قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
📔 الصبر عن المعصية
يَنشأُ من أسباب عديدة:
✔ أحدها: علم العبد بقبحها ورذالتها ودناءَتها،
وأن الله إنما حرَّمها ونهى عنها صيانة وحماية عن الدنايا والرذائل،
كما يحمى الوالد الشفيق ولده عما يضره.
وهذا السبب يحمل العاقل على تركها ولو لم يُعلَّق عليها وعيد بالعذاب.
✔ السبب الثانى:
الحياءُ من الله سبحانه،
فإن العبد متى علم بنظره إليه ومقامه عليه وأنه بمرأَى منه ومسمع
-وكان حييّاً- استحى من ربه أن يتعرض لمساخطه.
✔ السبب الثالث:
مراعاة نعمه عليك وإحسانه إليك،
فإن الذنوب تزيل النعم ولا بد،
فما أذنب عبد ذنباً إلا زالت عنه نعمة من الله بحسب ذلك الذنب،
فإن تاب وراجع رجعت إليه أو مثلها،
وإن أصر لم ترجع إليه،
ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمه حتى تسلب النعم كلها،
قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: ١١] ،
وأعظم النعم الإيمان -أي تُنقص الإيمان-.
✔ السبب الرابع:
خوف الله وخشية عقابه.
وهذا إنما يثبت بتصديقه فى وعده ووعيده والإيمان به وبكتابه وبرسوله.
وهذا السبب يقوى بالعلم واليقين ويضعف بضعفهما.
قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
[فاطر:٢٨] ،
وقال بعض السلف: كفى بخشية الله علماً وبالاغترار بالله جهلاً.
✔ السبب الخامس:
محبة الله سبحانه وهى أقوى الأسباب فى الصبر عن مخالفته ومعاصيه.
فإن المحب لمن يحب مطيع،
وكلما قوى سلطان المحبة فى القلب كان اقتضاؤه للطاعة وترك المخالفة أقوى،
وإنما تصدر المعصية والمخالفة من ضعف المحبة وسلطانها.
✔ السبب السادس:
شرف النفس وزكاؤها وفضلها وأنفتها وحميتها أن تختار الأسباب التى تحطها وتضع قدرها،
وتخفض منزلتها وتحقرها،
وتسوي بينها وبين السفلة.
✔ السبب السابع:
قوة العلم بسوءِ عاقبة المعصية،
وقبح أثرها والضرر الناشيء منها:
من سواد الوجه،
وظلمة القلب،
وضيقه وغمه،
وحزنه وأَلمه، وانحصاره،
وشدة قلقه واضطرابه،
وتمزق شمله.
وضعفه عن مقاومة عدوه،
فإِن الذنوب تميت القلوب،
ومنها ذله بعد عزة،
ومنها أن يصير أسيراً فى يد أعدائه بعد أن كان ملكاً متصرفاً يخافه أعداؤه، ،
فأخوف الناس أشدهم إساءة،
ومنها زوال الأُنس والاستبدال به وحشة،
وكلما ازداد إساءة ازداد وحشة،
ومنها زوال الرضى واستبداله بالسخط،
ومنها زوال الطمأْنينة بالله والسكون إليه والإيواء عنده
واستبدال الطرد والبعد منه،
ومنها وقوعه فى بئر الحسرات.
✔ السبب الثامن:
قصر الأمل، وعلمه بسرعة انتقاله،
وأنه كمسافر دخل قرية وهو مزمع على الخروج منها،
أو كراكب قال فى ظل شجرة ثم سار وتركها.
فهو لعلمه بقلة مقامه وسرعة انتقاله حريص على ترك ما يثقله حمله ويضره ولا ينفعه،
حريص على الانتقال بخير ما بحضرته،
فليس للعبد أنفع من قصر الأمل ولا أضر من التسويف وطول الأمل.
✔ السبب التاسع:
مجانبة الفضول فى مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه واجتماعه بالناس،
فإن قوة الداعى إلى المعاصى إنما تنشأُ من هذه الفضلات،
فإنها تطلب لها مصرفاً فيضيق عليها المباح فتتعداه إلى الحرام.
ومن أعظم الأشياء ضرراً على العبد بطالته وفراغه،
فإن النفس لا تقعد فارغة،
بل إن لم يشغلها بما ينفعها شغلته بما يضره ولا بد.
✔ السبب العاشر:
وهو الجامع لهذه الأسباب كلها:
ثبات شجرة الإيمان فى القلب،
فصبر العبد عن المعاصى إنما هو بحسب قوة إيمانه،
فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتمّ
وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبر،
فإن من باشر قلبه الإيمان بقيام الله عليه ورؤيته له،
وتحريمه لما حرم عليه، وبغضه له، ومقته لفاعله وباشر قلبه الإيمان بالثواب والعقاب والجنة والنار، وامتنع من أن لا يعمل المعصية بموجب هذا العلم.
