اهداء
إلي الذين تسير غالبية أمورهم خلاف ما يرغبون..
شيماء عمر
*الفصل الأول*
جالسا في المقهى کعادته.. وحيدا اليوم مثل كل يوم.. يشفق على حاله دوما.. ينفطر قلبه على عمره الذى يتقدم ولم يذق طعم السعادة في حياته إلا مرة واحدة حين أصبح مديرا في الشركة التي كان يعمل بها بعد عناء وتعب وجهد مبذول في العمل.. يتعجب لعدم قبوله للزواج سابقا..
أمسك "عامر" هاتفه واصبح يقلب فيه وهو يحتسى مشروب القهوة.. وجد اعلاناً أمامه عن مكتب للزواج.. بدأت الهواجس تدور في عقله..
-هل افعلها؟!.. لما لا؟!. لن أخسر شيء.. ربما هذه فرصة العمر..
_
دلف الى المقهى في الموعد المحدد لمقابلتها الساعة "الرابعة والنصف" مساء يوم السبت.. جلس على اقرب طاولة له وأخذ يجول بنظره للبحث عنها.. قد تركت له رسالة اخبرته بأنها سترتدي فستانا أبيض اللون يزينه ورد بنفسجي وحجابها بلون الورد.. لكنه لم يجد أي فتاة ترتدى هكذا ملابس..
-هل ستأتي؟!.. أظن ذلك.. بالتأكيد ستأتي.. لماذا اذا كانت تبحث عن الزواج ان لم تأتى؟!..
-ماذا لو وجدت رجل مواصفاته افضل منى ولن تأتى؟!..
-لا.. لا أظن أن المكتب سيتلاعب معي بهذه الطريقة.. لن يخيروها بين رجلين ويتركونني هكذا.. هل اتصل بهم؟!.. لا لا فكرة ليست جيدة ابدا.. لماذا اتعجل هكذا؟؟.. ربما حدث شيء سيجعلها تتأخر..
ظل مكانه على ما يقرب النصف ساعة وبعدها همَّ للذهاب.. ولكن استوقفه رؤيتها من الحائط الزجاجي للمقهى وهى تخرج من سيارة اجرة برفقة امرأة متجهتين للمقهى على عجل..
جلست "ميسان" واختها على طاولة في نهاية المقهى تبحثان عنه قد أخبرها أنه سيرتدى سترة سوداء وسروال ابيض.. وجدت اكثر من رجل يرتدى سترة سوداء ولم تتحقق من لون السروال وهم جالسين..
نظر إليها بارتباك.. قلبه يدق بقوة.. واضطرب تفكيره.. هل يذهب اليها الان ام ينتظر قليلا.. قرر الانتظار حتى يهدأ ويجمع قواه ويرتب كلماته..
آنسة رقيقة جدا بنهاية العشرينات.. متوسطة الطول.. وجهها براق نوعا ما.. عيناها بنيتان.. حاجباها طبيعيان لا نمص فيهما.. انفها ليس بدقيق ولا كبير وكذلك فمها أيضا.. بشرتها قمحية اللون.. اسنانها بيضاء جميلة مرتبة بطريقة رائعة بصنع الخالق سبحانه.. تملك قليلا من جمال الشكل. مرتبة جيدا في نفسها.. أنيقة بدرجة فائقة. مهذبة جدا.. يبدوا أنها من الطبقة الوسطى او أقل بقليل.. سحره الهدوء الذي تملكه في كلامها.. ابتسامتها.. ملامحها.. ملابسها.. اتزانها.. ولكن ما زال قلبه يدق سريعا.. هل سيكون بينهما قبول.. هل ستبدأ حياته تتغير؟.. هل سيتفقان؟ هل هذه هي من ستكون الشريكة في بقية عمره؟..
___
الحيرة تملأ وجه "ميسان" كل الذين رأتهم يرتدون سترة سوداء مختلفين في الاعمار.. اخذت تتناقش مع اختها.. عن ذاك الذي يجلس في نهاية المقهى ولكنه يرتدى خاتم الزواج.. ربما ليس هو.. ثم أشارت اختها "أريج" الى احدهم اشارة خفيفة قائلة:
-ماذا لو كان هذا الذي يجلس قريبا منا..
-لا لا أظنه هو.. آلا تريين كيف مظهره صغير عن مواصفات "عامر" يبدوا ان هذا الرجل من عمرى او أكبر بقليل..
-إذا يبدوا انه ذاك الرجل هناك.. الذي يجلس قرب مدخل المقهى..
-اظن ذلك حقاً.. ولكن لماذا لم يتحرك إلينا.. ربما لم يأت بعد.. لننتظر قليلا..
-وربما تأخرن عليه فذهب..
