شهادات الدورات التدريبية. هل هي ينبغي أن تكون لها أهمية ؟
من الجيد أن نرى الجماهير اليوم من الباحثين والمهتمين بالمعرفة يقضون وقتهم في المشاركة في الدورات التدريبية عن بعد، ويحرصون على الالتحاق بها والاستفادة من وقتهم فيما ينمي معارفهم ومهاراتهم ويزيد من تطويرهم لأنفسهم في المجالات التي يحبونها أو يعملون بها.
وحال هؤلاء الباحثين والراغبين في الاستزادة العلمية من خلال الدورات لا يخرج – في رأيي - عن ثلاثة أحوال:
1- فئة تسعى إلى الحصول على شهادات الدورات التدريبية دون أي اعتبار أو اهتمام بمضمون الدورة وربما لا يتابعون ما فيها أصلاً.
2- فئة ثانية تسعى للتعلم والمعرفة من خلال الدورات وفي الوقت نفسه تسعى أيضاً للحصول على شهادة للدورة التدريبية التي انتظمت فيها لإضافتها للسيرة المهنية.
3- فئة ثالثة لا تهتم إطلاقاً بالشهادة ولا تفكر فيها ولا تعنيها من قريب أو بعيد، هذه الفئة تحرص على تنمية وعيها وزيادة ثقافتها ومتابعة المستجدات في المجالات التي تهمها. وهذه الفئة دقيقة جداً في اختيار مواضيع الدورات التي تود الالتحاق بها، ولا يمكن أن تضيع وقتها في مواضيع تجاوزها الزمن وانتهت صلاحيتها، وهي لا تختار عناوين الدورات بناء على الإعلانات الرنانة أو العناوين البراقة، بل هي تبحث بشكل محدد باعتبار أنها تعرف جيداً ماذا تريد، وهي تراقب المدرب في النصف الساعة الأولى فإذا وجدته يلوك الكلام ويعيد ويزيد أو يتحول فجأة إلى مهرج، غادرت دون تردد لأنها تبحث عن المعرفة وحسب.
وفي رأيي الشخصي أن الحرص على الحصول على شهادات الدورات التدريبية في عصرنا الحاضر – أقولها وأنا أعتذر – هي مجرد فكرة سخيفة وليس لها معنى أو قيمة. قد يقول قائل إن شهادات الدورات التدريبية قد تفيد في بعض نقاط المفاضلة للترقيات والترشيحات أو شيء من هذا القبيل، ولكنني أكاد أن أجزم أن الترقيات والوظائف والمناصب والمهام الجديدة التي يطمح الإنسان أن يتقدم إليها لم تعد شهادات الدورات التدريبية لها أي قيمة حقيقة فيها، ومن النادر جداً أن تجد مسؤول عن مقابلات وظيفية، أو مسؤول عن ترقيات أو لجنة توظيف أو لجنة قبول تراعي أو تهتم للشهادات التدريبية. إذ إن عملية الترشيح في القطاع الخاص وفي جزء كبير من القطاع الحكومي تعتمد على وعي المتقدم من خلال المقابلات الشخصية وتوازنه النفسي والإدراكي وما هو أهم من ذلك وهو إنجازات المتقدم التي حققها في السنوات الماضية، هذا ما يهتمون له أكثر بكثير من الاعتماد على الشهادات ، ربما قبل عقدين من الزمن كان هناك من ينظر لشهادات الدورات التدريبية أما الآن فإن أكثر ما يتم التركيز عليه هو إنجازات المتقدم مثل أوراق العمل المشارك بها في المؤتمرات العلمية – الأبحاث والدراسات – الكتب والمؤلفات – المقالات والمنشورات – المحاضرات والدورات التي يقدمها للمجتمع – الخطط والبرامج التي أعدها أو شارك في تنفيذها – اللجان التي ترأسها أو كان عضواً فيها – الجوائز والفعاليات .. أما مسألة شهادات الدورات التدريبية فهذه حكاية انتهت وعفى عليها الزمن، ينبغي أن ينتهي هذا الابتزاز والابتذال والمساومة في عالم التدريب، فهم يظهرون اليوم بموضة جديدة يشترطون فيها الدورة مجانية ولكن الشهادة بمبلغ مالي ، يعني باختصار بيع شهادات .
يا أحبتي الهدف الجوهري من الدورة التدريبية هو زيادة الوعي ومتابعة المستجدات واكتساب المهارات ، من أجل ماذا ؟ من أجل أن تصبح قادراً ومتمكناً من فعل وإعداد منجزات حقيقية تضيفها لسيرتك المهنية ، كم أتمنى أن ينتهي شيء اسمه شهادات للدورات التدريبية، لأنها في الحقيقة لا تعني شيئاً ولا ينبغي أن تعني شيئاً ، اليوم شهادات الماجستير والدكتوراه لم تعد بذات القوة لأصحابها مالم يكن لهم منجزات تؤكد خبرتهم العلمية والمهنية ، فما بالك بشهادات الدورات التدريبية !؟
عن نفسي كل شهادات الدورات التدريبية تخلصت منها لأني وجدتها زحمة أوراق لا قيمة لها ، المهم ما مدى استفادتك من هذه الدورات ؟ ما مدى حرصك على الدورات المفيدة وذات المضمون الثري والجديد؟ وعندما أحب أن أقدم دورة تدريبية على مستواي الشخصي ( وليس لجهة أو مؤسسة )، فإنني أشترط أن يكون الحضور من غير الراغبين الحصول على شهادات للدورة ، لأنني ببساطة أرغب بمشاركين يأتون من أجل الموضوع أولاً، ومن ثم يعتمد بقائهم معي واستمراريتهم على ما أطرح وأشاركهم به من معلومات ، وليس لأي رغبة متأخرة أخرى كانتظار موعد تسليم الشهادات .
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1324743831247645&id=100011361233220