لماذا اسقطت امريكا عبدها المطيع صدام وأستبدلته بحكم شيعي؟
هل ان شيعة العراق مدانين لأمريكا لأنها خلصتهم من حكم صدام؟
هل ان لأمريكا الفضل علينا لأنها مكنت الشيعة من حكم العراق؟
كيف نقلت امريكا الحكم للشيعة في العراق رغم انها قد ذاقت مرارة الحكم الشيعي عليها في ايران؟
هذه التساؤلات وغيرها، مما يساء فهمها كثيرا، ولكي نفهم الاجابة بوضوح عنها، يجب أن نرجع في الذاكرة قليلا الى بداية التسعينات..
وحيث الانتفاضة الشعبانية تحديدا، حيث كان هتاف الملايين من الشيعة في الوسط والجنوب (ماكو ولي الا علي، ونريد حاكم جعفري) هذا النداء الذي دفعهم الى السيطرة على عدة محافظات، وكادوا ان يسيطرون على الحكم ويعلنوا حكما شيعيا، لولا المساعدة الامريكية لهم في قمع الانتفاضة، ومن ثم المقابر الجماعية وعشرات الالاف من الشهداء..
رغم ان الانتفاضة قمعت، واسكت صوت الشيعة، لكن امريكا تعلم يقينا ان الامر لن ينتهي عند هذا الحد، لانه بمجرد أن تندلع شرارة الثورة مرة اخرى، فلربما سيخرج اضعاف العدد الذي خرج في المرة الاولى..
لذلك، فما دام التوجه الشعبي (نريد حاكم جعفري) موجود ومتغزر في النفوس، فلا يمكن الخلاص منه، ولا بد أن يأتي اليوم الذي يكون فيه هذا الحلم واقع حال، ولو بدعم خارجي (من ايران مثلا)..
ولو حصل ذلك، وحصل الشيعة على حاكم جعفري، فالحال سيء جدا بالنسبة لأمريكا والاستعمار، لان الحاكم الجعفري الذي يأتي به شيعة العراق في التسعينات، بطاعتهم العمياء لمرجعياتهم، واخلاصهم الشديد لمذبهم، سيكون فعلا حاكم جعفري اسم على مسمى.. وهذا ما لا يريده الاستعمار ولا السلفية..
فما الحل اذا امامهم؟
الحل هو ان يقوموا هم بشخصية ودور البطل، فيحققوا لشيعة العراق ما يريدوه ظاهرا، ولكن حسب رغبتهم ومقاساتهم..
فقاموا باسقاط حكم صدام، كما يرغب الشيعة بذلك، والاتيان بحاكم جعفري حسب رغبة الشيعة ايضا..
لكن.. حاكم جعفري حسب مقاساتهم ورغباتهم، حاكم جعفري مطيع لهم، خاضع لهم، لا يجرؤ على مخالفتهم، لا يتم تنصيبه اذا لم يرضوا هم عنه، ولا يرضوا هم عنه الا اذا بايعهم على شروطهم الخاصة، مخالفته لهم يعني سقوطه وخسارته للحكم، لم تسمح بكل شيء من شأنه اعمار وتطوير مناطق الشيعة، او تحسين الوضع المعيشي لهم، كذلك اغرقتهم بالارهابيين والانتحاريين…
والان بعد ١٧ سنة، حصدت ثمار ما غرسته بامتياز، وأدناه أبرز منجزاتها التي حصدتها من خلال الحكم الشيعي الذي جاءت به:
١- اقتنع الشيعة أنفسهم ان الشيعة ليس اهلا للحكم..
٢- أصبح الشيعة بعضهم يكفر بعض ويفسق ويسب بعض، بل ويقتل بعض ويطعن واحد بعرض الاخر، بعد ان كانوا جسد واحد وقلب واحد وفكر واحد وراي واحد.
٣- أصبح أعدى أعداء الشيعة هم الشيعة، فاصبحت ايران ارهابية وعدوة وتريد دمار العراق، وامريكا والسعودية اصدقاء وأحبة ويريدوا الخير للعراق..!
٤- خرج اغلب الشيعة عن دينهم، فصار الغالب فيهم العلمانية والمدنية والشيوعية والالحاد والافكار المهدوية المنحرفة، وصار سب المراجع والعلماء لقمة سائغة على لسانهم، بعد ان كانوا يطيعوهم طاعة عمياء..
لذلك، فان ما يتصوره البعض مساعدة، ويقول أن لأمريكا فضل علينا لانها خلصتنا من صدام، في الحقيقة هو ضربة قاضية على الشيعة وليس مساعدة لهم!
وبدون أي تشاؤم، لكني لا أرى أي بادرة أمل لاصلاح وضع شيعة العراق وارجاعهم الى المسار الصحيح.