فبدأنا الصلاة وهي لم تأتِ بعد فقلقتُ عليها ودعوت الله أن ييسر
أمرها، وبعدما فرغنا من الصلاة، وجدنا الناس ملتفّين حول أحد، لا
ندري ماذا يحدث فوقفنا بعيدًا، فإذا بنا نجد صاحبتنا قد ماتت،
لا أستطيع وصف الصدمة والذهول الذي بدا علينا، فاقتربنا منها
والدمع كالسيل،
فقالت إحدانا [ربحَ البَيع يا حبيبةُ ربح البيع، لقد أبدلكِ الله جوارًا
خيرًا من جوارنا وبيتًا خيرًا من بيوتنا ومنزلًا خيرًا من منزلِنا، لله درّ
الصادقين لقد أحدثوا في قلوبنا العجب العجاب.
دُفنت الحبيبةُ في خَير بقاع الأرض وصلينا عليها عقب صلاة
العشاء، لو كان الموت يُشترى لاشتريته، فما العُملة يا رب؟
فما العُملة!
إنّـه الصدق واللهِ..
الصدق الذي دفع المُحبين لبيع الغالي والنفيس مقابل نظرة رضا
من الله عز وجل.
لما عُدنا كان كل ما يشغل بالي هو العودة لفتح الورقة التي كتبتها
لنا حبيبة، ففتحتها فورَ وصولي لبلدتي فوجدتُ فيها [بسمِ اللهِ
الرحمٰن الرحيم، من المؤمنينَ رجالٌ صدقوا ما عاهدُوا اللهَ عليهِ،
الحمدُللهِ الذي لم يخذُل صادقًا، بالصدق بلغ أصحابُ النبي فهلّا
صدقنا؟]
بكيتُ لساعاتٍ طوال، لقد كان موقف موتها مَهيب، لقد صلَى
عليها أكثر من مليون مسلم، هذا التشريف من أهل الأرض فكيف
بأهل السماء،
رُحماك يارب لقد أسرفنا، فهلا قبلتنا وأدخلتنا في الصالحين، إنا لله
وإنا إليه راجعون..
..
هذه أنا كتبتها بدموعي،
أرجو أن ينتفع بها كل من يقرأها..
📚-ماهيتاب مُحمد.