تابع # سورة_الإنسان
{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي: ذلك الكأس اللذيذ الذي يشربون به، لا يخافون نفاده، بل له مادة لا تنقطع، وهي عين دائمة الفيضان والجريان، يفجرها عباد الله تفجيرا، أنى شاءوا، وكيف أرادوا، فإن شاءوا صرفوها إلى البساتين الزاهرات، أو إلى الرياض الناضرات، أو بين جوانب القصور والمساكن المزخرفات، أو إلى أي: جهة يرونها من الجهات المونقات.
وقد ذكر جملة من أعمالهم في أول هذه السورة، فقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} أي: بما ألزموا به أنفسهم لله من النذور والمعاهدات، وإذا كانوا يوفون بالنذر، وهو لم يجب عليهم، إلا بإيجابهم على أنفسهم، كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية، من باب أولى وأحرى، {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} أي: منتشرا فاشيا، فخافوا أن ينالهم شره، فتركوا كل سبب موجب لذلك، {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} أي: وهم في حال يحبون فيها المال والطعام، لكنهم قدموا محبة الله على محبة نفوسهم، ويتحرون في إطعامهم أولى الناس وأحوجهم {مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} .
ويقصدون بإنفاقهم وإطعامهم وجه الله تعالى، ويقولون بلسان الحال: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} أي: لا جزاء ماليا ولا ثناء قوليا.
{إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا} أي: شديد الجهمة والشر {قَمْطَرِيرًا} أي: ضنكا ضيقا، {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} فلا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة [هذا يومكم الذي كنتم توعدون].
{وَلَقَّاهُم} أي: أكرمهم وأعطاهم {نَضْرَةً} في وجوههم {وَسُرُورًا} في قلوبهم، فجمع لهم بين نعيم الظاهر والباطن {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا} على طاعة الله، فعملوا ما أمكنهم منها، وعن معاصي الله، فتركوها، وعلى أقدار الله المؤلمة، فلم يتسخطوها، {جَنَّةً} جامعة لكل نعيم، سالمة من كل مكدر ومنغص، {وَحَرِيرًا} كما قال [تعالى:] {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ولعل الله إنما خص الحرير، لأنه لباسهم الظاهر، الدال على حال صاحبه.
{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} الاتكاء: التمكن من الجلوس، في حال الرفاهية والطمأنينة [الراحة]، والأرائك هي السرر التي عليها اللباس المزين، {لَا يَرَوْنَ فِيهَا} أي: في الجنة {شَمْسًا} يضرهم حرها {وَلَا زَمْهَرِيرًا} أي: بردا شديدا، بل جميع أوقاتهم في ظل ظليل، لا حر ولا برد، بحيث تلتذ به الأجساد، ولا تتألم من حر ولا برد.
{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} أي: قربت ثمراتها من مريدها تقريبا ينالها، وهو قائم، أو قاعد، أو مضطجع.
ويطاف على أهل الجنة أي: يدور [عليهم] الخدم والولدان {بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} أي: مادتها من فضة، [وهي] على صفاء القوارير، وهذا من أعجب الأشياء، أن تكون الفضة الكثيفة من صفاء جوهرها وطيب معدنها على صفاء القوارير.
{قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} أي: قدروا الأواني المذكورة على قدر ريهم، لا تزيد ولا تنقص، لأنها لو زادت نقصت لذتها، ولو نقصت لم تف بريهم . ويحتمل أن المراد: قدرها أهل الجنة بنفوسهم بمقدار يوافق لذاتهم، فأتتهم على ما قدروا في خواطرهم.
{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا} أي: في الجنة من كأس، وهو الإناء المملوء من خمر ورحيق، {كَانَ مِزَاجُهَا} أي: خلطها {زَنْجَبِيلًا} ليطيب طعمه وريحه.
{عَيْنًا فِيهَا} أي: في الجنة، {تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} سميت بذلك لسلاستها ولذتها وحسنها.
{وَيَطُوفُ} على أهل الجنة، في طعامهم وشرابهم وخدمتهم.
{وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} أي: خلقوا من الجنة للبقاء، لا يتغيرون ولا يكبرون، وهم في غاية الحسن، {إِذَا رَأَيْتَهُم} منتشرين في خدمتهم {حَسِبْتَهُم} من حسنهم {لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} وهذا من تمام لذة أهل الجنة، أن يكون خدامهم الولدان المخلدون، الذين تسر رؤيتهم، ويدخلون على مساكنهم، آمنين من تبعتهم، ويأتونهم بما يدعون وتطلبه نفوسهم، {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ} أي: هناك في الجنة، ورمقت ما هم فيه من النعيم {رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} فتجد الواحد منهم، عنده من القصور والمساكن والغرف المزينة المزخرفة، ما لا يدركه الوصف، ولديه من البساتين الزاهرة، والثمار الدانية، والفواكه اللذيذة، والأنهار الجارية، والرياض المعجبة، والطيور المطربة [المشجية] ما يأخذ بالقلوب، ويفرح النفوس.
يتبع بإذن الله ..
