النيابة عن صاحبه أرواحناه فداه وصلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين فاندرج في أتباع الظالمين الاوّلين)).
وبذلك يُعرف أنّه لا ينبغي أن يغترّ المرء بحضور عدد ولو غير قليل من الطلاب مجلس درسه وإن كان فيهم بعض الأذكياء فيتوهّم أنّه بلغ رتبة عالية من العلم، ولا سيّما أنّ دواعي الحضور متنوعة ولا تنحصر في الاعتقاد بأهلية المدرّس كما هو واضح.
ثالثاً: تجنّب الترويج لمَن يتصدّى لموقع علمي من تدريس أو غيره إلا بعد التأكد من أهليته لذلك، وإلا فلا مسوّغ له وأكتفي بذكر نحوين منه:
النحو الأول: إطلاق ألقاب علمية عالية كعنوان (آية الله) على جملة ممّن لديهم حلقات بحث الخارج، كما يُشاهد ذلك في العديد من قنوات الحوزويين على شبكة الانترنيت، مع أنّ هذا العنوان إنما ينبغي أن يطلق على مَن هو مسلّم الاجتهاد والفقاهة عند أهل الخبرة، وهو قليل جداً في هذه الأزمنة، ولا يصحّ أن يطلق على غيره وإن كان فاضلاً محترماً ومبلّغاً بارعاً، نعم للضرورة أحكامها ولكنّها لا تتمثّل في شيء من الموارد المشار إليها.
وبتعبير آخر لا ينبغي الخلط بين مقامين :
الأول: مقام العالم الفقيه القادر على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها المعروفة، بتمكّنه التامّ من أدواته وهي متنوعة ولا تنال بسهولة ـــ ومن أهمها علم الأصول والحديث والدراية والعلوم الأدبية ونحوها ـــ مع ممارسة معمّقة في هذا المجال والتحلّي باستقامة النظر في مرحلة تفريع الفروع على الأصول.
الثاني: مقام غيره من أهل الفضل، وقد يمتلك براعة في مخاطبة الجمهور وتثقيفهم وتوعيتهم، وهو عمل في غاية الأهمية ولكن لا يصح أن يسند المقام الأول إلى صاحبها إن لم تكن له مقوماته ولو كان له بعض الإلمام بها.
وبالجملة: لا يكفي أن تكون للشخص حلقة للبحث الخارج لكي يُتعامل معه معاملة المجتهد الفقيه ويطلق عليه لقب (آية الله)، ولا سيّما مع ما هو المعلوم من أنّه وفقاً للنظام التعليمي الحرّ والمتوارث للحوزات العلمية لا توجد جهة فاعلة في الحوزة العلمية في النجف الأشرف تقوم بالتحكّم في إقامة دروس الخارج، ولذلك يلاحظ أنّ العديد من غير الكفوئين يتصدّون لها من دون رادعٍ أو مانع، فلا بدّ من الحذر التامّ بهذا الشأن.
ومن المؤسف ما نطلع عليه في الوسط الحوزوي من كتب مؤلّفة ودروس منشورة لأشخاص يلقبون بهذا اللقب (آية الله) مع أنّ تلك الكتب أو الدروس فاقدة لنصاب الاجتهاد بوضوح، بل فيها ما هو خارج الموازين العلمية تماماً، والسبيل الأنجع لعلاج مثل هذه من الظواهر غير الصحيحة هو الارتقاء بالمستوى العلمي للطلاب بصورة عامة حتى لا يجد مَن لا تحصيل له مجالاً للبروز في أوساطهم ولا أقلّ من أن يكونوا قادرين على تشخيص من ينبغي الاعتماد عليه من الفضلاء والطلاب النابهين في تمييز العالم الحقيقي عن غيره.
