مراجعة سريعة لوصية الإمام الرازي رحمه الله التي يُزعم أن الرازي فيها ينهى عن علم الكلام
أولا : يجب أن نذكر المباحث الكلامية التي نص عليها الرازي في وصيته
✴ علة حاجة المخلوق للخالق هي الإمكان والحدوث وهذا يفهم من قوله (بل كل ذلك من نتائج الحدوث والإمكان)
✴ أن العالم المشاهد يدل دلالة قطعية أن مدبره منزه عن
أ. عن التحيز وبالتالي التنزه عن التركيب الجسماني والجهة باللزوم القريب
ب. عن الأغراض وبالتالي موصوف بعموم تعلق الإرادة باللزوم القريب
✴ أن العالم المشاهد يدل دلالة قطعية أن مدبره
أ. موصوف بعموم تعلق القدرة
ب. موصوف بعموم تعلق العلم
والنقطتان السابقتان تفهمان من كلام الإمام الرازي (أن الذي نظرته في الكتب المعتبرة -أي كتبه الكلامية- أن هذا العالم المحسوس تحت تدبير مدبر منزه عن مماثلة المتحيزات والأغراض موصوف بكمال القدرة والعلم)
نكمل في المباحث الكلامية التي نص عليها الإمام الرازي في وصيته
✴ أن الدليل الكلامي ظاهر قاطع أن الله واجب الوجود .
-وبالتالي لمن له أدنى نظر في علم الكلام يعلم أن الدليل الكلامي ظاهر قاطع عند الرازي في أن الله قديم باق
✴ أن الدليل الكلامي ظاهر قاطع في أن الله لا قديم معه
✴ أن الدليل الكلامي ظاهر قاطع في أن الله الفاعل الوحيد في الكون
والنقاط الثلاثة السابقة تفهم من كلام الرازي (كلما ثبت بالدلائل الظاهرة من وجوب وجوده ووحدته وبراءته عن الشركاء في القدم و الأزلية والتدبير والفاعلية فذاك هو الذي أقول به)
🔍تقريبا الإمام الرازي لم يبق شيئا من علم الكلام الجليل إلا قاله وجعل الأدلة فيه ظاهرة فالذي ينهى عن هذه المباحث محتجا بوصية الرازي مجرم مفتري .
فلابد أن يكون ما ذكر الإمام الرازي من المباحث الكلامية والفلسفية التي سيأتي ذكرها لها معنى مخصوص لا يشمل المباحث السابقة
ثانيا : نناقش كلام الإمام الرازي المشكل في الوصية
قال الإمام (ولقد اختبرت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية) يقصد علم الكلام مع خلطه بمباحث الفلسفة (فما رأيت فيها فائدة تساوي الفائدة التي وجدتها في القرآن العظيم) لفهم هذه العبارة نقول ما هي فائدة المتوقعة من أدلة القرآن أو أدلة الكلام الفلسفي الجواب البسيط *الوصول لليقين* فإذن معنى العبارة أن أدلة قرآن أسرع في الإيصال إلى اليقين من أدلة الكلام الفلسفي ثم يعلل الإمام الرازي ذلك فيقول (لأنه يسعى في تسليم العظمة والجلال بالكلية لله تعالى ويمنع عن التعمق في إيراد المعارضات والمناقضات) إذن السبب الذي جعل أدلة القرآن توصل إلى اليقين أسرع من الكلام الفلسفي *الاكتفاء بالأدلة والتخلي عن إيرادالشبه على هذه الأدلة*
وأدلة القرآن شرحها الإمام الرازي في تفسيره وهي أدلة خالية عن إيراد الشبه وهي الممثلة بعلم الكلام الجلي الذي يورد الأدلة دون التعمق بالشُّبه
الخلاصة : الإمام الرازي يوصي أن الطريق للوصول لليقين يكون أسرع بأدلة القرآن الخالية عن إيردات الشبه أي يوصي بعلم الكلام الجلي لمن أراد أن يصل لليقين في أصول الدين
ثم لا مانع من التعمق في البحث الفلسفي الكلامي لمن أراد أن يتمكن من رد هذه الشبه