قصص قصيرة عن الحياة الشاب البار بوالده
الحياة مليئة بألوان القصص وشتى أنواع الصراعات، مليئة بالخير والشر بالرضا والسخط، مليئة بكل المتناقضات، والناس يختارون لأنفسهم فإما شقي وإما سعيد، والإنسان عليه أن يحسن الاختيار لنفسه في أن يكون صالحًا ذا سيرة حسنة، لا يُسمع منه إلا الكلام الطيب ولا يُرَى إلا في الموضع الطيب، ولا يعرض نفسه لفتن الشبهات أو الشهوات، فالإنسان يموت وتبقى سيرته مدى الحياة، والحياة كما فيها الألم ففيها الفرح، وكما تزرع الحزن فإنها ترسم الابتسامة، وأنت عليك أن تكون من الذين يحبون الخير ويزرعون البسمة على شفاه الخلق، وقصتنا اليوم هي قصة رائعة ومثيرة جدًّا عن ولد بار بوالديه أدت بوالده الظروف حتى استدان وطالبه صاحب الدين بالمال ولم يكن عنده ما يكفي للسداد، وقام ابنه بفعل الكثير من أجل هذا السداد، فمع القصة.
كان هناك عجوز يقعد مع ولده في هدوء الليل البهيم، وخلال تجاذبهما معًا لأطراف الحديث وتناولهما في بعض الشؤون، إذا بالباب يطرق بعنف بصورة مفاجئة ارتاع لها الأب وولده، فهرع الولد ناحية الباب ليفتحه، فإذا بأحد الرجال الغرباء يدخل إلى المنزل بلا سلام ودون أن يصافح أحدًا، في اتجاهه نحو الرجل العجوز القاعد وهو يقول له: أنت عليك من الديون الشيء الكثير، فاتق الله وادفع ما عليك فقد نفد صبري عليك وأنت لا زلت لا تدفع وتماطل في دفع ما عليك من ديون أيها العجوز، فادفع وإلا عرفت كيف أؤدبك. فجزع الشاب حين رأى هذا المشهد الذي جرى مع والده، وانهمرت الدموع تتقاطر من جوانب عينيه، والألم يخرق قلبه خرقًا شديدًا، وقال للرجل: يا هذا، كم على أبي من ديون؟
فأجابه الرجل عليه: مئة ألف ريال، فقال له الشاب: إذن فاترك أبي وأنا أقوم بسداد المبلغ إن شاء الله، وقام الشاب في اتجاه غرفته وقام بإحضار المال للرجل، فقد كان يملك ثلاثين ألف ريال، كان يقتصها من رواتبه كل شهر، فهي حصيلة سنين عددًا، وكان يوفرها هذا الشاب ليوم زواجه الذي كان يريده ويؤجلها له بفارغ صبره، غير أنه فضَّل أن يقوم بسدِّ ما على والده من ديون، ويفرِّج هذه الكربة أولًا، فهو يحب أن يكون بارًّا بوالده معتنيًا به، وهكذا كانت عادته منذ وُلِدَ، وكان والده يحبه حبًّا شديدًا، دخل الشاب على الرجل وقال له: تلك أولى دفعات أبي وإن شاء الله نقوم بسداد الباقي قريبًا، ولما رأى العجوز هذا الموقف أثر فيه تأثيرًا عظيمًا وانهمرت دموعه من بين جوانب عينيه وتألم لما رأى من مشهد ابنه الذي كان يوفر أمواله للزواج وهو يدفعها لكي يسد دينه، وأخذ العجوز يلح على الرجل في أن يترك لابنه هذا المال ويرده عليه فهو في حاجة شديدة وماسة إليه، وهو لا ذنب له في هذا الأمر.
غير أن الرجل رفض بشدة هذا الطلب وأخذ المال، وطلب الشاب من الرجل ألا يرجع المال وأن يطالبه هو بالدين ولا يتعرض لأبيه بأي كلام بعد ذلك، ثم رجع الشاب إلى والده وأخذ يقبِّله بين عينيه وهو يقول: يا أبت، أنت ذا قدر كبير أكبر من ذلك المبلغ، فهذا المال لا يقارن بمحبتي لك، وكل شيء عسى الله أن يأتي به في ميعاده الذي أجَّله لوقته، وقتها قام الشيخ يقبِّل جبين ولده يحتضنه وهو يجهش بالبكاء وهو يقول: بارك الله فيك يا ولدي وسدَّد مسعاك ورزقك من كل خير ومعروف.