📖https://t.me/tafssirelquran/269
{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} أي: ذلك الكأس اللذيذ الذي يشربون به، لا يخافون نفاده، بل له مادة لا تنقطع، وهي عين دائمة الفيضان والجريان، يفجرها عباد الله تفجيرا، أنى شاءوا، وكيف أرادوا، فإن شاءوا صرفوها إلى البساتين الزاهرات، أو إلى الرياض الناضرات، أو بين جوانب القصور والمساكن المزخرفات، أو إلى أي: جهة يرونها من الجهات المونقات.
وقد ذكر جملة من أعمالهم في أول هذه السورة، فقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} أي: بما ألزموا به أنفسهم لله من النذور والمعاهدات، وإذا كانوا يوفون بالنذر، وهو لم يجب عليهم، إلا بإيجابهم على أنفسهم، كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية، من باب أولى وأحرى، {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} أي: منتشرا فاشيا، فخافوا أن ينالهم شره، فتركوا كل سبب موجب لذلك، {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} أي: وهم في حال يحبون فيها المال والطعام، لكنهم قدموا محبة الله على محبة نفوسهم، ويتحرون في إطعامهم أولى الناس وأحوجهم {مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} .
ويقصدون بإنفاقهم وإطعامهم وجه الله تعالى، ويقولون بلسان الحال: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} أي: لا جزاء ماليا ولا ثناء قوليا.
{إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا} أي: شديد الجهمة والشر {قَمْطَرِيرًا} أي: ضنكا ضيقا، {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ} فلا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة [هذا يومكم الذي كنتم توعدون].
{وَلَقَّاهُم} أي: أكرمهم وأعطاهم {نَضْرَةً} في وجوههم {وَسُرُورًا} في قلوبهم، فجمع لهم بين نعيم الظاهر والباطن {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا} على طاعة الله، فعملوا ما أمكنهم منها، وعن معاصي الله، فتركوها، وعلى أقدار الله المؤلمة، فلم يتسخطوها، {جَنَّةً} جامعة لكل نعيم، سالمة من كل مكدر ومنغص، {وَحَرِيرًا} كما قال [تعالى:] {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} ولعل الله إنما خص الحرير، لأنه لباسهم الظاهر، الدال على حال صاحبه.
{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} الاتكاء: التمكن من الجلوس، في حال الرفاهية والطمأنينة [الراحة]، والأرائك هي السرر التي عليها اللباس المزين، {لَا يَرَوْنَ فِيهَا} أي: في الجنة {شَمْسًا} يضرهم حرها {وَلَا زَمْهَرِيرًا} أي: بردا شديدا، بل جميع أوقاتهم في ظل ظليل، لا حر ولا برد، بحيث تلتذ به الأجساد، ولا تتألم من حر ولا برد.
{وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} أي: قربت ثمراتها من مريدها تقريبا ينالها، وهو قائم، أو قاعد، أو مضطجع.
ويطاف على أهل الجنة أي: يدور [عليهم] الخدم والولدان {بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} أي: مادتها من فضة، [وهي] على صفاء القوارير، وهذا من أعجب الأشياء، أن تكون الفضة الكثيفة من صفاء جوهرها وطيب معدنها على صفاء القوارير.
{قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} أي: قدروا الأواني المذكورة على قدر ريهم، لا تزيد ولا تنقص، لأنها لو زادت نقصت لذتها، ولو نقصت لم تف بريهم . ويحتمل أن المراد: قدرها أهل الجنة بنفوسهم بمقدار يوافق لذاتهم، فأتتهم على ما قدروا في خواطرهم.
{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا} أي: في الجنة من كأس، وهو الإناء المملوء من خمر ورحيق، {كَانَ مِزَاجُهَا} أي: خلطها {زَنْجَبِيلًا} ليطيب طعمه وريحه.
{عَيْنًا فِيهَا} أي: في الجنة، {تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} سميت بذلك لسلاستها ولذتها وحسنها.
{وَيَطُوفُ} على أهل الجنة، في طعامهم وشرابهم وخدمتهم.
{وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} أي: خلقوا من الجنة للبقاء، لا يتغيرون ولا يكبرون، وهم في غاية الحسن، {إِذَا رَأَيْتَهُم} منتشرين في خدمتهم {حَسِبْتَهُم} من حسنهم {لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} وهذا من تمام لذة أهل الجنة، أن يكون خدامهم الولدان المخلدون، الذين تسر رؤيتهم، ويدخلون على مساكنهم، آمنين من تبعتهم، ويأتونهم بما يدعون وتطلبه نفوسهم، {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ} أي: هناك في الجنة، ورمقت ما هم فيه من النعيم {رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} فتجد الواحد منهم، عنده من القصور والمساكن والغرف المزينة المزخرفة، ما لا يدركه الوصف، ولديه من البساتين الزاهرة، والثمار الدانية، والفواكه اللذيذة، والأنهار الجارية، والرياض المعجبة، والطيور المطربة [المشجية] ما يأخذ بالقلوب، ويفرح النفوس.
يتبع بإذن الله ..
📖https://t.me/tafssirelquran/269