طالوت الشامي .

يطلق مصطلح (المجتمع المفتوح)سياسياً مقابل المجتمع الذي سماه جورج أورويل(الأخ الأكبر)، وأصل مصطلح( الأخ الأكبر) أن النظام الإقطاعي يمنع تفتت الثروة، ولذلك لا وجود لتوزيع الإرث بين الأبناء،وإنما تؤول كل ثروة الأب لابنه الكبير فقط، ويعيش أخوته وأخواته تحت سلطته، ونفقته،فهو المهيمن عليهم، وهم يؤون لكنفه، ومن ضرورة تثبيت سلطة الأخ الأكبر تنشأ مفاهيم سياسية واجتماعية خاصة لهذا المجتمع، ومن ذلك منع الحركة ، وعدم الملكية الخاصة،بل تصل كما فعلتها النظم الشمولية، وخاصة الشيوعية في عدم جواز التفكير الذاتي،فأنت تأكل وتشرب فقط، ومن منة الأخ الأكبر يسمح لك بالتسافد الليلي،وهذا المفهوم هو ما تسعى إليه كل الدول المعاصرة، ودولنا الإسلامية سيدة هذا الفعل ، وهو إخصاء المجتمع، ومنعه من ممارسة إنسانيته الذهنية.
حين تحاول فهم صورة المجتمع الإسلامي زمن النبوة والخلافة الراشدة تدرك عمق احترام الكل للكل، والحاكم مجرد أجير ووكيل للأمة لممارسة القيادة، والتي هي فطرة طبيعية في الأمم والشعوب،حاشا أن نقول هذا عن سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنه هو من ارسى مفهوم المجتمع المفتوح، من خلال سلطة الأمة على حكامها، وليس العكس.
لا يوجد حرية بلا ثمن، ولا يوجد حق بلا ضابط، كما لا يوجد أحد فوق أحد، فالكل متساوين أمام الله، والحاكم بشر مكلف من الأمة، واتخاذ الجند لا يكون لحمايته من الأمة، ولا لمعاقبة الأمة إن أصلحته، ووعظته، ولكنها لتمنع الشر عن الأمة لا الحاكم.
اليوم انتشر مفهوم الدولة،واقترن هذا المفهوم بصورة وتركيبة معاصرة،ومع كل دعاوى مفاهيم حرية الإنسان، وسلطة الشعب، لكنها كلها مجرد أكاذيب، بل هناك سلطة الحاكم وحاشيته، والجنود لحماية الحاكم وحاشيته،والنظم لحماية الحاكم وحاشيته من الشعب، وصارت الدولة أسيرة الحاكم، وذلك بطغيانه،وجبروته، وجنوده، ولم تعد التركيبة الأصلية حاضرة في أذهان الناس.
مفهوم الدولة المعاصر ليس هو الصورة الوحيدة لتكون المجتمعات،لأن هذا المفهوم انتاج بشري، وله بيئته الأوروبية الملائمة له، والذين يسعون لتحقيق النصر للدين، وتحقيق الحكم الشرعي في الأمم يجب عليهم التفكير ببدائل أخرى تحقق الحكم الشرعي في مقاصد التجمع، وأهمها حفظ البيضة، وإقامة الشريعة، والجهاد في سبيل الله.
تآمل هذا الإنسياق لفتح العاصمة في الثورات، وذلك انسياقاً واتباعاً لمفهوم الدولة المعاصرة،وذلك للتعبير عن شرعية المنتصر بأنه الحاكم والنظام، وهو دخول في إسار مفهوم الدولة الأوروبي، ثم ما يتبعه من طلب الإعتراف الدولي، ودخول في سلطات الجاهلية المعاصرة كالأمم المتحدة ومؤسساتها.
من الصعب في مقال صغير بيان أخطاء الدولة المعاصرة، ومن الصعب التصور لما يمكن أن تؤول إليه تنظيم المجتمعات خارج صورة الدولة المعاصرة، ولكن يكفي التنبيه أن هذا أحد تحديات الجماعات المسلمة في هذا العصر، وأننا بحاجة لإبداع يحقق وجودنا الإسلامي التام ، وأحكام الشرع من جهاد وحماية الييضة في إطار هيمنة الجاهلية على صنوف الحياة، ومن ذلك موضوع العملة كذلك.
ما نشاهده أن الجماعات الإسلامية بكل صنوفها غارقة في تصور الدولة من خلال النموذج الذي تعيشه شعوبنا منذ سقوط الخلافة،فكل قائد لتنظيم هو صورة مصغرة لصورة حاكم بلده الجاهلي، والفرق في الرتوش.
وما نشاهده أن صوت الأمن، وصوت العقوبة، وصوت السجن، وصوت الملاحقة والمراقبة هو الأقوى في داخل هذه التنظيمات، ولكل حجته، والحجة لم تكن يوماً عائقاً لممارسة أي حاكم، فقد علقت المشانق في بلادنا تحت حجة تحرير فلسطين.
عندنا فوبيا قوية كامنة في أدمغتنا وأمخاننا من الكلام، والنقد، والأمر بالعروف والنهي عن المنكر،وشعورنا أن الكلمة يمكن ان تسقط نظاما، أو جهاداً، أو تنظيماً مرده ما عشناه في أنظمة(الأخ الأكبر)لأننا صرنا بدون وعي منا صدى لحكامنا وطرق تعاملهم معنا.
وللحديث بقية.

