وكذلك يتحرك النظام السوري عبر بوابة لبنان، وللمرة الأولى استقبلت دمشق وفدا رسميا لبنانيا قبيل تشكيل حكومة رئيس الوزراء الجديد، نجيب ميقاتي (نالت ثقة البرلمان الإثنين)، الذي تربطه بدمشق علاقة وثيقة تمتد لسنوات، عززتها استثماراته الضخمة في المرافق الاقتصادية السورية.
وتنفرد دولة قطر بموقف صريح ومعلن يرفض بشكل قاطع أي حديث عن تطبيع العلاقات مع النظام السوري.
وشهدت السنوات الأخيرة إعادة دول عديدة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، على مستوى عودة السفراء، مثل دولة الإمارات، أو القائمين بالأعمال، كالبحرين والأردن.
كما أن دولا أوروبية تتحدث عن نيتها إعادة فتح سفاراتها في دمشق، مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا ورومانيا والتشيك.
وبالإضافة إلى عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المفروضة على النظام السوري، قد يكون موقف جامعة الدول العربية من تعليق عضوية هذا النظام وعدم وجود إجماع وتوافق عربي هو العقبة الأكبر على طريق التطبيع العربي الكامل مع دمشق.
وسيكون تطبيع العلاقات العربية مع النظام السوري تعزيزا لشرعيته، التي تتعارض مع مواقف الكثير من الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وغيرها من الدول التي ترى أن هذا النظام فقد شرعيته منذ استخدامه الأسلحة الكيمياوية ضد مدنيين سوريين في 2013.
ولا تزال الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تضغط على النظام السوري، عبر عقوبات سياسية واقتصادية، لعزله وإجباره على الامتثال لقرارات مجلس الأمن ومخرجات مؤتمر جنيف لتسوية الصراع السوري سياسيا.
لكن النظام ظل يماطل في التوصل إلى اتفاق عبر جولات تفاوض في جنيف برعاية الأمم المتحدة، ويأمل في استعادة شرعيته عبر فتح قنوات تواصل مع عدد من الدول العربية لترسيخ سلطاته على كامل الأراضي السورية وتحقيق الاستقرار اللازم لإعادة إعمار المدن التي خربتها الحرب منذ 2011.
ويرى مراقبون أن الانفتاح العربي على دمشق جاء نتيجة لتغيير الولايات المتحدة استراتيجياتها في المنطقة بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وكذلك تبعات سياسات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب (2017-2021)، الذي تبنى شعار "أمريكا أولا"، واتجاه واشنطن حاليا لمواجهة تهديدات صينية مفترضة، والتركيز على إبقاء عمليات الأمم المتحدة للمساعدة عبر الحدود مفتوحة في أجزاء من سوريا لا تخضع لسيطرة قوات النظام.
ولدول جوار سوريا مصالح جيوسياسية واقتصادية بالغة الأهمية، خاصة ما يتعلق بضمان عودة آمنة للاجئين السوريين بالنسبة للبنان والأردن، الذي يعاني من تراجع مستوى علاقاته مع الدول الخليجية وتحركه نحو مصر والعراق.
كما تحرك الأردن نحو سوريا، التي أعاد فتح معبرا حدوديا معه لتعزيز اقتصاده، بعد أن شهد أزمات متتالية جراء جائحة "كورونا"، وخفض الولايات المتحدة والدول الخليجية مستوى الدعم والمساعدات لعمان.
وتستند معظم الدول العربية التي أعادت علاقاتها مع سوريا على افتراض غير واقعي بسيطرة النظام على معظم المناطق الحيوية في سوريا ونجاح قواته في فرض الأمن والاستقرار.
وبالرغم من عدم توفر معطيات عن إمكانية تفكيك التحالف بين النظام السوري وإيران، وعدم وجود إرادة سياسية أو رغبة لدى النظام، إلا أن الإمارات والبحرين ودول أخرى تعتقد أن التطبيع مع النظام واستعادة الدور السوري في محيطه العربي والإقليمي سيتكفل بتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا والمنطقة.
========
* احسان الفقيه *
https://www.aa.com.tr/ar/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b7%d8%a8%d9%8a%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a-%d9%85%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d9%87%d9%84-%d8%a3%d8%b5%d8%a8%d8%ad-%d9%85%d8%ad%d8%aa%d9%88%d9%85%d9%8b%d8%a7-%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%84/2372629