في صبيحة اليوم التالي وحين كان الشاب مشدودًا في وظيفته وعليه غاية التعب والإرهاق، زاره صديق من أصدقائه القدامى الذين لم يجمع بينهم الدهر منذ مدة بعيدة، وبعد الكثير من السلام والعتاب قال له صديقه ذلك: يا صاحبي، لقد كنت ليلة أمس مع أحد كبار رجال الأعمال في البلاد، وقد أراد مني أن أبحث له عن أحد الأمناء أصحاب الأخلاق العالية والصفات الحسنة، يتميز بالصدق والإخلاص في العمل، وعنده طموح كبير في الارتقاء بأداء وظيفته، ولم أر فيمن أعرفه من الأصدقاء غيرك كفئًا وأهلًا لهذا المنصب وقد اخترتك ورشحتك لهذا المنصب.
فاختر لنفسك هل تحب أن تعمل معنا وتقوم بتقديم استقالتك؛ لنقوم بالذهاب إلى ذلك الرجل وتقوم بمقابلته بنفسك فهو يريد أن يراك منذ حكيت له عنك وعن اجتهادك وأخلاقك وصفاتك الحسنة الطموحة، فأسفر وجه الشاب بالبشر والبهجة والسرور، وغمره الفرح إلى درجة شديدة جعلت صاحبه يعجب من هذا الأمر، وقال الشاب: إن تلك هي دعوة أبي لي ليلة أمس، وقد استجاب الله لدعوته، فالحمد لله على إنعامه وعطائه وفضله الجزيل، وله جزيل الشكر على ما أنعم به علي وما أولاني به من الرحمة.
وفي مساء ذلك اليوم كان هناك الموعد بين الشاب ورجل الأعمال، ولما تقابلا ارتاح بعضهما لبعض كثيرًا، وكان رجل الأعمال مهذبًا خلوقًا صاحب صفات حسنة وسأله عن رابته فقال له: أقبض ثلاثة آلاف ريال، فقال له رجل الأعمال: اذهب منذ الآن وقم بتقديم استقالتك واعتبر نفسك من الآن تقبض خمسة عشر ألف ريال مع صرف سيارة أحدث طراز لك مع بدلات سكن وعمولات تصل إلى نسب كبيرة جدًّا، فلما سمع الشاب كلام الرجل أجهش بالبكاء وانتحب نحيبًا طويلًا وهو يقول: صدقت دعوتك يا أبي، صدقتك دعوتك يا أبي،
الحياة مليئة بألوان القصص وشتى أنواع الصراعات، مليئة بالخير والشر بالرضا والسخط، مليئة بكل المتناقضات، والناس يختارون لأنفسهم فإما شقي وإما سعيد، والإنسان عليه أن يحسن الاختيار لنفسه في أن يكون صالحًا ذا سيرة حسنة، لا يُسمع منه إلا الكلام الطيب ولا يُرَى إلا في الموضع الطيب، ولا يعرض نفسه لفتن الشبهات أو الشهوات، فالإنسان يموت وتبقى سيرته مدى الحياة، والحياة كما فيها الألم ففيها الفرح، وكما تزرع الحزن فإنها ترسم الابتسامة، وأنت عليك أن تكون من الذين يحبون الخير ويزرعون البسمة على شفاه الخلق، وقصتنا اليوم هي قصة رائعة ومثيرة جدًّا عن ولد بار بوالديه أدت بوالده الظروف حتى استدان وطالبه صاحب الدين بالمال ولم يكن عنده ما يكفي للسداد، وقام ابنه بفعل الكثير من أجل هذا السداد، فمع القصة.
