التناقضات المزعومة في القرآن الكريم والرد عليها (❶)
ما ذكره البعض عن تناقضات مزعومة في القرآن لا يعدو أن يكون سوء فهم منهم لآياته أو جهلاً بلغة العرب ومساقات كلامها، وهذا بيِّن لمن تبصر هذه المواضع التي استشكلوها:
①الإشكال الأول: هل أقسم الله بمكة أم لم يقسم؟
قالوا: تناقض القرآن في مسألة قسم الله بمكة، فهو أقسم بها في قوله: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} التين: ٣، وفي موضع آخر ينكر هذا القسم بمكة، فيقول: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} البلد: ١.
❍ والجواب: لقد أقسم الله بالبلد الأمين (مكة) كما في آية سورة التين.
وما فهمه المعترضون من آية سورة البلد خطأ قادهم إليه جهلهم بلغة العرب وطرائقها في البيان، ففي قوله: {لَا أُقْسِمُ}. (لا) ليست (لا) النافية التي تعني نفي القسم، بل هي (لا) الصلة، ويسميها بعض النحويين (لا) الزائدة، فهي زائدة نحويًا، وإن كانت غير زائدة بلاغيًا، لأنها تفيد التأكيد.
قال الزجاج: "لا اختلاف بين الناس أن معنى قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} وأشكاله في القرآن معناه: أقسم" .
والعرب ما زالت تستخدمها في كلامها من القديم، فهي كقولنا: لا أوصيك بفلان، أي لا أحتاج إلى وصاتك به، فهي نوع من التأكيد على الوصاة، وليست طلباً للإهمال.
ومن طريف الأخبار أن رجلًا سأل أبا العباس بن سريج عن هاتين الآيتين، فقال ابن سريج: أي الأمرين أحب إليك؟ أجيبك ثم أقطعك، أو أقطعك ثم أجيبك؟ فقال الرجل: بل اقطعني ثم أجبني.
فقال: اعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحضرة رجال، وبين ظهراني قوم كانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزًا وعليه مطعنًا، فلو كان هذا عندهم مناقضة لتعلقوا به، وأسرعوا بالرد عليه، ولكن القوم علموا وجَهِلْتَ، فلم ينكروا منه ما أنكرت.
إن العرب قد تدخل (لا) في أثناء كلامها وتلغي معناها، وأنشد فيه أبياتًا.
ومثله كثير في أشعار العرب ، ومنه قول النابغة:
فَلاَ وَحقِّ الَّذِي مَسَّحْت كَعْبَتَهُ ... وَمَا هُرِيق عَلَى الأنْصَابِ مِنْ جَسَدِ
أي: فوحق الذي ...
وقول الآخر:
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة ... وكاد صميم القلب لا يتصدع
أي: يتصدع.
#حصن_أمر_دينك
#معركة_الوعي
ما ذكره البعض عن تناقضات مزعومة في القرآن لا يعدو أن يكون سوء فهم منهم لآياته أو جهلاً بلغة العرب ومساقات كلامها، وهذا بيِّن لمن تبصر هذه المواضع التي استشكلوها:
①الإشكال الأول: هل أقسم الله بمكة أم لم يقسم؟
قالوا: تناقض القرآن في مسألة قسم الله بمكة، فهو أقسم بها في قوله: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} التين: ٣، وفي موضع آخر ينكر هذا القسم بمكة، فيقول: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} البلد: ١.
❍ والجواب: لقد أقسم الله بالبلد الأمين (مكة) كما في آية سورة التين.
وما فهمه المعترضون من آية سورة البلد خطأ قادهم إليه جهلهم بلغة العرب وطرائقها في البيان، ففي قوله: {لَا أُقْسِمُ}. (لا) ليست (لا) النافية التي تعني نفي القسم، بل هي (لا) الصلة، ويسميها بعض النحويين (لا) الزائدة، فهي زائدة نحويًا، وإن كانت غير زائدة بلاغيًا، لأنها تفيد التأكيد.
قال الزجاج: "لا اختلاف بين الناس أن معنى قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} وأشكاله في القرآن معناه: أقسم" .
والعرب ما زالت تستخدمها في كلامها من القديم، فهي كقولنا: لا أوصيك بفلان، أي لا أحتاج إلى وصاتك به، فهي نوع من التأكيد على الوصاة، وليست طلباً للإهمال.
ومن طريف الأخبار أن رجلًا سأل أبا العباس بن سريج عن هاتين الآيتين، فقال ابن سريج: أي الأمرين أحب إليك؟ أجيبك ثم أقطعك، أو أقطعك ثم أجيبك؟ فقال الرجل: بل اقطعني ثم أجبني.
فقال: اعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحضرة رجال، وبين ظهراني قوم كانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزًا وعليه مطعنًا، فلو كان هذا عندهم مناقضة لتعلقوا به، وأسرعوا بالرد عليه، ولكن القوم علموا وجَهِلْتَ، فلم ينكروا منه ما أنكرت.
إن العرب قد تدخل (لا) في أثناء كلامها وتلغي معناها، وأنشد فيه أبياتًا.
ومثله كثير في أشعار العرب ، ومنه قول النابغة:
فَلاَ وَحقِّ الَّذِي مَسَّحْت كَعْبَتَهُ ... وَمَا هُرِيق عَلَى الأنْصَابِ مِنْ جَسَدِ
أي: فوحق الذي ...
وقول الآخر:
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة ... وكاد صميم القلب لا يتصدع
أي: يتصدع.
#حصن_أمر_دينك
#معركة_الوعي