إنّ الوقاية من شبهات الشك والكفر والإلحاد لن تكون لقلب لم يذق حلاوة الإيمان؛ إذ إنه لن يشعر بالخسارة والفقد لو تركه، وأمّا من ذاق طعم الإيمان ولذّته فلن يرضى بأي بديل آخر؛ ولذلك كله؛ فإن العناية بتقوية إيمان القلب، وتعلَّقه بالله سبحانه، وتوكله وإنابته وخشيته ومحبته ورجائه، لَمِن أكبر أسباب الوقاية من الشبهات، فأين حضور هذه القضية في خطابنا؟ وهل أعطيناها القدر الذي تستحقه؟ ألم تكن محل عناية حقيقية في القرآن؟ وفي خطاب النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ وفي كلام أهل العلم؟.
إن مما لا شك فيه ولا ريب أن كثيراً من الشبهات منشؤها ضعف الإيمان وعدم تذوق حلاوته، ولذا نحن بحاجة إلى مراجعة إيماننا وقلوبنا وأعمالنا وصِدْقنا مع الله سبحانه، وهذا كله من الوقاية والمناعة القوية ضد الحرب الفكرية الموجهة إلى الإسلام وثوابته. ومن الكتب التي اعتنت بهذا الباب، كُتُب الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، وخاصة كتابه: مدارج السالكين، وقبله كثير من المتصوفة والمتنسكة والعباد، لهم كلام متفرق ومجموع فيه.
لقد كان إبراهيم الخليل عليه السلام منيباً متوكلاً خاشعاً لله سبحانه، وكان من الموقنين، فحين حاجّه قومه في الله سبحانه، قال لهم: {أَتُحَآجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ} ؟! إنهم لا يشعرون بما يملأ صدره وقلبه من اليقين والمعرفة والنور، إنه لا يمكن أن يستبدل هذا النعيم الإيماني بغيره، وهل ُيستَبدَل الأمن بالخوف؟ والطمأنينة بالاضطراب؟
ولذلك؛ نقرأ في الآية التالية: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
______________________
مقتبس من كتاب (سابغات) بتصرف
https://telegram.me/kamilalsorah