خروج نواب فرنسيين بسبب مسلمة محجبة يعني أن القوم يفهمون جيدا أن الحجاب ليس مجرد قطعة قماش تستر بها المسلمة جسدها، بل هو يتضمن أبعادا عقائدية ومضامين قيمية ومضمرات انتمائية، وهي كلها تنبع من رؤية وجودية للذات والعالم متجاوزة لعالم المادة، ومن ثم فهي تناقض تمام المناقضة الرؤية العلمانية في أبعادها المادية.
ومن هنا، فهم حريصون شديد الحرص على تعرية الجسد، لأن العري يتضمن أبعادا كامنة ذات رؤية متخمة بالبعد المادي، فلا هوية ولا خصوصية ولا مقدس ولا تجاوز، وأن الأنا هي المعيار والمركز والأفق النهائي الذي يتحرك فيه هذا الإنسان/المرأة. وهذا التركيز على ضرورة عري المرأة عندهم مرتبط بحقيقة أنها محضن صناعة الإنسان، فإذا فسدت فسد وإذا صلحت صلح.
ولهذا، فحين يتحدثون عن التعددية الثقافية، وعن الانفتاح والتواصل، وعن حرية التعبير والرأي، فهم يقصدون أن يكون كل ذلك داخل إطار الرؤية العلمانية المادية المنفصلة عن الإله المتجاوز للإنسان والكون والحياة، أما حين يكون الرأي والموقف والثقافة والهوية موصولا برؤية وجودية غير مادية، فهنا لابد من الإقصاء والحصار والتضييق.
إن الغرب يفهم جيدا المسألة عكس الببغاوات عندنا من بني علمان، أو كما احب تسميتهم ( صبيان الغرب ).