📚 [من كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين: جـ:١، صـ: ٢٧٠-٢٧٥
📔 الصبر عن المعصية
يَنشأُ من أسباب عديدة:
✔ أحدها: علم العبد بقبحها ورذالتها ودناءَتها،
وأن الله إنما حرَّمها ونهى عنها صيانة وحماية عن الدنايا والرذائل،
كما يحمى الوالد الشفيق ولده عما يضره.
وهذا السبب يحمل العاقل على تركها ولو لم يُعلَّق عليها وعيد بالعذاب.
✔ السبب الثانى:
الحياءُ من الله سبحانه،
فإن العبد متى علم بنظره إليه ومقامه عليه وأنه بمرأَى منه ومسمع
-وكان حييّاً- استحى من ربه أن يتعرض لمساخطه.
✔ السبب الثالث:
مراعاة نعمه عليك وإحسانه إليك،
فإن الذنوب تزيل النعم ولا بد،
فما أذنب عبد ذنباً إلا زالت عنه نعمة من الله بحسب ذلك الذنب،
فإن تاب وراجع رجعت إليه أو مثلها،
وإن أصر لم ترجع إليه،
ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمه حتى تسلب النعم كلها،
قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: ١١] ،
وأعظم النعم الإيمان -أي تُنقص الإيمان-.
✔ السبب الرابع:
خوف الله وخشية عقابه.
وهذا إنما يثبت بتصديقه فى وعده ووعيده والإيمان به وبكتابه وبرسوله.
وهذا السبب يقوى بالعلم واليقين ويضعف بضعفهما.
قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
[فاطر:٢٨] ،
وقال بعض السلف: كفى بخشية الله علماً وبالاغترار بالله جهلاً.
✔ السبب الخامس:
محبة الله سبحانه وهى أقوى الأسباب فى الصبر عن مخالفته ومعاصيه.
فإن المحب لمن يحب مطيع،
وكلما قوى سلطان المحبة فى القلب كان اقتضاؤه للطاعة وترك المخالفة أقوى،
وإنما تصدر المعصية والمخالفة من ضعف المحبة وسلطانها.
✔ السبب السادس:
شرف النفس وزكاؤها وفضلها وأنفتها وحميتها أن تختار الأسباب التى تحطها وتضع قدرها،
وتخفض منزلتها وتحقرها،
وتسوي بينها وبين السفلة.
✔ السبب السابع:
قوة العلم بسوءِ عاقبة المعصية،
وقبح أثرها والضرر الناشيء منها:
من سواد الوجه،
وظلمة القلب،
وضيقه وغمه،
وحزنه وأَلمه، وانحصاره،
وشدة قلقه واضطرابه،
وتمزق شمله.
وضعفه عن مقاومة عدوه،
فإِن الذنوب تميت القلوب،
ومنها ذله بعد عزة،
ومنها أن يصير أسيراً فى يد أعدائه بعد أن كان ملكاً متصرفاً يخافه أعداؤه، ،
فأخوف الناس أشدهم إساءة،
ومنها زوال الأُنس والاستبدال به وحشة،
وكلما ازداد إساءة ازداد وحشة،
ومنها زوال الرضى واستبداله بالسخط،
ومنها زوال الطمأْنينة بالله والسكون إليه والإيواء عنده
واستبدال الطرد والبعد منه،
ومنها وقوعه فى بئر الحسرات.
✔ السبب الثامن:
قصر الأمل، وعلمه بسرعة انتقاله،
وأنه كمسافر دخل قرية وهو مزمع على الخروج منها،
أو كراكب قال فى ظل شجرة ثم سار وتركها.
فهو لعلمه بقلة مقامه وسرعة انتقاله حريص على ترك ما يثقله حمله ويضره ولا ينفعه،
حريص على الانتقال بخير ما بحضرته،
فليس للعبد أنفع من قصر الأمل ولا أضر من التسويف وطول الأمل.
✔ السبب التاسع:
مجانبة الفضول فى مطعمه ومشربه وملبسه ومنامه واجتماعه بالناس،
فإن قوة الداعى إلى المعاصى إنما تنشأُ من هذه الفضلات،
فإنها تطلب لها مصرفاً فيضيق عليها المباح فتتعداه إلى الحرام.
ومن أعظم الأشياء ضرراً على العبد بطالته وفراغه،
فإن النفس لا تقعد فارغة،
بل إن لم يشغلها بما ينفعها شغلته بما يضره ولا بد.
✔ السبب العاشر:
وهو الجامع لهذه الأسباب كلها:
ثبات شجرة الإيمان فى القلب،
فصبر العبد عن المعاصى إنما هو بحسب قوة إيمانه،
فكلما كان إيمانه أقوى كان صبره أتمّ
وإذا ضعف الإيمان ضعف الصبر،
فإن من باشر قلبه الإيمان بقيام الله عليه ورؤيته له،
وتحريمه لما حرم عليه، وبغضه له، ومقته لفاعله وباشر قلبه الإيمان بالثواب والعقاب والجنة والنار، وامتنع من أن لا يعمل المعصية بموجب هذا العلم.
📚 [من كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين: جـ:١، صـ: ٢٧٠-٢٧٥