المجتمع المفتوح سمة من سمات المجتمع الإسلامي والتجمعات الإسلامية، يتم فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المتكر بضوابطهما، ويتم فيها التعامل تحت الشمس بلا خفاء مما يخص الشأن العام، كما يقع فيه المحاسبة والمساءلة بما يتعلق بشؤون القادة والأمراء، وللناس الحق معرفة ما يتحملون نتائجه من قرارات، ولعرفاء هذا المجتمع الاطلاع على مسار القرارات، وما وجهها، وما ينفق من المال، وأين يذهب، وللناس حق الكلام بالحق، ومن يخطئ في الفعل أو القول فعليه تحمل نتائج خطئه، فقذف المحصنات جريمة، وكذا اتهام الناس، ولكن هذا ليس هو المساءلة التي توجب استحضار الجواب، على قاعدة: من أين لك هذا؟ وما في هذا المعنى، من قولهم: أين ذهب هذا؟ وكم حضر، وأين صار؟.

فالمجتمع المفتوح لا يخاف المساءلة، ولا يجوز تحت باب من الأبواب صناعة الخوف لهذا المجتمع، ولا تحريم ما هو حق له، ولا إغلاق منافذ النور فيه،كما لا يجوز تجريم السؤال، وإنما يبين لأصحاب الدين والحل والعقد إذا كان مما يدخل: ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم).
وهؤلاء العرفاء لثقة الناس بهم يحملون الجواب لهم بما يحصل به الرضا.

من غير مجتمع مفتوح لا تنشط الأمة بصدق مع القادة في تطبيق قراراتها، بل ستنفر وستتآكل الثقة، وفي النهاية الفساد.

المجتمع المفتوح يمنع الغرور الذي يصيب القائد أنه الرجل الملهم، وما على الناس إلا المشي في ركابه، لأن المساءلة شرط صحة للمجتمع المفتوح.

المجتمع المفتوح هو الذي يصرخ فيه كل واحد بلا زمزمة ولا خوف ولا ريبة: " إنها صفية".
المجتمع المفتوح، وهو المجتمع الإسلامي الذي يصل فيه العرفاء الصادقون، والعلماء الربانيون، وبالتالي وجودهم يمنع طغيان الإمارة والقائد.

قد تسكت الناس وقتاً ما، لمعرفتهم بصعوبة الحال، وضرورة الخروج من الأزمات، لكن من رأى مسيرة الأمم، وتاريخ القيادة علم أن ضريبة المجتمع المفتوح أقل كلفة من الطغيان، والسرية، والخفاء، والتعامل مع الناس بفكر الطغاة: ( ما أريكم إلا ما أرى)، أو بوسائل جماعات المافيا، والتي هي كصندوق مغلق لا يطلع عليه إلا أهل السوء.

