[٨:٣٤ م ٢١/١/٢٠١٨] أبو الزهراء: رسالة إلى الأشعث الأغبر
*
لا يَأسَ..
ولا فَرَح..
اليأسُ كفر..
والله لا يُحِبُ الفَرِحِين..
مَدارُ الأمرِ على العمل والثبات..
مِن العَار أن تستسلم حين الهزيمة..
ومن خَطَلِ الرأي أن تَغفلَ حين الانتصار..
القيامةُ لن تقوم غداً.. وأنتَ لستَ صاحبَ الفسيلة، فإن كُنْتَ صَاحِبَهَا فَاغْرِسهَا، وإن لم تَكُنْه فَلا تذهب نفسُكَ على كَبوةٍ حَسَرات.. في الزمانِ متسعٌ للتدبيرِ كما في المكانِ متسعٌ للحركة؟!
أنتَ على الطريقِ ما دُمتَ حَيَّاً.. رَاجِعْ ولا تَتَرَاجَعْ؛ فإن خُيِّرتَ بين المُرَّيِنِ فَكُنْ لَحْمَ السيفِ ولا تَكُنْ بَقِيَتَهْ!!
*
لم يَفْهَمهُم سِواك..
ولم يَفْهَمْكَ سواهم..
أولئك الذين ظنوا أنهم امتلكوا سلطانَ الموتِ على روحِ الحياة؛ "فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا مَنْ أشدُّ منا قوة"؟!
جاؤوا من كُهوفِ الخراب كما تَأتي الطَّواعينُ والأوبئة: نفوساً مُظلِمةً تَعَتَّقتْ في دَرَكَاتِ جهنم، وأرواحاً مُحرِقةً تطايرت من زَفَرَاتِ جهنم، وأجساداً منتنة نَبَتَتْ من طِينة خَبالِ جهنم.. ثم تجسدوا وحوشاً في هيئة بشر: من (أوربان الثاني) إلى (بات روبرتسون)، ومن (ميكافيلي) إلى (كيسنجر)، ومن (شيلوك) إلى (مليتون فريدمان)، ومن (ليوبولد الثاني) إلى (رامسفيلد).. وكأنهم كانوا مقصد ملائكة الله حين قالوا: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء"؟!!
ولأن "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"؛ جئتَ أنتَ مِنْ أقصى المدائنِ تسعى، أشعثَ أغبر، تدفعكَ الأبوابُ، وتخلعكَ القبائلُ، ويأتمرُ بك المَلأ.. دَمُكَ وَضُوؤُك، وآيةُ السيفِ فاتحةُ صَلاتِك، ورُوحُكَ زكاةُ رُوحِك، وحَجُّكَ هَيْعَةٌ كلما سَمِعتَهَا طِرتَ إليها؛ ميقاتُها ثكنةٌ تُدك، أو قلعةٌ تُقتَحَم، أو مفخخةٌ تتبختر بها إلى الخلود!!
جئتَ- على فترة من السيف- أَبْصَرَ من زرقاء يمامة: ترى الخيانةَ فتقول خيانة ولا تجتهد، وترى الكفرَ فتقول كفر ولا تتأول.. جئت قصاصاً يُحْيِي، وقتلاً ينفي القتل، ورحمةً تَصُبُّ كوثرَ التوحيد على رؤوس المُدَنَّسِين في مستنقع الديمقراطية "تطهرهم وتزكيهم بها" وتُلبسهم أرديةَ العبودية بيضاءَ نقية، وتقلدهم سيفَ المفاصلة كشهابِ نارٍ مِنْ قَبَسِ نور.. فكأنك كنت رَدَّ اللهِ على ملائكته: "إني أعلم ما لا تعلمون"!!
***
وَحدكَ أيها الأشعث الأغبر فَهمتَ المعادلة..
وحدكَ رأيتَ الملكَ عارياً..
وحدكَ كَشَفتَ فأرَ السَّدِ، ودابةَ المِنسَأة، وتسويلَ نَفْسِ السامري!!
لم يخدعك بريقُ الديمقراطية الزائف، ولا زهوُ القومية الكاذب، ولا شعاراتُ الوطنية الجوفاء.. رأيتَ (سايكس) يرسم أعلامَنا في عشرين دقيقة لنرفعها نحن مائة سنة ونموت من أجلها فرحين بوهم الدولة.. رأيتَ (كوكس) يضرب في القلب ويرسم حدودَ جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم وأرواحُ الأنصار- الذين أنفوا أن يعطوا ثلثَ تمورِ المدينة لأمثالهم من العرب- تَزفرُ في البقيع غضباً على الذين أعطوا الطارفَ والتليدَ لأعدائهم من العجم.. رأيتَ خَلفَ كل عسكري (مايلز كوبلاند) يصنع زعيماً خالداً ذِكْرُهُ في الهزائم والنكسات.. رأيتَ تحت كل عمامة سوداء خمينياً أسودَ القلبِ يرفع رايات الحسين على رماح قد ارتوت من دماء الحسين!!
رأيتَ في كلِ حَاكمٍ لِصاً، وفي كل حُكومةٍ عصابة، وفي كل دولةٍ خَرابة، وفي كل مستشرقٍ جاسوساً، وفي كل مركزِ أبحاثٍ حصانَ طروادة، وفي كل حمامةِ سَلامٍ أباتشي، وفي كل غُصنِ زيتونٍ مِشطَ رصاص، وفي كل تمثال حريةٍ فروةَ رأسٍ منزوعةً لهنديٍّ أحمر!!
رأيتَ ورأوا أنكَ رأيت.. فَهِمتَهُم وفَهِمُوك.. حتى إذا كَبُرَ عليهم مقامُك وتذكيرك بآية السيف استيأسوا منك فأجمعوا أمرهم وشركاءَهم وخَلصوا نجياً؛ قال كبيرُهم: خارجي.. ثم انطلقت أبواقُ السوء تصم آذان العامة، ودارت رحى الأكاذيب تطحنُ عقولَ الخاصة.. وإذ أنت بين الأبواق والرحى واسطةُ عِقدٍ في سلسلة ذهبية من الذين قال الله فيهم:" وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين".
الله يحب الصابرين؛ فلا تيأس!!
لا يأسَ اليومَ ولا مَخِيْلَةَ غداً.. اليومَ أمرٌ وغداً أمورُ!!
لَمْلِم جِراحَكَ واعصف بمجزرة أخرى..
الحِكمةُ الآن ليست ضالة المؤمن؛ بل القنبلة!!
قَاتِلْ للأَمرِ ولا تُقاتل للنصر- مَنْ قَاتَل للنصر فكأنما اشترط على الله، واللهُ لا يُشتَرَطُ عليه- فإن أدركتَ النصرَ فقد نَعِمتَ في الدنيا بتنفيذ أمره، وإن عُوجلتَ دونه فقد نَعِمتَ في الآخرة لتنفيذ أمره.. ومَا على مُتقلبٍ بين نعيمين بأساء!!
"ما لا تستطيع إنجازه بالعنف تستطيع إنجازه بعنفٍ أكبر"!!
هكذا يقول الروس وهكذا يفعلون، هكذا يفكر الأمريكان وهكذا يفعلون، هذه هي الدنيا؛ بُنيت على المدافعة وقامت على الصراع.. من العبث أن تُكَلِّفَهَا ضِدَ طباعها ومن الحمق أن تقضي عمرك في العبث!!
العظيمُ الذي قال له عَمُّه:" تباً لكَ سائرَ هذا اليوم، ألهذا جمعتنا".. هو نفسه صلى ال
*
لا يَأسَ..
ولا فَرَح..
اليأسُ كفر..
والله لا يُحِبُ الفَرِحِين..
مَدارُ الأمرِ على العمل والثبات..
مِن العَار أن تستسلم حين الهزيمة..
ومن خَطَلِ الرأي أن تَغفلَ حين الانتصار..
القيامةُ لن تقوم غداً.. وأنتَ لستَ صاحبَ الفسيلة، فإن كُنْتَ صَاحِبَهَا فَاغْرِسهَا، وإن لم تَكُنْه فَلا تذهب نفسُكَ على كَبوةٍ حَسَرات.. في الزمانِ متسعٌ للتدبيرِ كما في المكانِ متسعٌ للحركة؟!
أنتَ على الطريقِ ما دُمتَ حَيَّاً.. رَاجِعْ ولا تَتَرَاجَعْ؛ فإن خُيِّرتَ بين المُرَّيِنِ فَكُنْ لَحْمَ السيفِ ولا تَكُنْ بَقِيَتَهْ!!
*
لم يَفْهَمهُم سِواك..
ولم يَفْهَمْكَ سواهم..
أولئك الذين ظنوا أنهم امتلكوا سلطانَ الموتِ على روحِ الحياة؛ "فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا مَنْ أشدُّ منا قوة"؟!
جاؤوا من كُهوفِ الخراب كما تَأتي الطَّواعينُ والأوبئة: نفوساً مُظلِمةً تَعَتَّقتْ في دَرَكَاتِ جهنم، وأرواحاً مُحرِقةً تطايرت من زَفَرَاتِ جهنم، وأجساداً منتنة نَبَتَتْ من طِينة خَبالِ جهنم.. ثم تجسدوا وحوشاً في هيئة بشر: من (أوربان الثاني) إلى (بات روبرتسون)، ومن (ميكافيلي) إلى (كيسنجر)، ومن (شيلوك) إلى (مليتون فريدمان)، ومن (ليوبولد الثاني) إلى (رامسفيلد).. وكأنهم كانوا مقصد ملائكة الله حين قالوا: "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء"؟!!
ولأن "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"؛ جئتَ أنتَ مِنْ أقصى المدائنِ تسعى، أشعثَ أغبر، تدفعكَ الأبوابُ، وتخلعكَ القبائلُ، ويأتمرُ بك المَلأ.. دَمُكَ وَضُوؤُك، وآيةُ السيفِ فاتحةُ صَلاتِك، ورُوحُكَ زكاةُ رُوحِك، وحَجُّكَ هَيْعَةٌ كلما سَمِعتَهَا طِرتَ إليها؛ ميقاتُها ثكنةٌ تُدك، أو قلعةٌ تُقتَحَم، أو مفخخةٌ تتبختر بها إلى الخلود!!
