عاش الشريف أحلاما وردية مصدقا أن بريطانيا ستهبه حكم الجزيرة العربية والعراق والشام وفلسطين، حتى أن نجله فيصل عندما قال له "ماذا ستفعل إذا افترضنا أن بريطانيا العظمى لم تنفذ الاتفاق في العراق؟" احتد عليه الشريف قائلا "ألا تعرف بريطانيا العظمى؟ إن ثقتي فيها مطلقة".
وفي فترة مبكرة حرصت بريطانيا وفرنسا على جس نبض الشريف، فقابله الدبلوماسيان البريطاني سايكس والفرنسي بيكو في 24 مايو 1917 ليستطلعا رأيه بخصوص مدى قبوله سيطرةَ فرنسا على سوريا، فأجابهما قائلا: "إنه لا يمكنه أن يكون طرفاً في عمل يرمي إلى تسليم مسلمين لحكم مباشر من قبَل دولة غير إسلامية". وجدير بالذكر أن بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية قد تقاسمت تركة الدولة العثمانية بينها في اتفاقية "سايكس بيكو" في 1916، وحرص سايكس في برقية أرسلها إلى وزارة الخارجية بلندن في 17 مارس 1916 على التوصية بكتمان بنود الاتفاقية عن زعماء العرب.
جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ اندلعت ثورة البلاشفة الروس في أكتوبر 1917، ونشر البلاشفة الوثائق السرية التي عثروا عليها في مقر وزارة الخارجية الروسية بالعاصمة بتروغراد، ومن بينها اتفاقية "سايكس بيكو"، فوصلت أنباء الاتفاقية إلى الشريف، فبادر للاستفسار عن حقيقة الأمر، وهو ما شرحه المندوب السامي البريطاني وينغت في رسالة إلى وزير خارجيته في 16 يونيو 1918 قائلا:
"إن ملك الحجاز.. قد أرسل برقية شديدة إلى وكيله موعزاً إليه بالقيام بتحقيقات عن الاتفاق البريطاني الفرنسي ونطاقه. ولا بد أنك تتذكر أن الملك لم يُبلغ قط باتفاقية "سايكس -بيكو" بصورة رسمية. نصحت الوكيل أن يقول إن البلاشفة وجدوا في وزارة خارجية بتروغراد سجلاً لمحادثات قديمة وتفاهم مؤقت وليس معاهدة رسمية بين بريطانيا وفرنسا وروسيا". وصدّق الشريف تبريرات الإنجليز، بل وهنأهم بكل سذاجة على سيطرتهم على القدس قائلا: "إن هذا النبأ مستلزم للفخر العظيم"، ظنا منه أن المدينة ستدخل ضمن نطاق مملكته المنشودة.
وبذلك تحققت إستراتيجية بريطانيا، التي عبر عنها مدير الاستخبارات العسكرية البريطانية في القاهرة قائلا، في فترة مبكرة في 1916، "إن هدف الشريف هو تأسيس خلافة لنفسه.. نشاطه يبدو مفيدا لنا لأنه يتماشى مع أهدافنا الآنية؛ وهي تفتيت الكتلة الإسلامية ودحر الإمبراطورية العثمانية وتمزيقها.. إن العرب هم أقل استقرارا من الأتراك؛ وإذا عولج أمرهم بصورة صحيحة فإنهم يبقون في حالة من الفسيفساء السياسية؛ مجموعة دويلات صغيرة يغار بعضها من بعض؛ غير قادرة على التماسك.. وإذا تمكنا فقط من أن ندبّر جعل هذا التغيير السياسي عنيفا؛ فسنكون قد ألغينا خطر الإسلام بجعله منقسما على نفسه".
http://blogs.aljazeera.net/blogs/2017/12/26/%D8%AE%D8%AF%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9
وفي فترة مبكرة حرصت بريطانيا وفرنسا على جس نبض الشريف، فقابله الدبلوماسيان البريطاني سايكس والفرنسي بيكو في 24 مايو 1917 ليستطلعا رأيه بخصوص مدى قبوله سيطرةَ فرنسا على سوريا، فأجابهما قائلا: "إنه لا يمكنه أن يكون طرفاً في عمل يرمي إلى تسليم مسلمين لحكم مباشر من قبَل دولة غير إسلامية". وجدير بالذكر أن بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية قد تقاسمت تركة الدولة العثمانية بينها في اتفاقية "سايكس بيكو" في 1916، وحرص سايكس في برقية أرسلها إلى وزارة الخارجية بلندن في 17 مارس 1916 على التوصية بكتمان بنود الاتفاقية عن زعماء العرب.
جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ اندلعت ثورة البلاشفة الروس في أكتوبر 1917، ونشر البلاشفة الوثائق السرية التي عثروا عليها في مقر وزارة الخارجية الروسية بالعاصمة بتروغراد، ومن بينها اتفاقية "سايكس بيكو"، فوصلت أنباء الاتفاقية إلى الشريف، فبادر للاستفسار عن حقيقة الأمر، وهو ما شرحه المندوب السامي البريطاني وينغت في رسالة إلى وزير خارجيته في 16 يونيو 1918 قائلا:
"إن ملك الحجاز.. قد أرسل برقية شديدة إلى وكيله موعزاً إليه بالقيام بتحقيقات عن الاتفاق البريطاني الفرنسي ونطاقه. ولا بد أنك تتذكر أن الملك لم يُبلغ قط باتفاقية "سايكس -بيكو" بصورة رسمية. نصحت الوكيل أن يقول إن البلاشفة وجدوا في وزارة خارجية بتروغراد سجلاً لمحادثات قديمة وتفاهم مؤقت وليس معاهدة رسمية بين بريطانيا وفرنسا وروسيا". وصدّق الشريف تبريرات الإنجليز، بل وهنأهم بكل سذاجة على سيطرتهم على القدس قائلا: "إن هذا النبأ مستلزم للفخر العظيم"، ظنا منه أن المدينة ستدخل ضمن نطاق مملكته المنشودة.
وبذلك تحققت إستراتيجية بريطانيا، التي عبر عنها مدير الاستخبارات العسكرية البريطانية في القاهرة قائلا، في فترة مبكرة في 1916، "إن هدف الشريف هو تأسيس خلافة لنفسه.. نشاطه يبدو مفيدا لنا لأنه يتماشى مع أهدافنا الآنية؛ وهي تفتيت الكتلة الإسلامية ودحر الإمبراطورية العثمانية وتمزيقها.. إن العرب هم أقل استقرارا من الأتراك؛ وإذا عولج أمرهم بصورة صحيحة فإنهم يبقون في حالة من الفسيفساء السياسية؛ مجموعة دويلات صغيرة يغار بعضها من بعض؛ غير قادرة على التماسك.. وإذا تمكنا فقط من أن ندبّر جعل هذا التغيير السياسي عنيفا؛ فسنكون قد ألغينا خطر الإسلام بجعله منقسما على نفسه".
http://blogs.aljazeera.net/blogs/2017/12/26/%D8%AE%D8%AF%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9