القائد الناجح هو الذي ينتبه لصفارات الإنذار في مجتمعه فيعالجها بالشرع والحكمة والعقل، وأما ترحيلها لأنها أصوات ضعيفة، ولا أهمية له، فهذا سيدفع الثمن غالياً.

وفي التاريخ عبرة.

عصر الأكاذيب والجهل:
تأملوا الدعاوى والمزايدات:
هذا قرأ كل ما كتبه أهل الإسلام قبل السنة خمسمئة من الهجرة!.
يا رجل والله كذبة كبيرة، ولا يكاد باب بيت الجمال يسعها.
وهذا قرأ ربع مليون مجلدة!.
هذا موطن قولهم" شي يترقع وشي والله ما يترقع"
وثالثهم يقول: صاحبنا قرأ مئة وعشرين ألف كتاب.
يصلح له قولهم: اجتمع ثلاثة رجال، واحد أعمى، والثاني أطرش، والثالث آصلع بلا شعر، فقال الآعمى:ها أنا من بعيد أرى زول خيالة قادمين، فقال الأطرش: وأنا آسمع صوتهم،فقال الأصلع: والله من كذبكم وقف شعر راسي.
قال العرب: ذروا الغزو إلا أن تبيعوا وتمعسوا.

يعيشون بعيدين عنا مئات الكيلومترات ويتكلمون كأنهم بيننا..
وآخرون يعيشون بيننا ويتكلمون كأنهم بعيدون عنا مئات الكيلومترات!!!
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء..

فيجب توقف حالة ( النرفزة) و( التشنج) و( الهذيان ) عندما يصرخ صارخ بكلام، سواء كان حقاً أو باطلاً،بل يجب توقف حالة الغضب أن عدونا عرف ( ذنوبنا)فالخصوم لا يحتاجون لشئ من هذا ليقاتلوك.
بعضهم يسارع للصراخ: انظروا الفساد، وانظروا الخراب!!
وبعضنا يصاب بهيجان من هذا الصراخ.
والحقيقة هي التالي: هذا شئ عادي.
وسيكون اليوم وغداً.
سنخطئ، وسيكون فينا ذنوب.
ولكن سنعالج ونمضي ونحافظ على كياننا.
أخطأ القائل، وليكن: سواء كان بالموضوع أو الأسلوب.
ليس في هذا شئ جديد، نتالم ، ونسمع ونعالج ونمضي..

الشيخ أبو قتادة الفلسطيني

@manthoraat

"سنبقى نأمر بالمعروف، ونحبه، ونتقبله، وسنبقى ننبه المصلح: قل كلمتك بحق، واصدق فيها، واتق الله، وسدد وقارب.
استووا ولا تجعلوا فرجاً للشيطان بينكم."
_ الشيخ أبو قتادة الفلسطيني _

"يجب أن نتعلم الحياة مع الخضات، والأخطاء، والنوازل، لأنها هي كذلك، ولا خيار آخر إلا بالموت، أو الطغيان وتكميم الأفواه وملء السجون، وهذا سبيل الظلم والهلاك."
_ الشيخ أبو قتادة الفلسطيني _

