خريطة توازن النظام الدولي وكيفية فهم الصراعات 13
نظرة على المصلحة السياسية وتوازن النفوذ 1
عندما نتحدث عن فهم العلاقات السياسية ومحددات القرارات فيها، ونشوء التحالفات والصراعات، لابد من إدراك أنها تدور حول كلمتي المصلحة والنفوذ, فما يحرك أي رئيس أو سياسي في قراراته هو تحقيق المصلحة وتوسيع النفوذ، والمصلحة السياسية إما تكون شخصية لشخص الحاكم كبقائه في السلطة أو توسيع ثروته، وهذه تكون غالبة في الأنظمة الشمولية والدول القمعية، أو تكون عامة لمصلحة الأمة وهذه تكون في النظام الإسلامي، كما هي غالبة في الأنظمة التي تتمتع فيها الشعوب بدرجة تأثير مقبولة أو التي توجد فيها عدة أجنحة قوية مؤسسة لنظام الحكم وتمتلك القدرة على الرقابة.
المصلحة السياسية تكون إيجابية بمعنى تحقيق مكاسب وإضافة منجزات، أو تكون سلبية بمعنى تجنب خسائر والحفاظ على منجزات موجودة من النقص, ودائما ما تكون المصلحة السياسية مركبة وليست بسيطة، بمعنى أنها تتكون من عدة أجزاء كل منها يمثل عامل تأثيرٍ بنسبة معينة, بحيث تشكل كل العوامل الصورة النهائية للمصلحة السياسية, وبالتالي اتجاه القرار والتحرك بناءً على ذلك.
دائما ما ترتبط المصلحة السياسية في النظم الوضعية بالإمكانية أي القدرة العملية على التنفيذ, وبالتالي تحدد في إطار الممكن سواء حالياً أو مستقبلاً كخطة أو رؤية، أما المصلحة السياسية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين فقد كانت تنحصر في : إقامة حكم الله في الأرض بتطبيق شرعه, ونشر دعوة التوحيد في العالم أجمع, وحماية هذه الدولة والدعوة والمسلمين فيها من أي عدو أو خطر.
في عهد الدولة الأموية وغالبية عهد الدولة العباسية أصبحت هناك عوامل شخصية تضاف إلى الصورة الكلية للمصلحة السياسية بجانب الأهداف السابقة, وهذه العوامل الشخصية متعلقة بشخص الحاكم أو الأسرة والعشيرة الحاكمة, ولكن ظلت النسبة الغالبة في الصورة الكلية للمصلحة تتبع للعوامل الموجودة منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام, وهذا التقييم لغالب الفترة ومجملها, وربما مرت بعض الأوقات خلال هذين العهدين لم يكن فيها هذا الميزان الغالب.
إن مفهوم النفوذ يمثل معياراً للقدرة على التأثير سواء على مستوى الدولة الواحدة أو الإقليم أو على مستوى العالم.
المصلحة والنفوذ يمثلان دائرة متكاملة, فالنفوذ هو ما يحقق المصلحة السياسية, وتحقيق المصلحة السياسية يؤدي دوماً إلى تقوية وتوسيع النفوذ وهكذا.
كما يتكون النفوذ من نفوذ عسكري أي قوات عسكرية تابعة أو حليفة, ونفوذ اقتصادي أي أموال تدعم أو تجارة حيوية, ونفوذ فكري أي اعتناق أفكار سياسية أو أيديولوجية مشتركة أو متشابهة.
إن أقوى مكونات النفوذ وأسرعها تأثيراً هو النفوذ العسكري ثم الاقتصادي ثم الفكري, ويمكن لمكون واحد إنشاء باقي المكونات الأخرى, أي أن وجود نفوذ فكري يمكن من إنشاء نفوذ اقتصادي وعسكري والعكس بالعكس مع الأخذ في الاعتبار ترتيب هذه المكونات من حيث القوة والسرعة كما ذكر سابقا.
