كما جهز معاوية وعمرو بن العاص جيشا عرمرميًّا قوامه ١٢٠ ألف رجل من أهل الشام سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وجميع الطلقاء من أهل مكة، والمنافقين من أهل المدينة، وممن حضر معه من أهل اليمن الأسفل هم أهل تعز ولحج وعدن وأبين بقيادة ذي الكلاع الحميري، "قُتل في تلك المعركة قبل عمار، فلو بقي حتى مقتل عمار لانحاز إلى علي لأنه كان ممن سمع الرسول عندما قال: يا عمار تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار".
فالتحم الجيشان والتقيا في العراق محافظة الأنبار منطقة "صِفِّين" استمرت المعارك حوالي ٧٥ يوما، راح ضحيتها ٧٠ ألف رجل، وانتهت المعركة بالتحكيم.
واستشهد في هذه المعركة رجال عظماء مثل الصحابي الجليل عمار بن ياسر الذي بشره الرسول بالجنة وأخبره بأن الفئة الباغية ستقتله بعد أن يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، والصحابي الجليل ذو الشهادتين، وسيد التابعين أويس القرني، الذي قال عنه الرسول لعمر -فيما معناه-: أويس سيد التابعين ومستجاب الدعوة فإذا وجدتموه فادعوه فليستغفر لكم، وغيرهم.
🔹 الخوارج المَارِقِيْنَ "النهروان":
الفرقة الثالثة التي ابتُلي بها الإمام علي عليه السلام هي فرقة الخوارج، أو المارقين، كما سماهم الرسول، وهذه الفرقة انشقت من جيش الإمام علي الذي كان معسكِرا بصفين بسبب خدعة عمرو بن العاص برفع المصاحف، فعندما رأوا المصاحف معلقة على أسنة رماح جيش معاوية طالبوا علي بالتحكيم بها، فقال لهم علي إنها خدعة من عمرو عندما أحس بالهزيمة وطالبهم بمواصلة القتال قائلا لهم: أعيروني سواعدكم ساعة، فرفضوا مواصلة القتال معه وكان عددهم ٢٠ ألف، ولم يكتفوا باعتزالهم عن المعركة بل أجبروا الإمام علي على قبول التحكيم بعد أن رفعوا سيوفهم في وجهة، وبعد انتهاء معركة صفين اعتزلوا الجبال وكفروا الإمام علي وأصحابه بسبب قبوله التحكيم.
وبعد اعتزالهم كانوا يحضرون خُطَبه ويسمعون فيها علما عجيبا، فيعبرون عن هذا بقولهم: قاتلك من كافر ما أفقهك.
وكان أصحاب الإمام علي يرون وجوب جهادهم فطالبوا الإمام بذلك ومناجزتهم، فمنعهم الإمام قائلا: لا تقاتلوهم حتى يبدأوكم بقتال، واستمر في مداراتهم ومناقشتهم ومحاججتهم بإرسال ابن عباس إليهم عسى ولعل يرجعون عن غَيِّهم وضلالهم، فاستطاع ابن عباس إقناع بعضهم فتراجعوا، ولكن بقي الآخرون على غيهم، واستمروا على ضلالتهم يُكَفّرون عليا ويطلبون منه تجديد إسلامه، وعلي لم يحرك ضدهم شيئا، حتى بدأوا بسفك الدماء البريئة عندما أقدموا على قتل أحد المسافرين وبقروا بطن امرأته وأخرجوا الجنين من أحشائها.
هُنا وفي هذه اللحظة أمر علي أصحابه بالاستعداد لقتالهم، وأصدر أمره للجيش بالتوجه نحوهم وقتالهم.
فتحرك علي ومن معه إليهم فالتقوا في النهروان فاقتتلوا قتالا شديدا، وانتهت المعركة بمقتل الخوارج كلهم ولم ينجُ منهم إلا سبعة، ولم يُقتَل من جيش الإمام إلا سبعة، فتحقق ما قاله علي لهم أول المعركة عندما قال لهم: لن ينجو منهم إلا بعدد ما يقتل منكم.
هذه هي الفرق الثلاث التي ابتُلي بها علي وقاتلها أيام حكمه، الناكثين والقاسطين والمارقين، في معارك الجمل وصفين والنهروان.