-أخاف أن يكون هذا حقا يا "أريج"..
-دعينا نذهب لهذا الذي يجلس في مقدمة المقهى نسأله ان كان هو السيد " عامر" ام لا..
-أليس من الصواب أن يتقدم هو نحونا.. قد تركت له رسالة واصفة فيها ملابسي جيدا.. انا لن أذهب إلى أحد.. ثم ربما ليس هو..
تنهدت أريج في ضيق.. ثم أردفت قائلة:
-ألا تريين أنه ينظر إلينا بين الحين والآخر.. انا متأكدة من أنه هو..
-أنتِ تعتقدين ذلك لأنكِ لا تنظري إلا إليه.. لكن إن أطلقتي نظرك هنا وهناك.. ستجدى الكثير ينظر إلينا..
-أوف منكِ يا "ميسان" أوووف أووف.. ربما هو ولكن محرج من وجودي معك..
-انتهينا "أريج" قد مللت هيا لنذهب من هنا.. ثم انني لا اظن أن هذا الرجل هو "عامر" يبدوا على هذا الرجل أنه غني.. وكيف لغنى أن يطلب عروس من مكتب الزواج؟؟؟
قالت "أريج" بتلهف: أنظري إنه يتحرك اتجاهنا.. وينظر إلينا أيضا..
ابتسمت "ميسان" ونظرت لأختها ومالت كل منهن رأسها في ضحك لا يستطعن كتمانه..
وقف أمامها تعلوا وجهه ابتسامة هادئة قائلا: أنتِ الأنسة "ميسان".
ردت بارتباك: أجل.. واشارت لأختها قائلة وهذه "أريج" أختي الكبيرة.
رحبت به أريج ثم استأذنت للجلوس على الطاولة المجاورة..
سحب "عامر" المقعد وجلس عليه أحس بالكلمات تتطاير من لسانه.. ونظره يهرب بعيداً.. ربما خرقت قواه للمرة الثانية.. أحاديث تجول في خاطره يتشاجر فيها مع نفسه كي يتحدث ولا يستطيع أيضا.. يتنحنح قليلا ثم يبتسم ويعود يتنحنح.. ثم يفتح فمه للحديث ويغلقه فورا من سرعان جريان الكلمات من فمه كسرعان الماء الذي يجرى حول الصخور في النهر.. تراقبه "ميسان" بدقة
إلي الذين تسير غالبية أمورهم خلاف ما يرغبون..
شيماء عمر
*الفصل الأول*
جالسا في المقهى کعادته.. وحيدا اليوم مثل كل يوم.. يشفق على حاله دوما.. ينفطر قلبه على عمره الذى يتقدم ولم يذق طعم السعادة في حياته إلا مرة واحدة حين أصبح مديرا في الشركة التي كان يعمل بها بعد عناء وتعب وجهد مبذول في العمل.. يتعجب لعدم قبوله للزواج سابقا..
أمسك "عامر" هاتفه واصبح يقلب فيه وهو يحتسى مشروب القهوة.. وجد اعلاناً أمامه عن مكتب للزواج.. بدأت الهواجس تدور في عقله..
-هل افعلها؟!.. لما لا؟!. لن أخسر شيء.. ربما هذه فرصة العمر..
_
دلف الى المقهى في الموعد المحدد لمقابلتها الساعة "الرابعة والنصف" مساء يوم السبت.. جلس على اقرب طاولة له وأخذ يجول بنظره للبحث عنها.. قد تركت له رسالة اخبرته بأنها سترتدي فستانا أبيض اللون يزينه ورد بنفسجي وحجابها بلون الورد.. لكنه لم يجد أي فتاة ترتدى هكذا ملابس..
-هل ستأتي؟!.. أظن ذلك.. بالتأكيد ستأتي.. لماذا اذا كانت تبحث عن الزواج ان لم تأتى؟!..
-ماذا لو وجدت رجل مواصفاته افضل منى ولن تأتى؟!..
-لا.. لا أظن أن المكتب سيتلاعب معي بهذه الطريقة.. لن يخيروها بين رجلين ويتركونني هكذا.. هل اتصل بهم؟!.. لا لا فكرة ليست جيدة ابدا.. لماذا اتعجل هكذا؟؟.. ربما حدث شيء سيجعلها تتأخر..
ظل مكانه على ما يقرب النصف ساعة وبعدها همَّ للذهاب.. ولكن استوقفه رؤيتها من الحائط الزجاجي للمقهى وهى تخرج من سيارة اجرة برفقة امرأة متجهتين للمقهى على عجل..