حكى لي سيدي الأستاذ الوالد (دامت بركاته) عن أستاذه المحقق الشيخ حسين الحلّي (رضوان الله عليه) أنّه كان يقول: ((من مزايا حوزة النجف أنها تُجلس كلّ شخص في المكان الذي يليق به))، وكان مقصوده (قدس سره) أنّه ربّما يحاول البعض أن يتقدّم ويحتل موقعاً من المواقع الحوزوية كالمرجعية والتدريس وإمامة الجماعة ونحوها وهو ليس أهلاً له فإنّ الحوزة لا تسمح له بذلك بل تُرجعه إلى حيث يناسبه، وكان هذا في أيام تزخر الحوزة بعشرات المجتهدين ومئات الفضلاء الذين لا يمكن مع وجودهم أن ينخدع أحد ببعض المظاهر الزائفة، وأصبحنا وللأسف في زمن يُطلق فيه العديد ممّن لا تحصيل لهم دعاوى فارغة وينخدع بهم البعض قلّوا أو كثروا.
النحو الثاني: الحضور في دروس غير المؤهلين فإنّه يعدّ ضرباً من الترويج لهم، ولا مبرّر له شرعاً حتى مع افتراض عدم خلوّه من بعض الاستفادة منهم، ولا ينبغي التساهل في هذا الأمر، ولو كان المدرّس يجهل عدم أهليته للتدريس فإنّ في الحضور لديه مسؤولية مضاعفة من حيث إغراؤه بالجهل.
ومن أسوأ الأمور وأقبحها وأضرّها ما إذا كان الحضور لنيل بعض المزايا المادية من مالية أو غيرها تُمنح للحضور، ولا تبرّره الحاجة في حال من الأحوال، وكان هذا الأمر في عُرف الحوزة العلمية في النجف الأشرف في أيام مجدها منقصةً شديدةً للدافِع وللآخِذ ويُسقط كليهما عن الاعتبار، وينبغي أن يكون كذلك.
إنّ الهدف من الحضور في أيّ درس يجب أن يتمحّض في الاستفادة منه، ومَن لا يستفيد من درس (ولو لسبب شخصي) لا ينبغي أن يحضر فيه، وتكثير السواد ليس مبرّراً لذلك.
نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسأله تعالى أن يوفقنا لِما فيه خير دنيانا وآخرتنا إنّه ولي التوفيق، وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين...
وبذلك يُعرف أنّه لا ينبغي أن يغترّ المرء بحضور عدد ولو غير قليل من الطلاب مجلس درسه وإن كان فيهم بعض الأذكياء فيتوهّم أنّه بلغ رتبة عالية من العلم، ولا سيّما أنّ دواعي الحضور متنوعة ولا تنحصر في الاعتقاد بأهلية المدرّس كما هو واضح.
ثالثاً: تجنّب الترويج لمَن يتصدّى لموقع علمي من تدريس أو غيره إلا بعد التأكد من أهليته لذلك، وإلا فلا مسوّغ له وأكتفي بذكر نحوين منه:
النحو الأول: إطلاق ألقاب علمية عالية كعنوان (آية الله) على جملة ممّن لديهم حلقات بحث الخارج، كما يُشاهد ذلك في العديد من قنوات الحوزويين على شبكة الانترنيت، مع أنّ هذا العنوان إنما ينبغي أن يطلق على مَن هو مسلّم الاجتهاد والفقاهة عند أهل الخبرة، وهو قليل جداً في هذه الأزمنة، ولا يصحّ أن يطلق على غيره وإن كان فاضلاً محترماً ومبلّغاً بارعاً، نعم للضرورة أحكامها ولكنّها لا تتمثّل في شيء من الموارد المشار إليها.
وبتعبير آخر لا ينبغي الخلط بين مقامين :
الأول: مقام العالم الفقيه القادر على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها المعروفة، بتمكّنه التامّ من أدواته وهي متنوعة ولا تنال بسهولة ـــ ومن أهمها علم الأصول والحديث والدراية والعلوم الأدبية ونحوها ـــ مع ممارسة معمّقة في هذا المجال والتحلّي باستقامة النظر في مرحلة تفريع الفروع على الأصول.
