قناة التواصل بين طالبات العلم الشرعي

المقالة السادسة:
عرفنا من المقالة السابقة صفات الخوارج والصفة التي يمتازون بها ويعرف الخارجي أنه خارجي بها، ويحكم عليه بأنه خارجي بذلك، وهي أنهم يستبيحون دماء المسلمين بتكفيرهم بغير مكفر عند علماء السنة.
فما حكمهم وما الذي يجب على المسلمين تجاههم؟

أولا: من حيث الكفر والإسلام:
1- اختلف العلماء فيهم على قولين، الأول أنهم كفار باستباحتهم ما حرم الله، واستدلوا بنصوص، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم :"يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه"

2- أنهم مسلمون مبتدعون ضالون، وهذا قول أكثر علماء الإسلام وهو الصواب.
قال ابن تيمية رحمه الله: فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم وإنما تنازعوا في تكفيرهم على قولين مشهورين في مذهب مالك وأحمد وفي مذهب الشافعي أيضا نزاع في كفرهم. انتهى

ثانيا: من حيث القتل والقتال سواء كانوا مسلمين أو كفارا:
أما القتال فإذا خرجوا على المسلمين لقتلهم فاتفق علماء الإسلام على وجوب قتالهم.
وأما قتالهم قبل أن يقاتلوا فاختلف العلماء في ذلك على قولين البعض قال: يعاملون معاملة البغاة، لا يقاتلون إلا إذا قاتلوا.
والبعض الآخر قال: يقاتلون ويقتلون ويقضى عليهم على جميع الأحوال، وأعطاهم حكما خاصا بهم؛ وهذا القول هو الصواب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد "، وقوله : فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة" فشر هؤلاء وفسادهم لا ينتهي إلا بذلك، فهم حقيقة قنابل موقوتة تسير على الأرض، وفكر إذا عشش في القلب لا يكاد يخرج إلا أن يشاء الله.
لهذا كان سمرة بن جندب من أشد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، كان إذا أتي بواحد منهم قتله، قتل منهم جماعة .
ولكن هذا العمل لولاة الأمر لا لأي أحد من الناس، فلا يجوز لأي أحد أن يدعي على شخص بانه خارجي ويقتله، هذا الحكم خاص بولاة الأمر المسلمين. والله أعلم
قال ابن تيمية : فكلام علي وغيره في الخوارج يقتضي أنهم ليسوا كفارا كالمرتدين عن أصل الإسلام، وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد وغيره، وليسوا مع ذلك حكمهم كحكم أهل الجمل وصفين، بل هم نوع ثالث. وهذا أصح الأقوال الثلاثة فيهم.
وقال: وأهل السنة متفقون على ذم الخوارج الذين هم أشد بغضا له وعداوة من غيرهم. وأهل السنة متفقون على وجوب قتالهم. انتهى
وقال: وأهل السنة - ولله الحمد - متفقون على أنهم مبتدعة ضالون، وأنه يجب قتالهم بالنصوص الصحيحة، وأن أمير المؤمنين عليا - رضي الله عنه - كان من أفضل أعماله قتاله الخوارج.
وقد اتفقت الصحابة على قتالهم، ولا خلاف بين علماء السنة أنهم يقاتلون مع أئمة العدل، مثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لكن هل يقاتلون مع أئمة الجور؟ فنقل عن مالك أنهم لا يقاتلون، وكذلك قال فيمن نقض العهد من أهل الذمة: لا يقاتلون مع أئمة الجور، ونقل عنه أنه قال ذلك في الكفار، وهذا منقول عن مالك وبعض أصحابه، ونقل عنه خلاف ذلك، وهو قول الجمهور، وأكثر أصحابه خالفوه في ذلك، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، وقالوا: يغزى مع كل أمير برا كان أو فاجرا إذا كان الغزو الذي يفعله جائزا، فإذا قاتل الكفار أو المرتدين أو ناقضي العهد أو الخوارج قتالا مشروعا قوتل معه، وإن قاتل قتالا غير جائز لم يقاتل معه، فيعاون على البر والتقوى، ولا يعاون على الإثم والعدوان.
كتبه أبو الحسن علي الرملي
12/ رجب / 1441
7/ 3/ 2020