الــفَـــوائــدُ الــعِــلــمـــيَّــة

العاقل من طلبة العلم

هو الذي يتَرَفَّع عن النزول إلى ساحة السجالات التي يتصدر مشهدها حظّ النفس والانتصار لها، وينأى بنفسه عن المعارك العقيمة التي تُشغِل بلا نفع وتؤخر الإنجازات.

واضح أن المحاضرة التي ألقاها هذا المدعو عيسى عبدالوهاب كانت مضيعة للوقت من البداية إلى النهاية.
على الرغم من طول المحاضرة التي امتدت لساعات، إلا أنها كانت فارغة من أي محتوى علمي أو فهم صحيح لمسألة التشريع. بدلاً من تقديم أدلة شرعية رصينة، قضى وقته في ثرثرة مكررة وتلفيق اتهامات، أظهرت جهلًا واضحًا بأصول العقيدة وبمنهج أهل السنة والجماعة.

كنتُ أظن، على الأقل، أن لديه شيئًا من العلم في هذه المسألة، لكنه خيب الظن تمامًا. لو علمت مسبقًا أنه بهذا المستوى من السطحية وسوء الفهم، لما أضعت وقتي معه أصلاً.

فالمحاضرة لم تقدم تعريفًا واضحًا للتشريع، ولم تناقش أبعاده الشرعية بشكل جاد. بل انشغل بتشويش المفاهيم وخلط المسائل، إلى درجة أنه لم يفرق بين التشريع كحق خالص لله، وبين مسائل ترك الحكم بما أنزل الله جزئيًا، وكأنه لا يدرك الفرق بين المسألتين.

جزء من طوامه ومغالطاته العجيبة:

1. إنكاره أن التشريع حق خالص لله:

ادعى أن التشريع ليس حقًا خالصا لله، وأن سن القوانين من دون الله ليس كفرًا. هذا القول يُعد خروجًا عن أصول الدين وخرق لإجماع المسلمين، ولم يقل أحد من علماء الإسلام، سواء من أهل السنة أو حتى أهل البدع، بمثل هذا القول. حتى الرافضة، الذين عرفوا بمخالفاتهم العقدية، يُسلمون بأن التشريع حق لله، وإن خلطوا في التطبيق.

2. اتهام علماء السنة بأنهم وافقوا مذهب الخوارج:

تجاوز في تهجمه إلى وصف علماء أهل السنة والجماعة الذين صدعوا بأن التشريع حق خالص لله – مثل الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وغيرهم – بأنهم وافقوا مذهب الخوارج. وهذا افتراءٌ عظيم، حيث إن هؤلاء العلماء إنما اتبعوا الكتاب والسنة وأقوال السلف، وأكدوا أن من نازع الله في حقه بالتشريع فقد أشرك بالله شركًا أكبر.

3.خلطه بين التشريع العام وترك الحكم الجزئي:

بعد حديث طويل وضياع للوقت، لم يُفرق هذا الجاهل بين التشريع العام الذي ينازع حق الله في الحاكمية، وبين ترك الحكم بما أنزل الله في مسألة جزئية. وظل يدندن حول ترك الحكم دون إدراك الفرق بين المسألتين.

4. ادعاؤه أن الديمقراطية ليست كفرا:

عندما سئل عن الديمقراطية والعلمانية، أتى بتناقض غريب، حيث زعم أن العلمانية كفر، لكنه رفض وصف الديمقراطية بالكفر، وكأن الديمقراطية ليست نتاجًا مباشرًا للعلمانية!

المحاضرة أظهرت:

1. ضعف علمي واضح: لم يقدم أي تعريف علمي أو تأصيل شرعي لمسألة التشريع.

2. خلط للأمور: حديثه ركز على الجزئيات بدل التركيز بالموضوع الأساسي، وكأن التشريع عنده يعني ترك الحكم في بعض الحالات الجزئية.

3. جهل بالدليل الشرعي: استغرق ساعتين ونصف في كلام مرسل بلا أي استدلال واضح من الكتاب أو السنة.

الخاتمة:

ما أتى به المدعو عيسى عبدالوهاب في محاضرته الأخيرة ليس إلا سلسلة من الطوام والمغالطات التي لم يُسبق إليها أحد ممن ينتسبون إلى الإسلام، حتى من الروافض الذين اشتهروا بالمخالفات الكبرى.

تهجمه على علماء السنة وتسفيههم، واتهامهم بموافقة الخوارج، يكشف عن حقد دفين، وعجز عن مجاراة الحق، واستسهال الخوض في ما لا يحسن. هذا الشخص وأمثاله يمثلون خطرًا على العامة، لأنهم يخلطون الحق بالباطل، ويزينون الباطل بالكلام الطويل الفارغ.

اللهم احفظنا من أهل الجهل والتدليس، وارزقنا العلم النافع والعمل الصالح، وثبتنا على الحق حتى نلقاك.