الثاني: مقام غيره من أهل الفضل، وقد يمتلك براعة في مخاطبة الجمهور وتثقيفهم وتوعيتهم، وهو عمل في غاية الأهمية ولكن لا يصح أن يسند المقام الأول إلى صاحبها إن لم تكن له مقوماته ولو كان له بعض الإلمام بها.
وبالجملة: لا يكفي أن تكون للشخص حلقة للبحث الخارج لكي يُتعامل معه معاملة المجتهد الفقيه ويطلق عليه لقب (آية الله)، ولا سيّما مع ما هو المعلوم من أنّه وفقاً للنظام التعليمي الحرّ والمتوارث للحوزات العلمية لا توجد جهة فاعلة في الحوزة العلمية في النجف الأشرف تقوم بالتحكّم في إقامة دروس الخارج، ولذلك يلاحظ أنّ العديد من غير الكفوئين يتصدّون لها من دون رادعٍ أو مانع، فلا بدّ من الحذر التامّ بهذا الشأن.
ومن المؤسف ما نطلع عليه في الوسط الحوزوي من كتب مؤلّفة ودروس منشورة لأشخاص يلقبون بهذا اللقب (آية الله) مع أنّ تلك الكتب أو الدروس فاقدة لنصاب الاجتهاد بوضوح، بل فيها ما هو خارج الموازين العلمية تماماً، والسبيل الأنجع لعلاج مثل هذه من الظواهر غير الصحيحة هو الارتقاء بالمستوى العلمي للطلاب بصورة عامة حتى لا يجد مَن لا تحصيل له مجالاً للبروز في أوساطهم ولا أقلّ من أن يكونوا قادرين على تشخيص من ينبغي الاعتماد عليه من الفضلاء والطلاب النابهين في تمييز العالم الحقيقي عن غيره.
حكى لي سيدي الأستاذ الوالد (دامت بركاته) عن أستاذه المحقق الشيخ حسين الحلّي (رضوان الله عليه) أنّه كان يقول: ((من مزايا حوزة النجف أنها تُجلس كلّ شخص في المكان الذي يليق به))، وكان مقصوده (قدس سره) أنّه ربّما يحاول البعض أن يتقدّم ويحتل موقعاً من المواقع الحوزوية كالمرجعية والتدريس وإمامة الجماعة ونحوها وهو ليس أهلاً له فإنّ الحوزة لا تسمح له بذلك بل تُرجعه إلى حيث يناسبه، وكان هذا في أيام تزخر الحوزة بعشرات المجتهدين ومئات الفضلاء الذين لا يمكن مع وجودهم أن ينخدع أحد ببعض المظاهر الزائفة، وأصبحنا وللأسف في زمن يُطلق فيه العديد ممّن لا تحصيل لهم دعاوى فارغة وينخدع بهم البعض قلّوا أو كثروا.
النحو الثاني: الحضور في دروس غير المؤهلين فإنّه يعدّ ضرباً من الترويج لهم، ولا مبرّر له شرعاً حتى مع افتراض عدم خلوّه من بعض الاستفادة منهم، ولا ينبغي التساهل في هذا الأمر، ولو كان المدرّس يجهل عدم أهليته للتدريس فإنّ في الحضور لديه مسؤولية مضاعفة من حيث إغراؤه بالجهل.
ومن أسوأ الأمور وأقبحها وأضرّها ما إذا كان الحضور لنيل بعض المزايا المادية من مالية أو غيرها تُمنح للحضور، ولا تبرّره الحاجة في حال من الأحوال، وكان هذا الأمر في عُرف الحوزة العلمية في النجف الأشرف في أيام مجدها منقصةً شديدةً للدافِع وللآخِذ ويُسقط كليهما عن الاعتبار، وينبغي أن يكون كذلك.
إنّ الهدف من الحضور في أيّ درس يجب أن يتمحّض في الاستفادة منه، ومَن لا يستفيد من درس (ولو لسبب شخصي) لا ينبغي أن يحضر فيه، وتكثير السواد ليس مبرّراً لذلك.
نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ونسأله تعالى أن يوفقنا لِما فيه خير دنيانا وآخرتنا إنّه ولي التوفيق، وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين...