خريطة توازن النظام الدولي وكيفية فهم الصراعات 12
استقلالية القرار السياسي
يتمثل مفهوم استقلالية القرار السياسي في قدرة الدولة على اتخاذ المواقف والقرارات انطلاقاً من القناعات الذاتية والمصالح الاستراتيجية لها, بمعنى أن الباعث الرئيسي المحرك للدولة هو القناعات الذاتية والمصالح الاستراتيجية.
ولابد من الفصل بين الباعث الأساسي للتحرك المرتبط بمفهوم الاستقلالية وبين القدرة العملية على التحرك والمناورة لتحقيق المصلحة السياسية للدولة, والتي ترتبط (أي القدرة ) بعدة عوامل منها قوة الدولة وحجم نفوذها و الظروف المحلية والدولية, بمعنى أن هناك من الدول التي تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية في القرار السياسي, ولكنها ذات قدرة محدودة على التحرك, مثل كوريا الشمالية أو بريطانيا, وهناك أيضا أمثلة نادرة وعلى العكس من الأولى مثل اليابان, لديها قدرة عملية جيدة ولكن قراراها السياسي مرهون بأمريكا في معظمه.
▪️ تنبع الاستقلالية في القرار السياسي من منابع رئيسية هي:
⬅️ أولاً: كيفية نشأة وتكوين نظام الحكم الحالي:
➖ الأنظمة التي تكونت نتيجة حروب سواءً حروب ضد عدوان خارجي أو حروب أهلية تتمتع في الغالب بقدر ضخم من الاستقلال السياسي مثل امريكا وروسيا وبريطانيا.
➖ والأنظمة التي تأتي نتيجة ثورات شعبية حقيقة أيضاً تتمتع بقدرٍ كبيرٍ من الاستقلالية مثل ايران أو كوبا.
➖ أما الأنظمة التي تكونت نتيجة انقلابات عسكرية مدبرة أو منسقة مع المخابرات الأجنبية والأنظمة التي تكون كوكلاء للاستعمار القديم بعد خروجه من البلاد, والأنظمة الملكية أو العائلية التي قامت على العمالة للدول الكبرى في مقابلة حماية العائلة الحاكمة, كل هذه الأنظمة لا يمكن أن يسمح لها أو أن تطمح أو تفكر في استقلالية قرارها السياسي, والكثير منها ينتهي إلى الإدارة المباشرة أو شبه المباشرة من الدول الكبرى.
⬅️ ثانيا : الارث التاريخي والمجتمعي:
فالدول التي لديها تاريخ من الاستقلال مثل بريطانيا, أو الدول التي لديها تاريخ وارث نضالي ورفض للتبعية مثل أفغانستان, والدول التي يتمتع شعوبها برفض الظلم والمواجهة وتعود الحرب, مع كل هذه السمات تكون هذه الدول في الأغلب لديها فرصة كبيرة في استقلالية القرار السياسي.
⬅️ ثالثا : عوامل القوة:
أيضا الدول التي تتمتع بعوامل القوة الاستراتيجية من كبر المساحة وكثرة السكان ووعرة الاراضي وتوفر الموارد المادية والكوادر البشرية يكون لدى هذه الدول فرصة أكبر من غيرها في استقلالية القرار, ولكن مع الوضع في الاعتبار طبيعة النظام الحاكم أو النخب السياسية المؤهلة للحكم الموجودة في البلد. استقلالية القرار السياسي أمر مكتسب بكثير من الدم والجهد, وأيضاً هو أمر قابل للتغيير حسب التغير في طبيعة نظام الحكم أو الظروف المحيطة أو الذاتية للدولة.
مبدأ استقلالية القرار السياسي يفيد في فهم الأحداث, أو في وضع احتمالات مستقبلية, فالدول التي تتمتع بالاستقلالية حتى لو اتخذت قرارات تضر بمصالحها بدافع ظروف وضغوط خارجية يتوقع منها أن تغير هذه المواقف اتساقاً مع مصالحها حين تتغير الظروف أو الضغوط, أما الدول التي لا تتمتع باستقلالية القرار فتكون مواقفها وقرارتها مرتبطة دائما بالدولة الخارجية المهيمنة ومصالحها مهما أدت هذه المواقف والقرارات إلى ضرر في المصالح الذاتية للدولة لأنها لا تملك في كثير من الاحيان أي بدائل نتيجة لتبعيتها, ولأنه في غالب الأمر تكون المصلحة العليا تتمثل في بقاء نظام الحكم أو العائلة الحاكمة وبقاء مكتسباتها بغض النظر عن مصالح الدولة التي يحكموها, حتى لو حكموا أطلالاً وخرابات, لذا لابد من تقييم استقلالية القرار السياسي لأي دولة قبل البدء في تقييم مصالح الدولة السياسية والظروف المحيطة بها حتى نصل إلى فهم وتصور أقرب للصواب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88]
تابعونا على قناة بروج لنشر الوعي بالسياسة الشرعية
@borwj
استقلالية القرار السياسي
يتمثل مفهوم استقلالية القرار السياسي في قدرة الدولة على اتخاذ المواقف والقرارات انطلاقاً من القناعات الذاتية والمصالح الاستراتيجية لها, بمعنى أن الباعث الرئيسي المحرك للدولة هو القناعات الذاتية والمصالح الاستراتيجية.
