🔸| الهوامل والشوامل
قالت لي نفسي : أتذكرُ حين كتبتَ في خاتمة بحثٍ لك هذه الملاحظة التي تقول فيها:
(من المُلاحظ أنَّه مع السِّمة اليقينية التي تتحلَّى بها القضايا البديهية الفطريَّة،والضرورة المؤكِّدة لصدقها ووجوبِها؛ إلا أنَّ في جعلها موضوعًا للنظر ومادةً لتطريق التشكيك عليها حتى ممن يفترض صدقها= أفْرز حالةً من الوهن في تقريرها،أو حالةً من الارتداد عن التسليم بفطريتها!)
فقلتُ لها: بلى!
فقالت: لكني رأيتك قنعت بالوصف عن التفسير ،ومقام الثاني أعلى من الأول؛إذ به تلوح بوارق فهمك وهواطل تحريرك.
فقلتُ لها: صدقتِ..وإنما تركت ذلك مراعاة لمقام الخاتمة التي تُعنى بالخلاصات والرؤى الكلية دون الخوض في التدليل والتعليل؛ و لأنه لم تختمر في حينها في ذهني رؤية تفسيرية تسند الوصف الآنف وتمنحه المعنى!
فقالت: حسنًا ..والآن؟
قلت لها: أما الآن فيمكن طرح تفسير دون قطع به وأترك للقارئ إنعام النظر فيه.
وخلاصة ذلك أن يقال : إن خفوت وهج الضروريات لا يرجع إلى احتماليتها-وإلا لما كانت ضرورية- وإنما يعود ذلك إلى جملة مسبِّبات، منها:
[١] توالي النظر في الشكوك مع ارتخاء الالتفات لمقتضى الضروريات.
[٢]التقليد والمتابعة للشكّاك خصوصًا إن كان المقلِّد مُعظِّمًا لمن قلده في القدح في هذه الأوليات والمعارف الضرورية، والمُقلِّد كالأعمى الذي أسلم زمامه لمن يقوده!
ألا ترى بعض المقلدة يستصنمون أقاويل علمائهم ولو كانت بيِّنة البطلان ظاهرة المناكدة للقواطع!
وفرق بين التمذهب الواعي الذي يتخذ المتمذهب فيه نصوص أصحاب مذهبه وسائل لفهم العلم ومرقاةً للانضباط المنهجي في النظر للدلائل والاستنباط منها=وبين اتخاذ التمذهب غاية في نفسه، وأداة لتعطيل "العقل" واختزاله في النشاط التعقلي لفهم نصوص أصحابه فقط!
[٣]اعتياد النقد وإلْفُ التشكيك ولو مع انتفاء أسبابه، فتتسع دائرته حتى تنتظم المراجع العليا للعقل المتمثلة في بديهياته وضرورياته وما إنكاره يُورِث النفس ألمًا، والعقل اعتقالا، والجوارح بطالةً!
[٤]الارتهان لاعتقاد "لافطري" يكون مناقضًا لهذه البديهيات فلا يجد مناصًا بعد ذلك لتثبيت سلطة اعتقاده اللافطري إلا بالتفريط في تلك الضروريات ليسلم له اعتقاده، ولعل من أجلى الأمثلة على ذلك عقيدتي"التثليث" و"إنكار وجود الله"فإنه مع التنافر الكائن بين أصحاب هاتين العقيدتين ووجود الخصومة بينهما إلا أن هناك فريقا منهما وجد في إنكار فطرية الأوليات أداة لتسييج اعتقاده اللامعقول!
قالت لي نفسي : أتذكرُ حين كتبتَ في خاتمة بحثٍ لك هذه الملاحظة التي تقول فيها:
(من المُلاحظ أنَّه مع السِّمة اليقينية التي تتحلَّى بها القضايا البديهية الفطريَّة،والضرورة المؤكِّدة لصدقها ووجوبِها؛ إلا أنَّ في جعلها موضوعًا للنظر ومادةً لتطريق التشكيك عليها حتى ممن يفترض صدقها= أفْرز حالةً من الوهن في تقريرها،أو حالةً من الارتداد عن التسليم بفطريتها!)
فقلتُ لها: بلى!
فقالت: لكني رأيتك قنعت بالوصف عن التفسير ،ومقام الثاني أعلى من الأول؛إذ به تلوح بوارق فهمك وهواطل تحريرك.
فقلتُ لها: صدقتِ..وإنما تركت ذلك مراعاة لمقام الخاتمة التي تُعنى بالخلاصات والرؤى الكلية دون الخوض في التدليل والتعليل؛ و لأنه لم تختمر في حينها في ذهني رؤية تفسيرية تسند الوصف الآنف وتمنحه المعنى!
فقالت: حسنًا ..والآن؟
قلت لها: أما الآن فيمكن طرح تفسير دون قطع به وأترك للقارئ إنعام النظر فيه.
وخلاصة ذلك أن يقال : إن خفوت وهج الضروريات لا يرجع إلى احتماليتها-وإلا لما كانت ضرورية- وإنما يعود ذلك إلى جملة مسبِّبات، منها:
[١] توالي النظر في الشكوك مع ارتخاء الالتفات لمقتضى الضروريات.
[٢]التقليد والمتابعة للشكّاك خصوصًا إن كان المقلِّد مُعظِّمًا لمن قلده في القدح في هذه الأوليات والمعارف الضرورية، والمُقلِّد كالأعمى الذي أسلم زمامه لمن يقوده!
ألا ترى بعض المقلدة يستصنمون أقاويل علمائهم ولو كانت بيِّنة البطلان ظاهرة المناكدة للقواطع!
وفرق بين التمذهب الواعي الذي يتخذ المتمذهب فيه نصوص أصحاب مذهبه وسائل لفهم العلم ومرقاةً للانضباط المنهجي في النظر للدلائل والاستنباط منها=وبين اتخاذ التمذهب غاية في نفسه، وأداة لتعطيل "العقل" واختزاله في النشاط التعقلي لفهم نصوص أصحابه فقط!
[٣]اعتياد النقد وإلْفُ التشكيك ولو مع انتفاء أسبابه، فتتسع دائرته حتى تنتظم المراجع العليا للعقل المتمثلة في بديهياته وضرورياته وما إنكاره يُورِث النفس ألمًا، والعقل اعتقالا، والجوارح بطالةً!
[٤]الارتهان لاعتقاد "لافطري" يكون مناقضًا لهذه البديهيات فلا يجد مناصًا بعد ذلك لتثبيت سلطة اعتقاده اللافطري إلا بالتفريط في تلك الضروريات ليسلم له اعتقاده، ولعل من أجلى الأمثلة على ذلك عقيدتي"التثليث" و"إنكار وجود الله"فإنه مع التنافر الكائن بين أصحاب هاتين العقيدتين ووجود الخصومة بينهما إلا أن هناك فريقا منهما وجد في إنكار فطرية الأوليات أداة لتسييج اعتقاده اللامعقول!