مرّةً أخرى، ثمّ مرّةً أخرى، ثمّ مرّةً أخرى، أحبُّ أن يعلم من لم يكن يعلم، أنّي امرؤٌ لا تُرهبُه بوارق الوعيد، ولا تثنيه لوائح التّهديد، ولا تهولُه ألفاظٌ محفوظةٌ تلوكها الأقلام الذّاهلة، وتمضغها الأفواه المتلمّظة. وأنّي مذ خفتُ الله وحده، لم أطوِ قلباً على مخافة أحدٍ من عباده، وأنّي مذ فرغتُ من أن أُشرك بالله أحداً، لم ترُعني كلمةٌ أوصف بها سوى الشّرك بالله. وكلُّ صفةٍ بعد هذه، فمصيرها عندي ما قال زيادٌ في خطبته البتراء: (أن أجعلها دَبر أذني وتحت قدمي)، إلّا أن أكون مبطلاً في قولٍ أو فعلٍ، فعندئذٍ أؤوب إلى الحقّ صاغراً خاضع العنق، لا تأخذني دون ذلك عزّةٌ بالإثم، ولا يمنعني منه حياءٌ أو كبرٌ أن أُقرَّ علانيةً بخطأ كان منّي، أو زللٍ تردّيتُ فيه.
العلّامة محمود محمّد شاكر
العلّامة محمود محمّد شاكر