أريق حبرٌ وافر في ذم الجهل، وهجاء التعالم؛ لكن ثمة منطقة خفيّة لا تتصل بالجاهل الصِّرف؛ بل هي بأهل بالعلم ألصق، مؤداها أنك قد تكون طالب علم بعيد عن الجهل؛ لكنك مخطئ في تقدير أدواتك، وتبالغ في إحسان الظن بقدراتك، وتسلك طريقًا تقصر عنه موهبتك، فأنت في الحقيقة متلبّس بقدر زائد من الألفاظ والرسوم الذي لا تسمح به منزلتك .
ولو أنك أظهرتَ نفسك كما هي لأبنتَ عن فضلك، وقدّمت نفسك في ثوب حسن؛ لا يقصر فتظهر عورتك، ولا يسبل فتعثر فيه قدمك، لكنها كما في التناص الشعبوي معضلة العين البصيرة، واليد القصيرة، أو وثنائية مدّ اللفظ أطول من لحاف العقل .
هذه الظاهرة تراها ماثلة في ألفاظ عريضة، ودعاوى نبوغ، وعناوين كتب مفخّمة، وجزم في مواطن الاحتمال؛ وهي عند التحقيق تجسيد لما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله "وإعجاب كل ذي رأي برأيه" (1)
وقد روى الواحدي عن ابن ثوابة ملحوظة بديعة تمسّ هذا الشأن، يقول فيها :
"أول من أفسد الكلام أبو الفضل [يعني : ابن العميد]؛ لأنه تخيّل مذهب الجاحظ وظنّ أنه إن تبعه لحقه، وإن تلاه أدركه، فوقع بعيدًا من الجاحظ، قريبًا من نفسه..."(2)
فهو لم يكن عديم الموهبة؛ لكنه تلبّس بثوب لا يليق بحاله فكانت العثرة .
--------------
(1) رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان وفيه ضعف .
(2) الإمتاع والمؤانسة ص 54 .
ولو أنك أظهرتَ نفسك كما هي لأبنتَ عن فضلك، وقدّمت نفسك في ثوب حسن؛ لا يقصر فتظهر عورتك، ولا يسبل فتعثر فيه قدمك، لكنها كما في التناص الشعبوي معضلة العين البصيرة، واليد القصيرة، أو وثنائية مدّ اللفظ أطول من لحاف العقل .
هذه الظاهرة تراها ماثلة في ألفاظ عريضة، ودعاوى نبوغ، وعناوين كتب مفخّمة، وجزم في مواطن الاحتمال؛ وهي عند التحقيق تجسيد لما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله "وإعجاب كل ذي رأي برأيه" (1)
وقد روى الواحدي عن ابن ثوابة ملحوظة بديعة تمسّ هذا الشأن، يقول فيها :
"أول من أفسد الكلام أبو الفضل [يعني : ابن العميد]؛ لأنه تخيّل مذهب الجاحظ وظنّ أنه إن تبعه لحقه، وإن تلاه أدركه، فوقع بعيدًا من الجاحظ، قريبًا من نفسه..."(2)
فهو لم يكن عديم الموهبة؛ لكنه تلبّس بثوب لا يليق بحاله فكانت العثرة .
--------------
(1) رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان وفيه ضعف .
(2) الإمتاع والمؤانسة ص 54 .