كلما سمعتَ الأخبار، وقرأت أسماء الشهداء، كل الذين تعرفهم، هذه إيمان، وهذا أحمد، وذاك الشيخ خالد، تسأل نفسك: من الذي بقي في غزة إذًا، يجيبك أهل غزة: "ضلّش حدا"، وهذه ليست مبالغة، فلكل إنسان في غزة قصة فقد متسلسل، فلم يبقِ له الموت أحدا، كل أولئك لهم دوائر مخضبة بالدماء.
..
رحلت قامات غزة، وناسها، ورموزها، وعلاماتها، شيخ الجامع وأستاذ الجامعة وصاحب البقالة وحادي الحيّ ومصور القناة ومهندس العمارة ومعلم الصف وبيّاع الحلوى وقائد الإسعاف ومقاتل الكتيبة، والبقية بعض من ذلك الكل الذي غادر، فآلة الموت تحصد، والعزاء أن ذلك في حساب الله لا يضيع.
..
أما أهل غزة، فلا عزاء لهم في مرارات القتل والحرب والخذل إلا أن يغمسوا في الجنة فيقولوا يا رب ما وجدنا شقاءً قط، أما هؤلاء الذين فضحتهم هذه المدينة؛ فإن حسابهم لم يبدأ بعد، وإن كانت هذه المجازر الشنيعة من فعل البشر، فكيف سيفعل الله بالبشر الذين ارتكبوها أو تآمروا عليها أو سكتوا عنها؛ ويحذركم الله نفسه! وإن مضلّش حدا، فالله حي، باقٍ، كل شيء هالك إلا وجهه، وهو حي لا يموت.

- يوسف الدموكي.