قَوْلاً لَّيَّنًا𓂆🔻

الحمد لله رب العالمين اكتملت هذه السلسلة الجديدة: (زاد المصلحين)
وهي سلسلة تزكوية إصلاحية، فيها إبراز وتفصيل لسبعة أعمال إيمانية يحتاجها المصلح في عمله الإصلاحي، وهذا الرابط جامع لحلقاتها:

https://youtube.com/playlist?list=PLZmiPrHYOIsRsu2cY_-XMo4dZl_fs5qSU&feature=shared

وفي الخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "أوحى الله إلى داود عليه السلام: يا داود، بشر المذنبين، وأنذر الصديقين، فتعجب داود عليه السلام، فقال: يا رب، فكيف أبشر المذنبين وأنذر الصديقين؟! قال الله تعالى: يا داود، بشر المذنبين ألا يتعاظمني ذنب أغفره، وأنذر الصديقين إلا يعجبوا بأعمالهم، فأني لا أضع حسابي على أحد إلا هلك.

يا داود، إن كنت تزعم أنك تحبني فأخرج حب الدنيا من قلبك، فان حبي وحبها لا يجتمعان في قلب واحد. يا داود، من أحبني، يتهجد بين يدي إذا نام البطالون، ويذكرني في خلوته إذا لها عن ذكري الغافلون، ويشكر نعمتي عليه إذا غفل عني الساهون".

‏في بعض صفاته ﷺ

‏قال أهل العلم - رضي الله عنهم أجمعين - : كان النبي ﷺ رِبعةً، ليس بالطويل ولا بالقصير، حسن الجسم، أبيض اللون، مُشرَّبًا بحمرة، بعيد ما بين المنكبين، أزجَّ الحاجبين، أدعج العينين، سهل الخدين، طويل الزندين، أشعر المنكبين والذراعين، يبلغ شعره شحمة أذنيه، ولم يبلغ الشيب في رأسه ولحيته عشرين شعرةً، ظاهر الوضاءة، يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر، حسن الخَلْق، معتدل القامة.

‏إن صَمَتَ فعليه الوقار، وإن تكلم علاهُ البهاء والأنوار، أجمل الناس وأبهاه من بعيد، وأحسنه وأحلاه من قريب، حلو المنطق، واسع الجبين، مفلج الأسنان، أزجّ الحواجب من غير قرن، بين كتفيه خاتم النبوة، يقول واصفوه : لم أر قبله ولا بعده مثله.

‏قال جابر رضي الله عنه : رأيت النبي ﷺ وعليه حلةٌ حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر.

‏وقال أبو هريرة رضي الله عنه : ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله ﷺ، كأن الشمس تجري في وجهه، وإذا ضحك يتلألأ في الجُدر.

‏وقال أيضا : ما رأيت أحدًا أسرع من رسول الله ﷺ في مشيهِ، كأنما الأرض تُطوى له، وإنا لنُجْهد أنفسنا، وهو غير مكترث.

‏في صفته : أن ضحكه كان تبسُّمًا، إذا التفت التفت معًا، وإذا مشى مشى تقلُّعًا، كأنما ينحط من صبب، وفي الحقيقة لم تلد بناء أدم أحسن ولا أجمل منه، كأنه عليه السلام خُلق كما يشاء، ولله در القائل، حيث قال :

‏وأحسنُ منك لم ترَ قطُّ عيني
‏ وأجمل منكَ لم تلدِ النساءُ

‏خُلِقتَ مَبَرَّأً من كل عيبٍ
‏ كأنك قد خُلِقتَ كما تشاءُ

‏وأما وفور عقله عليه السلام : فلا شك أنه أرجح أهل الأرض عقلًا.

‏وأما طيب ريحه ﷺ : فلا شك أنه أطيب رائحةً من المسك.

‏قال أنس رضي الله عنه : ما شممت عنبراً قط، ولا مسكًا، ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله ﷺ.

