منزلة العلماء في الأمة:
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل – عليهم الصلاة والسلام – بقايا من أهل العلم، يدعون مَنْ ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله تعالى أهل العمى، فكم قتيلٍ لإبليس قد أحيوه؟!، وكم ضالٍّ تائهٍ قد هدوه!، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم.
ينفون عن كتاب الله تعالى تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
ويكفي في بيان شرفهم وعِظم مسؤوليتهم وأهمية دورهم ما وصفهم الله به في مواضع من كتابه بالخشية والرفعة والأمر بالرجوع إليهم، وما خصهم به النبي _صلى الله عليه وسلم_ من كونهم "ورثة الأنبياء"، فحيثما وقعت الفتن واختلطت الأمور واحتاج الناس إلى المصلح والقائد ولم يجدوا أنبياء لله ورسله فليقصدوا ورثتهم الذين يقولون بقولهم ويدلُّون على هديهم، وليست تلك المنزلة لغيرهم، وإن سُئلتَ عن السبب فـ"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ" (الزمر: من الآية9)؟!
مَنْ هم العلماء المعنيُّون بالفضل والتشريف؟
إن "ورثة الأنبياء" هم الذين يرثونهم علماً وعملاً، ويقتدون بهم في السرِّ والعلن، ويلتزمون منهجهم في الغضب والرضا والمنشط والمكره، ولا يكونوا كمَنْ "يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ" (الحج: من الآية11)، أو كمن "أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ" (الأعراف: من الآية176).
والعلم – الذي هو مصدر تشريف الله للعلماء – علمان ينبغي أن يجتمعا في العالم، وكذلك العمل، فأما العلم فعلمٌ بواقعه الذي يعايشه وعلمٌ بحكم الله الواجب فيه، وكذلك العمل يجب أن يكون عملاً بمقتضى العِلْمَيْن.
والعلم الذي سبب التشريف وعلة التكريم قد يكون سبباً لشقاء الدنيا والآخرة، وموجباً للذم والمهانة عند الله وعند الناس إذا لم يقترن به من العمل ما ينفع صاحبه وأمته من بعده، بل قد يكون صاحبه من أول مَنْ تسعَّر بهم النار.
ولذلك فإنّ من الأهمية بمكان التأكيد على أن مَنْ يجتهدُ فيما يطيق من العمل الصالح ونفع الأمة بما معه من العلم هو في أشرف المنازل وأسناها، حتى ولو لم يكنْ من المتبحرين في علوم الشريعة أو الخائضين في لجَّتها، ولهذا لما ذُكر معروف الكرخي في مجلس الإمام أحمد "فقال بعض من حضر: هو قصير العلم، فقال له أحمد: أمسكْ عافاك الله! وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف؟!".
ولعلَّ أهم صفات العلماء الربانيين الذي يُنتظر منهم أن يقودوا الأمة – ولاسيما عند الاختلاف والاضطراب – هي صفة "الخشية"، والتي جعلها الله من أخصِّ صفاتهم كما في قوله تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" (فاطر: من الآية28)، ولذلك قال الإمام أحمد لابنه عبد الله لما سأله عن معروف هل معه من العلم شيء؟ قال: معه رأس العلم: الخشية.
ومردُّ ذلك أن أهل الخشية من العلماء هم الذين يصدرون فيما يقولون ويفعلون عمَّا أداه إليه اجتهادهم، دون مداهنةٍ لأحد أو خوفاً من أحد، ومن غير أن يتطلعوا لعرضٍ زائلٍ مهما بلغ، فإن مقتضى خشية الله في قلوبهم أن لا يلتفتوا إلى أهوائهم ولا أهواء غيرهم من الخاصة أو العامة.
ومتى ما كانت مواقف العالم كذلك كانت أقرب إلى الصدق والثبات، وأحرى أن تطمئن لها النفوس وتجتمع عليها القلوب.
منقول
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل – عليهم الصلاة والسلام – بقايا من أهل العلم، يدعون مَنْ ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله تعالى أهل العمى، فكم قتيلٍ لإبليس قد أحيوه؟!، وكم ضالٍّ تائهٍ قد هدوه!، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم.
ينفون عن كتاب الله تعالى تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
ويكفي في بيان شرفهم وعِظم مسؤوليتهم وأهمية دورهم ما وصفهم الله به في مواضع من كتابه بالخشية والرفعة والأمر بالرجوع إليهم، وما خصهم به النبي _صلى الله عليه وسلم_ من كونهم "ورثة الأنبياء"، فحيثما وقعت الفتن واختلطت الأمور واحتاج الناس إلى المصلح والقائد ولم يجدوا أنبياء لله ورسله فليقصدوا ورثتهم الذين يقولون بقولهم ويدلُّون على هديهم، وليست تلك المنزلة لغيرهم، وإن سُئلتَ عن السبب فـ"قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ" (الزمر: من الآية9)؟!
مَنْ هم العلماء المعنيُّون بالفضل والتشريف؟
إن "ورثة الأنبياء" هم الذين يرثونهم علماً وعملاً، ويقتدون بهم في السرِّ والعلن، ويلتزمون منهجهم في الغضب والرضا والمنشط والمكره، ولا يكونوا كمَنْ "يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ" (الحج: من الآية11)، أو كمن "أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ" (الأعراف: من الآية176).
والعلم – الذي هو مصدر تشريف الله للعلماء – علمان ينبغي أن يجتمعا في العالم، وكذلك العمل، فأما العلم فعلمٌ بواقعه الذي يعايشه وعلمٌ بحكم الله الواجب فيه، وكذلك العمل يجب أن يكون عملاً بمقتضى العِلْمَيْن.
والعلم الذي سبب التشريف وعلة التكريم قد يكون سبباً لشقاء الدنيا والآخرة، وموجباً للذم والمهانة عند الله وعند الناس إذا لم يقترن به من العمل ما ينفع صاحبه وأمته من بعده، بل قد يكون صاحبه من أول مَنْ تسعَّر بهم النار.
ولذلك فإنّ من الأهمية بمكان التأكيد على أن مَنْ يجتهدُ فيما يطيق من العمل الصالح ونفع الأمة بما معه من العلم هو في أشرف المنازل وأسناها، حتى ولو لم يكنْ من المتبحرين في علوم الشريعة أو الخائضين في لجَّتها، ولهذا لما ذُكر معروف الكرخي في مجلس الإمام أحمد "فقال بعض من حضر: هو قصير العلم، فقال له أحمد: أمسكْ عافاك الله! وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف؟!".
ولعلَّ أهم صفات العلماء الربانيين الذي يُنتظر منهم أن يقودوا الأمة – ولاسيما عند الاختلاف والاضطراب – هي صفة "الخشية"، والتي جعلها الله من أخصِّ صفاتهم كما في قوله تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" (فاطر: من الآية28)، ولذلك قال الإمام أحمد لابنه عبد الله لما سأله عن معروف هل معه من العلم شيء؟ قال: معه رأس العلم: الخشية.
ومردُّ ذلك أن أهل الخشية من العلماء هم الذين يصدرون فيما يقولون ويفعلون عمَّا أداه إليه اجتهادهم، دون مداهنةٍ لأحد أو خوفاً من أحد، ومن غير أن يتطلعوا لعرضٍ زائلٍ مهما بلغ، فإن مقتضى خشية الله في قلوبهم أن لا يلتفتوا إلى أهوائهم ولا أهواء غيرهم من الخاصة أو العامة.
ومتى ما كانت مواقف العالم كذلك كانت أقرب إلى الصدق والثبات، وأحرى أن تطمئن لها النفوس وتجتمع عليها القلوب.
منقول