي : من سمع وأعيتنا أي بعد موتنا فلينصرنا أي بعد حصول الشهادة ، وقد قلنا في المقدمة الثانية : إنه لا معنى للنصر بعد حصول الشهادة والوفاة .
إذن ، فلو تمت كل هذه المقدمات لأصبحت العبارة لاغية ولا معنى لها . ويمكن الجواب على ذلك بعدة مستويات :
المستوى الأول : أن نتنزل عن المقدمة الأولى ، وهي أن الواعية هي الصراخ على الميت ، فنقول : إن الواعية كما هي الصراخ على الميت هي
أيضا مطلق الصراخ وإن لم يكن على الميت .
قال ابن منظور ) : والوعى أو الوغى بالتحريك ، الجلبة والأصوات ، وقيل : الأصوات الشديدة والواعية كالوغى . فكما أن الوعى : الأصوات ، فكذلك الواعية أيضا .
وقال : الأزهري : الواعية ، والوعى ، والوغى كلها الصوت ، والواعية هي الصارخة . أي أن الواعية كما أنها تستعمل كمصدر فإنها تستعمل كإسم فاعل ، أي الفاعل للصوت ، أو الناطق به . وإنما سمي الصراخ على الميت واعية ، لأنه صوت وضوضاء . أي حصة من الصوت والضوضاء .
فيكون معنى الخبر الوارد ( من سمع وأعيتنا ) أي سمع صوتنا ، وسمع استغاثتنا ، ولم يأت لنصرتنا مع تمكنه من ذلك ، أكبه الله على منخريه في النار . وهو أمر مطابق للقواعد فقهية وعقائدية ، ولا يحتاج الحسين اليد إلى بيانه ،
(نكمل لاحقا بعون الله