🔹 المؤامرة:
وبعد فترة من معركة النهروان تجمع ثلاثة أشخاص من الخوارج بمكة واتفقوا على مقتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص، وحددوا يوم التنفيذ في ١٩ رمضان وقيل ١٧ رمضان سنة ٤٠هـ، وكان عبدالرحمن بن ملجم المرادي قد التزم بقتل الإمام علي عليه السلام، فتوجه إلى العراق ووصل الكوفة، فالتقى فيها بفتاة جميلة جدا تُدعَى "قطام"، فهام بها وأحبها وأراد الزواج منها، ونسي العمل الذي جاء من أجله، فتقدم لخطبتها فوافقت ولكن كان مهرها غال جدا ومرتفع إلى حد أنه أصبح أغلى مهر في العالم، وكان مهرها هو: عبد وقينة [القِينة: الجارية] وثلاثة آلاف وقَتْل علي.
وقد قال الشاعر في ذلك:
فلا مهر أغلى من قطام وإن علا
ولا فتك إلا دون فتك ابن مُلجَمِ
ثلاثة آلافٍ وعبدٌ وقِينَةٌ
وقتلُ عليٍّ بالحسام الْمُسَمَّمِ
قَطَام قالت لابن ملجم: علي قتل أهلي في النهروان فإذا أردت الزواج بي فمهري هو رأس علي.
فوافق ابن ملجم على ذلك المهر لأنه لم يأت أصلا إلا لقتل علي، وأعطت له خادمها وردان ليساعده على تنفيذ مهمته.
فدخل ابن ملجم الجامع الكبير بالكوفة وجعله سكنه ومنامه طوال شهر رمضان، حتى ليلة الحادثة ليلة ١٩ رمضان.
كان الإمام علي "ع" قد بلغ الرابعة والستين من عمره في شهر رمضان ٤٠هـ، وكان يفطر فطور الزاهدين ليلة عند الحسن وليلة في بيت الحسين وليلة في بيت عبدالله بن عباس رضي الله عنهم، ثم يخرج إلى الجامع الكبير بالكوفة فيصلي بالناس عشاء فيعود إلى بيته يدير شئون الدولة ويتفقد أحوالها، ثم يذهب في الثلث الأخير من الليل إلى الجامع يناجي ربه فيه ويتضرع إليه بالدعاء والصلاة والبكاء، وعند السحر يذهب لإيقاظ النائمين في الجامع ليتسحروا ثم يستعدوا لصلاة الفجر، وكان بين النائمين عبدالرحمن بن ملجم راقدا على بطنه والسيف تحته؛ فيوقظه علي بقوله:
فالتحم الجيشان والتقيا في العراق محافظة الأنبار منطقة "صِفِّين" استمرت المعارك حوالي ٧٥ يوما، راح ضحيتها ٧٠ ألف رجل، وانتهت المعركة بالتحكيم.
واستشهد في هذه المعركة رجال عظماء مثل الصحابي الجليل عمار بن ياسر الذي بشره الرسول بالجنة وأخبره بأن الفئة الباغية ستقتله بعد أن يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، والصحابي الجليل ذو الشهادتين، وسيد التابعين أويس القرني، الذي قال عنه الرسول لعمر -فيما معناه-: أويس سيد التابعين ومستجاب الدعوة فإذا وجدتموه فادعوه فليستغفر لكم، وغيرهم.
🔹 الخوارج المَارِقِيْنَ "النهروان":
الفرقة الثالثة التي ابتُلي بها الإمام علي عليه السلام هي فرقة الخوارج، أو المارقين، كما سماهم الرسول، وهذه الفرقة انشقت من جيش الإمام علي الذي كان معسكِرا بصفين بسبب خدعة عمرو بن العاص برفع المصاحف، فعندما رأوا المصاحف معلقة على أسنة رماح جيش معاوية طالبوا علي بالتحكيم بها، فقال لهم علي إنها خدعة من عمرو عندما أحس بالهزيمة وطالبهم بمواصلة القتال قائلا لهم: أعيروني سواعدكم ساعة، فرفضوا مواصلة القتال معه وكان عددهم ٢٠ ألف، ولم يكتفوا باعتزالهم عن المعركة بل أجبروا الإمام علي على قبول التحكيم بعد أن رفعوا سيوفهم في وجهة، وبعد انتهاء معركة صفين اعتزلوا الجبال وكفروا الإمام علي وأصحابه بسبب قبوله التحكيم.
