رضا الناس غاية لا تُدرَك،
فلا يسلم أحد من اعتراض الناس على أي حالة كان !
وهاكم قصة واقعية ...
وقد قال الشاعر في ذلك :
تالله لو صحب الإنسان جبريلا
لابد للناس من قالٍ ومن قيلا
قد قيل في الله أقوال ملفقة تتلى إذا رتل القرآن ترتيلا
قالوا بأن له ابنا ثم صاحبة
زورا عليه وبهتانا وتضليلا
هذي مقالتهم في الله خالقهم فكيف فينا إذا قد قيل ما قيلا
قال علي بن موسى العنسيُّ المغربي ( ت 673 هـ ) – متمِّم كتاب " المُغْرب في أخبار المغرب " - :
أخذت مع والدي يوماً في اختلاف مذاهب الناس، وأنهم لا يسلمون لأحد في اختياره، فقال : متى أردت أن يسلم لك أحد في هذا التأليف - أعني " المغرب " - ولا تعترض أتعبت نفسك باطلاً وطلبت غايةً لا تدرك، وأنا أضرب لك مثلاً :
يُحكى أن رجلاً مِن عُقلاء الناس كان له ولد، فقال له يوماً : يا أبي ما للناس ينتقدون عليك أشياء وأنت عاقل ؟ ولو سعيت في مجانبتها سلمت من نقدهم، فقال : يا بني إنك غر لم تجرب الأمور وإن رضى الناس غاية لا تدرك وأنا أوقفك على حقيقة ذلك،
وكان عنده حمار فقال له : اركب هذا الحمار وأنا أتبعك ماشياً، فبينما هما كذلك إذ قال رجل : انظر ما أقل هذا الغلام بأدب ! يركب ويمشي أبوه ! وانظر ما أشد تخلف والده لكونه يتركه لهذا ! فقال له : انزلْ أَرْكَبُ أنا وامشِ أنت خلفي،
فقال شخص آخر : انظر هذا الشخص ما أقله بشفقة ركب وترك ابنه يمشي ! فقال له : اركب معي،
فقال شخص : أشقاهما الله تعالى ! انظر كيف ركبا على الحمار وكان في واحد منهما كفاية ! فقال له : انزل بنا . وقَدَّماه وليس عليه راكب،
فقال شخص : لا خفف الله تعالى عنهما، انظر كيف تركا الحمار فارغاً وجعلا يمشيان خلفه !
فقال : يا بني، سمعت كلامهم، وعلمت أن أحداً لا يسلم من اعتراض الناس على أي حالة كان .
====================
" نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب " للمقري
قال أبو معاوية البيروتي : وقد نقل هذه القصة الواقعية أدباء أوروبيون اقتبسوها من ثقافتنا،
ومقولة ( رضا الناس غاية لا تدرك ) قالها الإمام سفيان الثوري والإمام الشافعي وغيرهما من أهل العلم
https://telegram.me/rodtalgraba