جلست "ميسان" واختها على طاولة في نهاية المقهى تبحثان عنه قد أخبرها أنه سيرتدى سترة سوداء وسروال ابيض.. وجدت اكثر من رجل يرتدى سترة سوداء ولم تتحقق من لون السروال وهم جالسين..
نظر إليها بارتباك.. قلبه يدق بقوة.. واضطرب تفكيره.. هل يذهب اليها الان ام ينتظر قليلا.. قرر الانتظار حتى يهدأ ويجمع قواه ويرتب كلماته..
آنسة رقيقة جدا بنهاية العشرينات.. متوسطة الطول.. وجهها براق نوعا ما.. عيناها بنيتان.. حاجباها طبيعيان لا نمص فيهما.. انفها ليس بدقيق ولا كبير وكذلك فمها أيضا.. بشرتها قمحية اللون.. اسنانها بيضاء جميلة مرتبة بطريقة رائعة بصنع الخالق سبحانه.. تملك قليلا من جمال الشكل. مرتبة جيدا في نفسها.. أنيقة بدرجة فائقة. مهذبة جدا.. يبدوا أنها من الطبقة الوسطى او أقل بقليل.. سحره الهدوء الذي تملكه في كلامها.. ابتسامتها.. ملامحها.. ملابسها.. اتزانها.. ولكن ما زال قلبه يدق سريعا.. هل سيكون بينهما قبول.. هل ستبدأ حياته تتغير؟.. هل سيتفقان؟ هل هذه هي من ستكون الشريكة في بقية عمره؟..
___
الحيرة تملأ وجه "ميسان" كل الذين رأتهم يرتدون سترة سوداء مختلفين في الاعمار.. اخذت تتناقش مع اختها.. عن ذاك الذي يجلس في نهاية المقهى ولكنه يرتدى خاتم الزواج.. ربما ليس هو.. ثم أشارت اختها "أريج" الى احدهم اشارة خفيفة قائلة:
-ماذا لو كان هذا الذي يجلس قريبا منا..
-لا لا أظنه هو.. آلا تريين كيف مظهره صغير عن مواصفات "عامر" يبدوا ان هذا الرجل من عمرى او أكبر بقليل..
-إذا يبدوا انه ذاك الرجل هناك.. الذي يجلس قرب مدخل المقهى..
-اظن ذلك حقاً.. ولكن لماذا لم يتحرك إلينا.. ربما لم يأت بعد.. لننتظر قليلا..
-وربما تأخرن عليه فذهب..
-أخاف أن يكون هذا حقا يا "أريج"..
-دعينا نذهب لهذا الذي يجلس في مقدمة المقهى نسأله ان كان هو السيد " عامر" ام لا..
-أليس من الصواب أن يتقدم هو نحونا.. قد تركت له رسالة واصفة فيها ملابسي جيدا.. انا لن أذهب إلى أحد.. ثم ربما ليس هو..
تنهدت أريج في ضيق.. ثم أردفت قائلة:
-ألا تريين أنه ينظر إلينا بين الحين والآخر.. انا متأكدة من أنه هو..
-أنتِ تعتقدين ذلك لأنكِ لا تنظري إلا إليه.. لكن إن أطلقتي نظرك هنا وهناك.. ستجدى الكثير ينظر إلينا..
-أوف منكِ يا "ميسان" أوووف أووف.. ربما هو ولكن محرج من وجودي معك..
-انتهينا "أريج" قد مللت هيا لنذهب من هنا.. ثم انني لا اظن أن هذا الرجل هو "عامر" يبدوا على هذا الرجل أنه غني.. وكيف لغنى أن يطلب عروس من مكتب الزواج؟؟؟
قالت "أريج" بتلهف: أنظري إنه يتحرك اتجاهنا.. وينظر إلينا أيضا..
ابتسمت "ميسان" ونظرت لأختها ومالت كل منهن رأسها في ضحك لا يستطعن كتمانه..
وقف أمامها تعلوا وجهه ابتسامة هادئة قائلا: أنتِ الأنسة "ميسان".
ردت بارتباك: أجل.. واشارت لأختها قائلة وهذه "أريج" أختي الكبيرة.
رحبت به أريج ثم استأذنت للجلوس على الطاولة المجاورة..
سحب "عامر" المقعد وجلس عليه أحس بالكلمات تتطاير من لسانه.. ونظره يهرب بعيداً.. ربما خرقت قواه للمرة الثانية.. أحاديث تجول في خاطره يتشاجر فيها مع نفسه كي يتحدث ولا يستطيع أيضا.. يتنحنح قليلا ثم يبتسم ويعود يتنحنح.. ثم يفتح فمه للحديث ويغلقه فورا من سرعان جريان الكلمات من فمه كسرعان الماء الذي يجرى حول الصخور في النهر.. تراقبه "ميسان" بدقة