وبعد اعتزالهم كانوا يحضرون خُطَبه ويسمعون فيها علما عجيبا، فيعبرون عن هذا بقولهم: قاتلك من كافر ما أفقهك.
وكان أصحاب الإمام علي يرون وجوب جهادهم فطالبوا الإمام بذلك ومناجزتهم، فمنعهم الإمام قائلا: لا تقاتلوهم حتى يبدأوكم بقتال، واستمر في مداراتهم ومناقشتهم ومحاججتهم بإرسال ابن عباس إليهم عسى ولعل يرجعون عن غَيِّهم وضلالهم، فاستطاع ابن عباس إقناع بعضهم فتراجعوا، ولكن بقي الآخرون على غيهم، واستمروا على ضلالتهم يُكَفّرون عليا ويطلبون منه تجديد إسلامه، وعلي لم يحرك ضدهم شيئا، حتى بدأوا بسفك الدماء البريئة عندما أقدموا على قتل أحد المسافرين وبقروا بطن امرأته وأخرجوا الجنين من أحشائها.
هُنا وفي هذه اللحظة أمر علي أصحابه بالاستعداد لقتالهم، وأصدر أمره للجيش بالتوجه نحوهم وقتالهم.
فتحرك علي ومن معه إليهم فالتقوا في النهروان فاقتتلوا قتالا شديدا، وانتهت المعركة بمقتل الخوارج كلهم ولم ينجُ منهم إلا سبعة، ولم يُقتَل من جيش الإمام إلا سبعة، فتحقق ما قاله علي لهم أول المعركة عندما قال لهم: لن ينجو منهم إلا بعدد ما يقتل منكم.
هذه هي الفرق الثلاث التي ابتُلي بها علي وقاتلها أيام حكمه، الناكثين والقاسطين والمارقين، في معارك الجمل وصفين والنهروان.
🔹 المؤامرة:
وبعد فترة من معركة النهروان تجمع ثلاثة أشخاص من الخوارج بمكة واتفقوا على مقتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص، وحددوا يوم التنفيذ في ١٩ رمضان وقيل ١٧ رمضان سنة ٤٠هـ، وكان عبدالرحمن بن ملجم المرادي قد التزم بقتل الإمام علي عليه السلام، فتوجه إلى العراق ووصل الكوفة، فالتقى فيها بفتاة جميلة جدا تُدعَى "قطام"، فهام بها وأحبها وأراد الزواج منها، ونسي العمل الذي جاء من أجله، فتقدم لخطبتها فوافقت ولكن كان مهرها غال جدا ومرتفع إلى حد أنه أصبح أغلى مهر في العالم، وكان مهرها هو: عبد وقينة [القِينة: الجارية] وثلاثة آلاف وقَتْل علي.
وقد قال الشاعر في ذلك:
فلا مهر أغلى من قطام وإن علا
ولا فتك إلا دون فتك ابن مُلجَمِ
ثلاثة آلافٍ وعبدٌ وقِينَةٌ
وقتلُ عليٍّ بالحسام الْمُسَمَّمِ
قَطَام قالت لابن ملجم: علي قتل أهلي في النهروان فإذا أردت الزواج بي فمهري هو رأس علي.
فوافق ابن ملجم على ذلك المهر لأنه لم يأت أصلا إلا لقتل علي، وأعطت له خادمها وردان ليساعده على تنفيذ مهمته.
فدخل ابن ملجم الجامع الكبير بالكوفة وجعله سكنه ومنامه طوال شهر رمضان، حتى ليلة الحادثة ليلة ١٩ رمضان.
كان الإمام علي "ع" قد بلغ الرابعة والستين من عمره في شهر رمضان ٤٠هـ، وكان يفطر فطور الزاهدين ليلة عند الحسن وليلة في بيت الحسين وليلة في بيت عبدالله بن عباس رضي الله عنهم، ثم يخرج إلى الجامع الكبير بالكوفة فيصلي بالناس عشاء فيعود إلى بيته يدير شئون الدولة ويتفقد أحوالها، ثم يذهب في الثلث الأخير من الليل إلى الجامع يناجي ربه فيه ويتضرع إليه بالدعاء والصلاة والبكاء، وعند السحر يذهب لإيقاظ النائمين في الجامع ليتسحروا ثم يستعدوا لصلاة الفجر، وكان بين النائمين عبدالرحمن بن ملجم راقدا على بطنه والسيف تحته؛ فيوقظه علي بقوله: