▪لا يزال العبد في جهاد ما دام الجهاد يحبسه ..!
صح عند البخاري أن النبي ﷺ قال: ﴿لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ﴾، وعند مسلم بلفظ: ﴿لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ﴾.
قال الإمام ابن حجر رحمه الله: (والمراد أنه في ثواب الصلاة ما دام ينتظرها).
وفي رواية عند البخاري كذلك: ﴿لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتِ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ، لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا الصَّلَاةُ﴾.
في هذا الحديث تسلية وبشرى لكل من حبسه الرباط والجهاد في سبيل الله، فأقام في أرض الجهاد ينتظر القتال والمعارك، ولا يمنعه أن ينقلب إلى أهله وإلى متاع الحياة الدنيا إلا حبس الجهاد له.
فهنيئاً لمن تعلق بالجهاد وكان هذا مقامه في الدنيا، فهو على أجر عظيم إن تقبل الله منه عمله.
وليحزن على حاله ويمت كمداً وحسرة من حرمه الله هذه النعمة العظيمة والمقام السعيد، فانقلب إلى الدنيا ومُتَعِها منغمساً فيها، زاعماً أنه لم يعد هناك جهاد، وأن الانتظار مضيعة للوقت!
انتظار القتال والمعارك عبادة عظيمة أجرها وثوابها كأجر القتال والمعارك سواء بسواء، كما أن انتظار الصلاة عبادة أجرها وثوابها كأجر الصلاة نفسها.
فمن حبسه الجهاد وجلس ينتظره في أرضه وساحته، فهو كمن حبسته الصلاة وجلس ينتظرها في مصلاه ومسجده .. كلاهما على عبادة وثواب عظيم.
لكن هذا الأجر والثواب مقيد بشرط: ﴿مَا لَمْ يُحْدِثْ﴾، والحدث هو كل ما ينقض الوضوء ويبطله.
فمن أتى بما ينقض وضوءه ويبطله وهو جالس في مصلاه ينتظر الصلاة فقد انقطع أجره وثوابه.
وكذلك من كان جالساً في أرض الجهاد ينتظر القتال والمعارك، ثم أتى بما ينقض جهاده ويبطله فقد انقطع أجره وثوابه.
وذلك كأن يأتي بالإرجاف والتثبيط والتخذيل، وبث الفتن والخصومات والشبهات والشائعات بين المجاهدين، والإفساد في الأرض، واستحلال الدماء والأموال، والسعي لتحكيم غير الشريعة، وما شابه ذلك من منكرات، فهذا وغيره مما يفسد على العبد جهاده ويبطله.
والحمد لله رب العالمين ...
✍ الشيخ أنس خطاب
https://telegram.me/thoghour