ولابد من الفصل بين الباعث الأساسي للتحرك المرتبط بمفهوم الاستقلالية وبين القدرة العملية على التحرك والمناورة لتحقيق المصلحة السياسية للدولة, والتي ترتبط (أي القدرة ) بعدة عوامل منها قوة الدولة وحجم نفوذها و الظروف المحلية والدولية, بمعنى أن هناك من الدول التي تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية في القرار السياسي, ولكنها ذات قدرة محدودة على التحرك, مثل كوريا الشمالية أو بريطانيا, وهناك أيضا أمثلة نادرة وعلى العكس من الأولى مثل اليابان, لديها قدرة عملية جيدة ولكن قراراها السياسي مرهون بأمريكا في معظمه.
▪️ تنبع الاستقلالية في القرار السياسي من منابع رئيسية هي:
⬅️ أولاً: كيفية نشأة وتكوين نظام الحكم الحالي:
➖ الأنظمة التي تكونت نتيجة حروب سواءً حروب ضد عدوان خارجي أو حروب أهلية تتمتع في الغالب بقدر ضخم من الاستقلال السياسي مثل امريكا وروسيا وبريطانيا.
➖ والأنظمة التي تأتي نتيجة ثورات شعبية حقيقة أيضاً تتمتع بقدرٍ كبيرٍ من الاستقلالية مثل ايران أو كوبا.
➖ أما الأنظمة التي تكونت نتيجة انقلابات عسكرية مدبرة أو منسقة مع المخابرات الأجنبية والأنظمة التي تكون كوكلاء للاستعمار القديم بعد خروجه من البلاد, والأنظمة الملكية أو العائلية التي قامت على العمالة للدول الكبرى في مقابلة حماية العائلة الحاكمة, كل هذه الأنظمة لا يمكن أن يسمح لها أو أن تطمح أو تفكر في استقلالية قرارها السياسي, والكثير منها ينتهي إلى الإدارة المباشرة أو شبه المباشرة من الدول الكبرى.
⬅️ ثانيا : الارث التاريخي والمجتمعي:
فالدول التي لديها تاريخ من الاستقلال مثل بريطانيا, أو الدول التي لديها تاريخ وارث نضالي ورفض للتبعية مثل أفغانستان, والدول التي يتمتع شعوبها برفض الظلم والمواجهة وتعود الحرب, مع كل هذه السمات تكون هذه الدول في الأغلب لديها فرصة كبيرة في استقلالية القرار السياسي.
⬅️ ثالثا : عوامل القوة:
أيضا الدول التي تتمتع بعوامل القوة الاستراتيجية من كبر المساحة وكثرة السكان ووعرة الاراضي وتوفر الموارد المادية والكوادر البشرية يكون لدى هذه الدول فرصة أكبر من غيرها في استقلالية القرار, ولكن مع الوضع في الاعتبار طبيعة النظام الحاكم أو النخب السياسية المؤهلة للحكم الموجودة في البلد. استقلالية القرار السياسي أمر مكتسب بكثير من الدم والجهد, وأيضاً هو أمر قابل للتغيير حسب التغير في طبيعة نظام الحكم أو الظروف المحيطة أو الذاتية للدولة.
مبدأ استقلالية القرار السياسي يفيد في فهم الأحداث, أو في وضع احتمالات مستقبلية, فالدول التي تتمتع بالاستقلالية حتى لو اتخذت قرارات تضر بمصالحها بدافع ظروف وضغوط خارجية يتوقع منها أن تغير هذه المواقف اتساقاً مع مصالحها حين تتغير الظروف أو الضغوط, أما الدول التي لا تتمتع باستقلالية القرار فتكون مواقفها وقرارتها مرتبطة دائما بالدولة الخارجية المهيمنة ومصالحها مهما أدت هذه المواقف والقرارات إلى ضرر في المصالح الذاتية للدولة لأنها لا تملك في كثير من الاحيان أي بدائل نتيجة لتبعيتها, ولأنه في غالب الأمر تكون المصلحة العليا تتمثل في بقاء نظام الحكم أو العائلة الحاكمة وبقاء مكتسباتها بغض النظر عن مصالح الدولة التي يحكموها, حتى لو حكموا أطلالاً وخرابات, لذا لابد من تقييم استقلالية القرار السياسي لأي دولة قبل البدء في تقييم مصالح الدولة السياسية والظروف المحيطة بها حتى نصل إلى فهم وتصور أقرب للصواب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88]
تابعونا على قناة بروج لنشر الوعي بالسياسة الشرعية
@borwj