تبعثُ فيك فعالية الدواءِ النشوةَ أثناء الليل، تبعثُ فيك إحساسَ الإدمان تجاهَ ذلك الليل الذي يعج بالناس خارجَ النافذة، وكأنَّه المستقبلُ الذي ينتظرك. ستارةُ النافذةِ السميكةِ تجعلكُ تحلمُ أحلاماً سعيدة، تضعك في قالب، تجعلك شخصاً لا يمكنه العيش في الواقع. ثم تخبرهم كل يوم “إنني على وشك الموت”، تخبرهم “سأموتُ في الحال” وكأنَّ شخصاً ما يمسكُ برقبتي، يخنقُ أنفاسي. وكأنني سأقتلُ نفسي التي ماتت منذ قليل ولا يزال الجسدُ دافئاً، مثل أمٍّ تريد أن تقتلَ ابنتها التي ماتت منذ سنواتٍ عديدة، ثم تنحني إلى جانب السرير غارقةً في دموعها، وعيناها متورمتان، وتظن أن ابنتها تنام نوماً هنيئاً.
كنتَ تبحثُ طوال تلك السنوات عن طاولةٍ ضائعة، وتعيش داخل كأسٍ مكسور، إلى أن تحولت رويداً رويداً إلى غضبٍ متفجِّرٍ في قاعه. ثم إنَّ هذا العالم قريبٌ منك، لكنك لا تلمسه، لكنك لا تراه بوضوح، كمثلِ حزمةِ نورٍ وظلٍّ يمارسان الحب، يا له من أمرٍ قاسٍ، أن أعيش حياتي كظلٍّ يظهرُ بين حين وآخر في الليلِ المُعتم.