جئتَ- على فترة من السيف- أَبْصَرَ من زرقاء يمامة: ترى الخيانةَ فتقول خيانة ولا تجتهد، وترى الكفرَ فتقول كفر ولا تتأول.. جئت قصاصاً يُحْيِي، وقتلاً ينفي القتل، ورحمةً تَصُبُّ كوثرَ التوحيد على رؤوس المُدَنَّسِين في مستنقع الديمقراطية "تطهرهم وتزكيهم بها" وتُلبسهم أرديةَ العبودية بيضاءَ نقية، وتقلدهم سيفَ المفاصلة كشهابِ نارٍ مِنْ قَبَسِ نور.. فكأنك كنت رَدَّ اللهِ على ملائكته: "إني أعلم ما لا تعلمون"!!
***
وَحدكَ أيها الأشعث الأغبر فَهمتَ المعادلة..
وحدكَ رأيتَ الملكَ عارياً..
وحدكَ كَشَفتَ فأرَ السَّدِ، ودابةَ المِنسَأة، وتسويلَ نَفْسِ السامري!!
لم يخدعك بريقُ الديمقراطية الزائف، ولا زهوُ القومية الكاذب، ولا شعاراتُ الوطنية الجوفاء.. رأيتَ (سايكس) يرسم أعلامَنا في عشرين دقيقة لنرفعها نحن مائة سنة ونموت من أجلها فرحين بوهم الدولة.. رأيتَ (كوكس) يضرب في القلب ويرسم حدودَ جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم وأرواحُ الأنصار- الذين أنفوا أن يعطوا ثلثَ تمورِ المدينة لأمثالهم من العرب- تَزفرُ في البقيع غضباً على الذين أعطوا الطارفَ والتليدَ لأعدائهم من العجم.. رأيتَ خَلفَ كل عسكري (مايلز كوبلاند) يصنع زعيماً خالداً ذِكْرُهُ في الهزائم والنكسات.. رأيتَ تحت كل عمامة سوداء خمينياً أسودَ القلبِ يرفع رايات الحسين على رماح قد ارتوت من دماء الحسين!!
رأيتَ في كلِ حَاكمٍ لِصاً، وفي كل حُكومةٍ عصابة، وفي كل دولةٍ خَرابة، وفي كل مستشرقٍ جاسوساً، وفي كل مركزِ أبحاثٍ حصانَ طروادة، وفي كل حمامةِ سَلامٍ أباتشي، وفي كل غُصنِ زيتونٍ مِشطَ رصاص، وفي كل تمثال حريةٍ فروةَ رأسٍ منزوعةً لهنديٍّ أحمر!!
رأيتَ ورأوا أنكَ رأيت.. فَهِمتَهُم وفَهِمُوك.. حتى إذا كَبُرَ عليهم مقامُك وتذكيرك بآية السيف استيأسوا منك فأجمعوا أمرهم وشركاءَهم وخَلصوا نجياً؛ قال كبيرُهم: خارجي.. ثم انطلقت أبواقُ السوء تصم آذان العامة، ودارت رحى الأكاذيب تطحنُ عقولَ الخاصة.. وإذ أنت بين الأبواق والرحى واسطةُ عِقدٍ في سلسلة ذهبية من الذين قال الله فيهم:" وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين".
الله يحب الصابرين؛ فلا تيأس!!
لا يأسَ اليومَ ولا مَخِيْلَةَ غداً.. اليومَ أمرٌ وغداً أمورُ!!
لَمْلِم جِراحَكَ واعصف بمجزرة أخرى..
الحِكمةُ الآن ليست ضالة المؤمن؛ بل القنبلة!!
قَاتِلْ للأَمرِ ولا تُقاتل للنصر- مَنْ قَاتَل للنصر فكأنما اشترط على الله، واللهُ لا يُشتَرَطُ عليه- فإن أدركتَ النصرَ فقد نَعِمتَ في الدنيا بتنفيذ أمره، وإن عُوجلتَ دونه فقد نَعِمتَ في الآخرة لتنفيذ أمره.. ومَا على مُتقلبٍ بين نعيمين بأساء!!
"ما لا تستطيع إنجازه بالعنف تستطيع إنجازه بعنفٍ أكبر"!!
هكذا يقول الروس وهكذا يفعلون، هكذا يفكر الأمريكان وهكذا يفعلون، هذه هي الدنيا؛ بُنيت على المدافعة وقامت على الصراع.. من العبث أن تُكَلِّفَهَا ضِدَ طباعها ومن الحمق أن تقضي عمرك في العبث!!
العظيمُ الذي قال له عَمُّه:" تباً لكَ سائرَ هذا اليوم، ألهذا جمعتنا".. هو نفسه صلى ال