نعرض السمات الأساسية لنظام النفوذ في الجزء الثاني إن شاء الله.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88]
تابعونا على قناة بروج لنشر الوعي بالسياسة الشرعية
@borwj
نظرة على المصلحة السياسية وتوازن النفوذ 1
عندما نتحدث عن فهم العلاقات السياسية ومحددات القرارات فيها، ونشوء التحالفات والصراعات، لابد من إدراك أنها تدور حول كلمتي المصلحة والنفوذ, فما يحرك أي رئيس أو سياسي في قراراته هو تحقيق المصلحة وتوسيع النفوذ، والمصلحة السياسية إما تكون شخصية لشخص الحاكم كبقائه في السلطة أو توسيع ثروته، وهذه تكون غالبة في الأنظمة الشمولية والدول القمعية، أو تكون عامة لمصلحة الأمة وهذه تكون في النظام الإسلامي، كما هي غالبة في الأنظمة التي تتمتع فيها الشعوب بدرجة تأثير مقبولة أو التي توجد فيها عدة أجنحة قوية مؤسسة لنظام الحكم وتمتلك القدرة على الرقابة.
المصلحة السياسية تكون إيجابية بمعنى تحقيق مكاسب وإضافة منجزات، أو تكون سلبية بمعنى تجنب خسائر والحفاظ على منجزات موجودة من النقص, ودائما ما تكون المصلحة السياسية مركبة وليست بسيطة، بمعنى أنها تتكون من عدة أجزاء كل منها يمثل عامل تأثيرٍ بنسبة معينة, بحيث تشكل كل العوامل الصورة النهائية للمصلحة السياسية, وبالتالي اتجاه القرار والتحرك بناءً على ذلك.
دائما ما ترتبط المصلحة السياسية في النظم الوضعية بالإمكانية أي القدرة العملية على التنفيذ, وبالتالي تحدد في إطار الممكن سواء حالياً أو مستقبلاً كخطة أو رؤية، أما المصلحة السياسية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين فقد كانت تنحصر في : إقامة حكم الله في الأرض بتطبيق شرعه, ونشر دعوة التوحيد في العالم أجمع, وحماية هذه الدولة والدعوة والمسلمين فيها من أي عدو أو خطر.
في عهد الدولة الأموية وغالبية عهد الدولة العباسية أصبحت هناك عوامل شخصية تضاف إلى الصورة الكلية للمصلحة السياسية بجانب الأهداف السابقة, وهذه العوامل الشخصية متعلقة بشخص الحاكم أو الأسرة والعشيرة الحاكمة, ولكن ظلت النسبة الغالبة في الصورة الكلية للمصلحة تتبع للعوامل الموجودة منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام, وهذا التقييم لغالب الفترة ومجملها, وربما مرت بعض الأوقات خلال هذين العهدين لم يكن فيها هذا الميزان الغالب.
إن مفهوم النفوذ يمثل معياراً للقدرة على التأثير سواء على مستوى الدولة الواحدة أو الإقليم أو على مستوى العالم.
المصلحة والنفوذ يمثلان دائرة متكاملة, فالنفوذ هو ما يحقق المصلحة السياسية, وتحقيق المصلحة السياسية يؤدي دوماً إلى تقوية وتوسيع النفوذ وهكذا.
كما يتكون النفوذ من نفوذ عسكري أي قوات عسكرية تابعة أو حليفة, ونفوذ اقتصادي أي أموال تدعم أو تجارة حيوية, ونفوذ فكري أي اعتناق أفكار سياسية أو أيديولوجية مشتركة أو متشابهة.
إن أقوى مكونات النفوذ وأسرعها تأثيراً هو النفوذ العسكري ثم الاقتصادي ثم الفكري, ويمكن لمكون واحد إنشاء باقي المكونات الأخرى, أي أن وجود نفوذ فكري يمكن من إنشاء نفوذ اقتصادي وعسكري والعكس بالعكس مع الأخذ في الاعتبار ترتيب هذه المكونات من حيث القوة والسرعة كما ذكر سابقا.
نعرض السمات الأساسية لنظام النفوذ في الجزء الثاني إن شاء الله.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88]
تابعونا على قناة بروج لنشر الوعي بالسياسة الشرعية
@borwj