سيرة النبي صلى الله عليه وسلم دالة على تحمل الخضات الكبرى، سواء ما تعلق منها بالدعاية أو ما تعلق بالفتن، ففتنة الإفك الكبرى، والتي وجهت إلى عرضه الشريف صلى الله عليه وسلم، وعاش معها أياماً عصيبة عظيمة، وثقيلة جداً على نفسه،فتعامل معها بصبر وحكمة، مع شدة الألم حتى قضاها الله تعالى بآيات تتلى إلى يوم القيامة.
فتنة سبب نزول قوله تعالى( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة آكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردونكم عن دينكم إن استطاعوا)وذلك في قتل ابن الحضرمي في الشهر الحرام، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقاتل في الآشهر الحرم،فعملت الدعاية من قريش أشد الهجوم الكلامي لإسقاط المسلمين وقيمهم الأخلاقية.
وغير من ذلك من الحوادث الكبرى والتي هزت المجتمع الإسلامي، كهزيمة أحد، كلها تدل على المجتمع المفتوح لحياة الصحابة، ونقول المجتمع المفتوح لأنه حقيقة وجودية،يتم فيه التعامل مع الحوادث القدرية بخلق الإسلام وأحكامه، ولا تزيد هذه الحالات الخاضة هذا المجتمع إلا صلابة.
طريقة البعض في إسقاط التجمع المسلم لحصول الخطأ والذنب وللمعصية طريقة لا وجود لها في الأمم الأخرى، فقط يمارسها بعضنا، لبناء بدائل هي في ذاتها بشرية تماماً، وسيقع منها الخطأ كذلك.
البعض يستغل المجتمع المفتوح في البيئة المسلمة لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل تصفية حسابات خصوم وآعداء، وهؤلاء قدر كل الأمم والشعوب، وخاصة الأمة الإسلامية، فيجب توقف حالة ( النرفزة) و( التشنج) و( الهذيان ) عندما يصرخ صارخ بكلام، سواء كان حقاً أو باطلاً،بل يجب توقف حالة الغضب أن عدونا عرف ( ذنوبنا)فالخصوم لا يحتاجون لشئ من هذا ليقاتلوك.
بعضهم يسارع للصراخ: انظروا الفساد، وانظروا الخراب!!
وبعضنا يصاب بهيجان من هذا الصراخ.
والحقيقة هي التالي: هذا شئ عادي.
وسيكون اليوم وغداً.
سنخطئ، وسيكون فينا ذنوب.
ولكن سنعالج ونمضي ونحافظ على كياننا.
أخطأ القائل، وليكن: سواء كان بالموضوع أو الأسلوب.
ليس في هذا شئ جديد، نتالم ، ونسمع ونعالج ونمضي.
نصر على وجود المجتمع المفتوح، حتى لو افترى القائل فيه، ونصر على المجتمع المفتوح حتى لو جد المنافقين فيه، لأن المجتمع المفتوح هو قدرنا بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،حتى لو أخطأ البعض في استغلاله.
يجب أن نتعلم الحياة مع الخضات، والأخطاء، والنوازل، لأنها هي كذلك، ولا خيار آخر إلا بالموت، أو الطغيان وتكميم الأفواه وملء السجون، وهذا سبيل الظلم والهلاك.
بعضهم يسارع بنشر كلام فيه شر،إما على جهة الفرح به، وإما على جهة التنبيه عليه، وكأن الجواب على ذلك: دمروا الكيان، وأقيموا بدلاً منه!!!
ومن خطئهم أن ما سيقوم أحسن.
الناس هم الناس، واليشر هم البشر، والطريق هو الإصلاح لا الدمار.
اصرخوا: عادي، وسنمضي،وسنصلح وسنبقى نأمر بالمعروف، ونحبه، ونتقبله، وستبقى ننبه المصلح: قل كلمتك بحق، واصدق فيها، واتق الله، وسدد وقارب.
استووا ولا تجعلوا فرجاً للشيطان بينكم.
نقطة آخر السطر.

الاعتراف بالخطيئة مع التوحيد إن كان متضمنًا للتوبة؛ أوجب المغفرة.

وإذا غفر الذنب زالت عقوبته، فإن المغفرة هي وقاية شر الذنب.

ومن الناس من يقول: الغفر: الستر، ويقول: إنما سمي المغفرة والغفار؛ لما فيه من معنى الستر.

وتفسير اسم الله الغفار.. بأنه الستار؛ وهذا تقصير في معنى الغفر

فإن المغفرة معناها.. وقاية شر الذنب بحيث لا يعاقب على الذنب، فمن غفر ذنبه لم يعاقب عليه.

وأما مجرد ستره فقد يعاقب عليه في الباطن، ومن عوقب على الذنب باطنًا أو ظاهرًا، فلم يغفر له.. وإنما يكون غفران الذنب إذا لم يعاقب عليه العقوبة المستحقة بالذنب.

وأما إذا ابتلى مع ذلك بما يكون سببًا في حقه لزيادة أجره؛ فهذا لا ينافي المغفرة.

ابن تيمية