‏وكان عليه السلام : يصافح المصافح فيظل يومه يجد ريحها، ويضع يده على رأس الصبي، فيُعرف من بين الصبيان بريحها.

‏وقال جابر رضي الله عنه : لم يكن النبي ﷺ يمرُّ في طريق فيتبعه أحدٌ إلا عرف أنه سلكه، من طيبه.

‏وأما فصاحة لسانه ﷺ : فقد أوتي جوامع الكلم، وُخصَّ ببدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب فكان يخاطب كل أمةٍ منها بلسانها، ويفوقها في البلاغة.

‏ومن كلامه البليغ : الناس كأسنان المشط، والمرء مع من أحب، ولا خير في صحبة من لا يرى لك ما ترى له، والناسُ معادنٌ، وما هلك امرؤٌ عرف قَدْرَهُ، والمستشار مؤتمن، وهو بالخيار ما لم يتكلم، ورحم الله عبدًا قال خيرًا فغنم، أو سكت فسلم، وأن أحبّكم إلىّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، الموطّّؤن أكنافًا، الذين يألفون ويؤلفون، واتقِ الله حيث كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالقِ الناس بخلق حسن، وخير الأمور أوساطها.

‏وبالجملة : فحسن شمائله، واعتدال حركاته، وَوُفُور عقله، وطيب ريحه، وفصاحة لسانه، وما أودعه الله فيه من الحُسن والجمال، والبهاء والكمال، وغير ذلك، لا تصل إليه العقول، فكيف يوصف وهم والله أحسن الخلق على الإطلاق ﷺ وأماتنا على محبته وسنته آمين .

‏📚 مُستل من كتاب : تلخيص أوصاف المصطفى للعلامة مرعي الكرمي الحنبلي رحمه الله.

الرضا بالمصاب في سبيل الله مرحلة أعلى من الصبر، والصبر واجب، والرضا مستحب، على ما ذهب إليه جمع من أهل العلم، لكن الأكمل، والأنقى، أن يستلذ ويستعذب الموحد هذا المصاب، لا يطلبه، لكنه إن وقع فرح به، فالموحد يعلم أن في هذا المصاب تكفيرًا عن السيئات، ورفعة للدرجات، وقربًا من الله، الموحد كذلك ينظر إلى الحقائق والمآلات.

أيا ولدي، إن حلم الخلافة ليتراءى من بعيد، بل إن حقيقة الخلافة لتتراءى من قريب، إنها على الأبواب .. سنوات معدودة، ما كان لنا أن نطلع على الغيب، لكنها المقدمات والسنن والكونية الأكيدة، وليتمنّ الله هذا الأمر بنا أو بغيرنا، إنه قدر الله وإنه نافذ لا ريب، وما نحن إلا ستار لقدرته.

فانطلق وتقدم وخذ شرف الاستعمال وحقيقة الأستار؛ فإنه عند الاختيار لن ينفعك بذل الباذلين، ولا شخوص المقربين، ولا أفضال المعلمين، ولا صلاح المرشدين، لن ينفعك إلا بذلك وقربك من الله، وكلما كنت أقرب كنت في دائرة الاختيار أعمق.

يا ولدي إن كل ما حولك أدوات ومعينات، فإن أنت لم تحسن استعمالها صارت بلا قيمة ولا معنى، إنها ستظل هامدة حتى تبعث أنت فيها الحياة، وستظل حركتها بطيئة إلى أن تبث أنت فيها من وقود روحك المتدفقة المدرارة الوثابة.

إنه لن يمر مائة عام على سقوط الخلافة إلا ويكون الله قد أذن لها بالعودة والسيادة والريادة، إن قدر الله نافذ ولاشك نافذ على أيدي المخلصين الولهين العاشقين .. أهل الله وأخص خاصته وما عليك إلا أن تكون منهم، بل في صدارتهم،

فجاهد يا أخي تشاهد، وتحرق حتى تتحرك، واستمدد الأنوار ليقع عليك الاختيار.. والسلام.

📚 خواطر فتى لم يرحل.