كان هناك عجوز يقعد مع ولده في هدوء الليل البهيم، وخلال تجاذبهما معًا لأطراف الحديث وتناولهما في بعض الشؤون، إذا بالباب يطرق بعنف بصورة مفاجئة ارتاع لها الأب وولده، فهرع الولد ناحية الباب ليفتحه، فإذا بأحد الرجال الغرباء يدخل إلى المنزل بلا سلام ودون أن يصافح أحدًا، في اتجاهه نحو الرجل العجوز القاعد وهو يقول له: أنت عليك من الديون الشيء الكثير، فاتق الله وادفع ما عليك فقد نفد صبري عليك وأنت لا زلت لا تدفع وتماطل في دفع ما عليك من ديون أيها العجوز، فادفع وإلا عرفت كيف أؤدبك. فجزع الشاب حين رأى هذا المشهد الذي جرى مع والده، وانهمرت الدموع تتقاطر من جوانب عينيه، والألم يخرق قلبه خرقًا شديدًا، وقال للرجل: يا هذا، كم على أبي من ديون؟
فأجابه الرجل عليه: مئة ألف ريال، فقال له الشاب: إذن فاترك أبي وأنا أقوم بسداد المبلغ إن شاء الله، وقام الشاب في اتجاه غرفته وقام بإحضار المال للرجل، فقد كان يملك ثلاثين ألف ريال، كان يقتصها من رواتبه كل شهر، فهي حصيلة سنين عددًا، وكان يوفرها هذا الشاب ليوم زواجه الذي كان يريده ويؤجلها له بفارغ صبره، غير أنه فضَّل أن يقوم بسدِّ ما على والده من ديون، ويفرِّج هذه الكربة أولًا، فهو يحب أن يكون بارًّا بوالده معتنيًا به، وهكذا كانت عادته منذ وُلِدَ، وكان والده يحبه حبًّا شديدًا، دخل الشاب على الرجل وقال له: تلك أولى دفعات أبي وإن شاء الله نقوم بسداد الباقي قريبًا، ولما رأى العجوز هذا الموقف أثر فيه تأثيرًا عظيمًا وانهمرت دموعه من بين جوانب عينيه وتألم لما رأى من مشهد ابنه الذي كان يوفر أمواله للزواج وهو يدفعها لكي يسد دينه، وأخذ العجوز يلح على الرجل في أن يترك لابنه هذا المال ويرده عليه فهو في حاجة شديدة وماسة إليه، وهو لا ذنب له في هذا الأمر.
غير أن الرجل رفض بشدة هذا الطلب وأخذ المال، وطلب الشاب من الرجل ألا يرجع المال وأن يطالبه هو بالدين ولا يتعرض لأبيه بأي كلام بعد ذلك، ثم رجع الشاب إلى والده وأخذ يقبِّله بين عينيه وهو يقول: يا أبت، أنت ذا قدر كبير أكبر من ذلك المبلغ، فهذا المال لا يقارن بمحبتي لك، وكل شيء عسى الله أن يأتي به في ميعاده الذي أجَّله لوقته، وقتها قام الشيخ يقبِّل جبين ولده يحتضنه وهو يجهش بالبكاء وهو يقول: بارك الله فيك يا ولدي وسدَّد مسعاك ورزقك من كل خير ومعروف.
في صبيحة اليوم التالي وحين كان الشاب مشدودًا في وظيفته وعليه غاية التعب والإرهاق، زاره صديق من أصدقائه القدامى الذين لم يجمع بينهم الدهر منذ مدة بعيدة، وبعد الكثير من السلام والعتاب قال له صديقه ذلك: يا صاحبي، لقد كنت ليلة أمس مع أحد كبار رجال الأعمال في البلاد، وقد أراد مني أن أبحث له عن أحد الأمناء أصحاب الأخلاق العالية والصفات الحسنة، يتميز بالصدق والإخلاص في العمل، وعنده طموح كبير في الارتقاء بأداء وظيفته، ولم أر فيمن أعرفه من الأصدقاء غيرك كفئًا وأهلًا لهذا المنصب وقد اخترتك ورشحتك لهذا المنصب.
فاختر لنفسك هل تحب أن تعمل معنا وتقوم بتقديم استقالتك؛ لنقوم بالذهاب إلى ذلك الرجل وتقوم بمقابلته بنفسك فهو يريد أن يراك منذ حكيت له عنك وعن اجتهادك وأخلاقك وصفاتك الحسنة الطموحة، فأسفر وجه الشاب بالبشر والبهجة والسرور، وغمره الفرح إلى درجة شديدة جعلت صاحبه يعجب من هذا الأمر، وقال الشاب: إن تلك هي دعوة أبي لي ليلة أمس، وقد استجاب الله لدعوته، فالحمد لله على إنعامه وعطائه وفضله الجزيل، وله جزيل الشكر على ما أنعم به علي وما أولاني به من الرحمة.
وفي مساء ذلك اليوم كان هناك الموعد بين الشاب ورجل الأعمال، ولما تقابلا ارتاح بعضهما لبعض كثيرًا، وكان رجل الأعمال مهذبًا خلوقًا صاحب صفات حسنة وسأله عن رابته فقال له: أقبض ثلاثة آلاف ريال، فقال له رجل الأعمال: اذهب منذ الآن وقم بتقديم استقالتك واعتبر نفسك من الآن تقبض خمسة عشر ألف ريال مع صرف سيارة أحدث طراز لك مع بدلات سكن وعمولات تصل إلى نسب كبيرة جدًّا، فلما سمع الشاب كلام الرجل أجهش بالبكاء وانتحب نحيبًا طويلًا وهو يقول: صدقت دعوتك يا أبي، صدقتك دعوتك يا أبي،