شذرات من كتاب نهج البلاغة ...
ومن خطبة لامير المؤمنين علي (عليه السلام) : أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ بَثَثْتُ لَكُمُ الْمَوَاعِظَ الَّتِي وَعَظَ بِهَا الاْنْبِيَاءُ أُمَمَهُمْ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْكُمْ مَا أَدَّتِ الاْوصِيَاءُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، وَأَدَّبْتُكُمْ بِسَوْطِي فَلَمْ تَسْتَقِيمُوا، وَحَدَوْتُكُمْ بالزَّوَاجِرِ فَلَمْ تَسْتَوْسِقُوا(1). لله أَنْتُمْ. أَتَتَوَقَّعُونَ إِمَاماً غَيْرِي يَطَأُ بِكُمُ الطَّرِيقَ، وَيُرْشِدُكُمُ السَّبِيلَ؟ أَلاَ إِنَّهُ قَدْ أَدْبَرَ مِنَ الدُّنْيَا مَا كَانَ مُقْبِلاً، وَأَقْبَلَ مِنْهَا مَا كَانَ مُدْبِراً، وَأَزْمَعَ التَّرْحَالَ عِبَادُاللهِ الاْخْيَارُ، وَبَاعُوا قَلِيلاً مِنَ الدُّنْيَا لاَ يَبْقَى، بِكَثِير مِنَ الاْخِرَةِ لاَيَفْنَى. مَا ضَرَّ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ ـ وَهُمْ بِصِفِّينَ ـ أَلاَّ يَكُونُوا الْيَوْمَ أَحْيَاءً؟ يُسِيغُونَ الْغُصَصَ، وَيَشْرَبُونَ الرَّنْقَ(2). قَدْ ـ وَاللهِ ـ لَقُوا اللهَ فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ، وَأَحَلَّهُمْ دَارَ الاْمْنِ بَعْدَ خَوْفِهمْ. أَيْنَ إِخْوَانِي الَّذِينَ رَكِبُوا الطَّريقَ، وَمَضَوْا عَلَى الْحَقِّ؟ أَيْنَ عَمَّارٌ(3)؟ وَأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ(4)؟ وَأَيْنَ ذُوالشَّهَادَتَيْنِ(5)؟ وَأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِيَّةِ، وَأُبْرِدَ بِرُؤوسِهِمْ(6) إِلَى الْفَجَرَةِ؟ قال: ثمّ ضرب(عليه السلام) بيده إلى لحيته، فأطال البكاء، ثمّ قال: أَوْهِ(7) عَلَى إِخْوَانِي الَّذِينَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ، وَتَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوهُ، أَحْيَوُا السُّنَّةَ، وَأمَاتُوا الْبِدْعَةَ، دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا، وَوَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوا. ثمّ نادى بأعلى صوته: الْجِهَادَ الْجِهَادَ عِبَادَ اللهِ. أَلاَ وَإِنِّي مُعَسْكِرٌ فِي يَوْمي هذَا، فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَى اللهِ فَلْيَخْرُجْ. قال نوْفٌ: وعقد للحسين(عليه السلام) في عشرة آلاف، ولقيس بن سعد في عشرة آلاف، ولابي أيوب الانصاري في عشرة آلاف، ولغيرهم على أعداد أخر، وهو يريد الرجعة إلى صفين، فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه الله، فتراجعت العساكر، فكنّا كأغنام فقدت راعيها، تختطفها الذئاب من كل مكان.
معاني المفردات:
1. استَوْسَقَتِ الابِل: اجتمعت وانضمّ بعضها إلى بعض.
2. الرَنِقُ ـ بكسر النون وفتحها وسكونها ـ: الكَدِر.
3. عماربن ياسر: من السابقين الاولين.
4. أبوالهيثم مالك بن التّيّهان ـ بتشديد الياء وكسر ها ـ: من أكابر الصحابة.
5. ذوالشهادتين: خزيمة بن ثابت الانصاري، قبل النبي شهادته بشهادة رجلين في قصة مشهورة.
6. أُبردَ برؤوسهم: أي أرسلت مع البريد بعد قتلهم إلى الفجرة البغاة للتشفي منهم رضي الله عنهم.
7. أَوْهِ ـ بفتح الهمزة وسكون الواووكسر الهاء ـ كلمة توجّع.
