باب فرائض الوضوء
س)- هل التسمية من فرائض الوضوء؟
أقوى ما ورد فيها حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : "لا صلاة لمن لا وضؤ له ، ولا وضؤ لمن لم يذكر اسم الله عليه" . له ثلاثة طرق وشواهد كثيرة أشرت إليها في "صحيح سنن أبي داود" ، ولا دليل يقتضي الخروج عن ظاهره إلى القول بأن الأمر فيه للاستحباب فقط ، فثبت الوجوب ، وهو مذهب الظاهرية ، وإسحاق ، وإحدى الروايتين عن أحمد ، واختاره صديق خان ، والشوكاني ، وهو الحق إن شاء الله تعالى ، وراجع له "السيل الجرار". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.
س)- هل المضمضة والاستنشاق من سنن الوضوء ام من فرائضه؟
قال الشوكاني في "السيل الجرار" : "أقول : القول بالوجوب هو الحق ، لأن الله سبحانه قد أمر في كتابه العزيز بغسل الوجه ، ومحل المضمضة والاستنشاق من جملة الوجه . وقد ثبت مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك في كل وضوء ، ورواه جميع من روى وضوءه صلى الله عليه وسلم وبين صفته ، فأفاد ذلك أن غسل الوجه المأمور به في القرآن هو مع المضمضة والاستنشاق . وأيضا قد ورد الامر بالاستنشاق والاستنثار في أحاديث صحيحة . . ." . ثم ذكر حديث لقيط بن صبرة .انتهى كلام الالباني من تمام المنة.
س)- هل يجب تحريك الخاتم عند الوضوء؟
تحريك الخاتم لا بد منه إذا كان ضيقا. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.
س)- مسح الأذنين هل هو فرض أم سنة؟و هل يكفي في مسح الأذنين ماء الرأس أم لا بد لذلك من ماء جديد ؟
قوله صلى الله عليه وسلم (الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ) ، يدل على مسألتين من مسائل الفقه , اختلفت أنظار العلماء فيهما:
أما المسألة الأول , فهي أن مسح الأذنين هل هو فرض أم سنة؟
ذهب إلى الأول الحنابلة , وحجتهم هذا الحديث , فإنه صريح في إلحاقهما بالرأس , وما ذلك إلا لبيان أن حكمهما في المسح كحكم الرأس فيه.
وذهب الجمهور إلى أن مسحهما سنة فقط , كما في (الفقه على المذاهب الأربعة), ولم نجد لهم حجة يجوز التمسك بها في مخالفة هذا الحديث إلا قول النووي في (المجموع): (إنه ضعيف من جميع طرقه).
وإذا علمت أن الأمر ليس كذلك , وأن بعض طرقه صحيح , لم يطلع عليه النووي , وبعضها الآخر صحيح لغيره , استطعت أن تعرف ضعف هذه الحجة , ووجوب التمسك بما دل عليه الحديث من وجوب مسح الأذنين , وأنهما في ذلك كالرأس , وحسبك قدوة في هذا المذهب إمام السنة أبو عبدالله أحمد بن حنبل , وسلفه في ذلك جماعة من الصحابة , وقد عزاه النووي إلى الأكثرين من السلف.
وأما المسألة الأخرى , فهي : هل يكفي في مسح الأذنين ماء الرأس أم لا بد لذلك من جديد؟ ذهب إلى الأول الأئمة الثلاثة , كما نص في (فيض القدير) للمناوي , فقال في شرح الحديث (الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ : لا من الوجه , ولا مستقلتان , يعني فلا حاجة إلى أخذ ماء جديد منفرد لهما غير ماء الرأس في الوضوء , بل يجزئ مسحهما ببلل ماء الرأس , وإلا لكان بياناً للخلقة فقط , والمصطفى صلى الله عليه وسلم لم يبعث لذلك , وبه قال الأئمة الثلاثة).
وخالف في ذلك الشافعية , فذهبوا إلى أنه يسن تجديد الماء للإذنين ومسحهما على الانفراد , ولا يجب , واحتج النووي لهم بحديث عبدلله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذ لرأسه.
قال النووي في (المجموع) (حديث حسن , رواه البيهقي , وقال : إسناده صحيح).
وقال في مكان آخر (وهو حديث صحيح كما سبق بيانه قريباً , فهذا صريح في أنهما ليستا من الرأس , إذ لو كانتا منه , لما أخذ لهما ماء جديداً كسائر أجزاء الجسد , وهو صريح في أخذ ماء جديد).
قلت : ولا حجة فيه على ماقالوا , إذ غاية ما فيه مشروعية أخذ الماء لهما , وهذا لا ينافي جواز الاكتفاء بما الرأس , كما دل عليه هذا الحديث , فاتفقا ولم يتعارضا , ويؤيد ما ذكرت أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم : (أنه مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ) رواه ابوداود بسند حسن كما بينته في صحيح سننه , وهذا كله يقال على فرض التسليم بصحة حديث عبدالله بن زيد , ولكنه غير ثابت , بل هو شاذ كما ذكرت في (صحيح سنن أبي داود) , وبينته في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) (997).
وجملة القول : فإن أسعد الناس بهذا الحديث من بين الأئمة الأربعة أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين , فقد أخذ بما دل عليه الحديث في المسألتين , ولم يأخذ به في الواحدة دون الأخرى كما صنع غيره. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم36.