"كَانَت أمّنا خديجَة رضِيَ اللّٰه عنها أُنثى رحِيمةً رئِيفَة، سَندَت زوجَها حِين غرُبت عنَه الجموع وانفضَّ من حَولِه الرّجَال، وكَانَت لهُ السّكن الهنِيء والرّواحَ السّكِين، وقَد ألِفنَا مِن الكُتبِ أن تُضربَ في مِثال المرأةِ السيّدة الصّلدة نموذَجا للعملِ والغِنى، وهذَا مثال عمِيّ عنِ الحقِيقة، فلم تتنَكّر أمنا عن فِطرَة النّساء فاحتجَبت إلى ظلّ الزّوجية والأمومة حِين وجَدت سنَدًا معِيلًا، كانَت غيدقًا من الأنوثة، امرأة غانِية حَانية عاطِفِيّة رقِيقَة عذبَة المعامَلة،أرى أنّها تُحسِن الودّ وتُجيده [أبشِر! فواللّه لا يُخزِيك اللّه أبدًا، فقد كنتَ كذَا وكَذا] كأنّها فِي الحُنوّ أمّ، وكأنًما في قولِها جمعَت له ثِقاتَ الدّنيا، ثِقة جازِمة لا يُخالِجها رَيب أنّها بِهِ واثِقة، يرى مِنها الحَبيبُ راحةَ نفسِه، يرى فيها نفسَه، فكلّ الواحِد منهما فِي الآخَر مفرَغا، آمنَته آمِنة بِه واستأمنَ بِها وأمِن لهَا وآمَن بِها.
يصدُّ النّاس وأنَا بكَ منَ الجمِيع أعرَفُ.
أقولُ لكَ علَى لسانِ شاعِرة:
«بودّي أن أكون لكَ خديجة
إذا ما جِئت تشكو دثّروني»"
يصدُّ النّاس وأنَا بكَ منَ الجمِيع أعرَفُ.
أقولُ لكَ علَى لسانِ شاعِرة:
«بودّي أن أكون لكَ خديجة
إذا ما جِئت تشكو دثّروني»"