المصدر: نهج البلاغة ص 410
#مؤسسة_علوم_نهج_البلاغة
#العتبة_الحسينية
ومن خطبة لامير المؤمنين علي (عليه السلام) : أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ بَثَثْتُ لَكُمُ الْمَوَاعِظَ الَّتِي وَعَظَ بِهَا الاْنْبِيَاءُ أُمَمَهُمْ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْكُمْ مَا أَدَّتِ الاْوصِيَاءُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ، وَأَدَّبْتُكُمْ بِسَوْطِي فَلَمْ تَسْتَقِيمُوا، وَحَدَوْتُكُمْ بالزَّوَاجِرِ فَلَمْ تَسْتَوْسِقُوا(1). لله أَنْتُمْ. أَتَتَوَقَّعُونَ إِمَاماً غَيْرِي يَطَأُ بِكُمُ الطَّرِيقَ، وَيُرْشِدُكُمُ السَّبِيلَ؟ أَلاَ إِنَّهُ قَدْ أَدْبَرَ مِنَ الدُّنْيَا مَا كَانَ مُقْبِلاً، وَأَقْبَلَ مِنْهَا مَا كَانَ مُدْبِراً، وَأَزْمَعَ التَّرْحَالَ عِبَادُاللهِ الاْخْيَارُ، وَبَاعُوا قَلِيلاً مِنَ الدُّنْيَا لاَ يَبْقَى، بِكَثِير مِنَ الاْخِرَةِ لاَيَفْنَى. مَا ضَرَّ إِخْوَانَنَا الَّذِينَ سُفِكَتْ دِمَاؤُهُمْ ـ وَهُمْ بِصِفِّينَ ـ أَلاَّ يَكُونُوا الْيَوْمَ أَحْيَاءً؟ يُسِيغُونَ الْغُصَصَ، وَيَشْرَبُونَ الرَّنْقَ(2). قَدْ ـ وَاللهِ ـ لَقُوا اللهَ فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ، وَأَحَلَّهُمْ دَارَ الاْمْنِ بَعْدَ خَوْفِهمْ. أَيْنَ إِخْوَانِي الَّذِينَ رَكِبُوا الطَّريقَ، وَمَضَوْا عَلَى الْحَقِّ؟ أَيْنَ عَمَّارٌ(3)؟ وَأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهَانِ(4)؟ وَأَيْنَ ذُوالشَّهَادَتَيْنِ(5)؟ وَأَيْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ تَعَاقَدُوا عَلَى الْمَنِيَّةِ، وَأُبْرِدَ بِرُؤوسِهِمْ(6) إِلَى الْفَجَرَةِ؟ قال: ثمّ ضرب(عليه السلام) بيده إلى لحيته، فأطال البكاء، ثمّ قال: أَوْهِ(7) عَلَى إِخْوَانِي الَّذِينَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْكَمُوهُ، وَتَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوهُ، أَحْيَوُا السُّنَّةَ، وَأمَاتُوا الْبِدْعَةَ، دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا، وَوَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوا. ثمّ نادى بأعلى صوته: الْجِهَادَ الْجِهَادَ عِبَادَ اللهِ. أَلاَ وَإِنِّي مُعَسْكِرٌ فِي يَوْمي هذَا، فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَى اللهِ فَلْيَخْرُجْ. قال نوْفٌ: وعقد للحسين(عليه السلام) في عشرة آلاف، ولقيس بن سعد في عشرة آلاف، ولابي أيوب الانصاري في عشرة آلاف، ولغيرهم على أعداد أخر، وهو يريد الرجعة إلى صفين، فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه الله، فتراجعت العساكر، فكنّا كأغنام فقدت راعيها، تختطفها الذئاب من كل مكان.
معاني المفردات:
1. استَوْسَقَتِ الابِل: اجتمعت وانضمّ بعضها إلى بعض.
2. الرَنِقُ ـ بكسر النون وفتحها وسكونها ـ: الكَدِر.
3. عماربن ياسر: من السابقين الاولين.
4. أبوالهيثم مالك بن التّيّهان ـ بتشديد الياء وكسر ها ـ: من أكابر الصحابة.
5. ذوالشهادتين: خزيمة بن ثابت الانصاري، قبل النبي شهادته بشهادة رجلين في قصة مشهورة.
6. أُبردَ برؤوسهم: أي أرسلت مع البريد بعد قتلهم إلى الفجرة البغاة للتشفي منهم رضي الله عنهم.
7. أَوْهِ ـ بفتح الهمزة وسكون الواووكسر الهاء ـ كلمة توجّع.
المصدر: نهج البلاغة ص 410
#مؤسسة_علوم_نهج_البلاغة
#العتبة_الحسينية