والواقع أن طريق الأقلام أيضًا محفوف بالأهوال والمخاطر، والنزعات النفسية والتقلّبات، تخيّل معي ما سأقوله، واسمع بأُذنِ قلبك لا بأُذن بدنك:
تخيّل أن تُكسَرَ سنُّ قلمِ الكاتِب، أو تنتهي ممحاتُه، أو ينفد حبرُ الكاتبِ وهو لا يملك حبرًا آخر، أو تضيع كتبه وكراريسهُ، أو يصيب أوراق دفاتِره الوحلُ فتُمحى الأحرف والكلمات، والأعظمُ من ذلك كسرُ القلمِ لا السن، وخلعُ الممحاةِ لا انتهاؤها، وانكسار زجاجة الحبر لا نفادها، وتمزّق الكتب والكراريس والأوراق إلى أشلاء مبعثرة...
أنت الآن ترى المصيبة هيّنة، والمعضلة بسيطة؛ لأنك لم تفهم ما قصدته، سأخبرُك الآن بما أردت قوله: انقطاع حبلِ الأفكار هو انكسارُ السنّ، ونفاد المفردات والكلمات من خلجات الأدمغة والعقول هو نفاد الحبر، وعدم القدرة على ردّ الكلام بعد إطلاقه ومحاولة إصلاح الوضع كنيتُ لها بانتهاء الممحاة، وضياع الكتبِ والكراريس أردت بها تشتّت الكاتب في القراءة، وعدم استفادته من كثرة الكتب لعدم سلوكه منهجًا سليما في القراءة، والوحل قصدتُ به تلك الأفكار السيئة التي تمحو سلامة العقل ونقاءه، والأعظم من ذلك كسرُ نفسِ الكاتب، أو تقييده وحبسُ أفكاره رغمًا عنه أو سجنه إن قال حقًا وأقرّه وهذا كسر القلم، وخلع الممحاة هو التحرر الفكري الذي لا يحكمه قيد، ولا مبادئ، فترى الكاتب يهرع إلى كل قبيح دون قيود، ويهرف بما لا يعرف، ولا يسعى لإصلاح أخطائه، وانكسار الزجاجة قصدتُ به عدم اكتراث الكاتب للمكان والزمان الذي يتحدث فيه، وعدم مراعاته للمقام المناسب ليلقي فيه ما يحتاج من المقال، والتمزّق هو أن يزيغ الكاتب عن السبيل القويم، والطريق المستقيم، لكثرة المشككات، والمزعزعات، وهذه الحالة هي التي دفعت كثيرًا من الكاتبين القدماء على الندم والحسرة ولا تزال دافعة لبعض المتأخرين، ممن سلكوا نهجهم، وعبروا سبيلهم.
فابرِ قلمك جيدًا، ولا تستخدمه إلا وقت الحاجة، وفي كل نافع، وحاذرِ كثير الكلام، واملأ خزينتك اللغوية حتى لا ينفد حبرك، وتوخى الحذر حين تكتب حتى لا تستخدم الممحاة، ورتّب مكتبتك، ومكتبة عقلك حين تقرأ، وحافظ عليها، ودوّن على الدفاتِر والكراريس بعيدًا عن كل وحل ووسخ وقذارة.
- حسين العوذلي.
تخيّل أن تُكسَرَ سنُّ قلمِ الكاتِب، أو تنتهي ممحاتُه، أو ينفد حبرُ الكاتبِ وهو لا يملك حبرًا آخر، أو تضيع كتبه وكراريسهُ، أو يصيب أوراق دفاتِره الوحلُ فتُمحى الأحرف والكلمات، والأعظمُ من ذلك كسرُ القلمِ لا السن، وخلعُ الممحاةِ لا انتهاؤها، وانكسار زجاجة الحبر لا نفادها، وتمزّق الكتب والكراريس والأوراق إلى أشلاء مبعثرة...
أنت الآن ترى المصيبة هيّنة، والمعضلة بسيطة؛ لأنك لم تفهم ما قصدته، سأخبرُك الآن بما أردت قوله: انقطاع حبلِ الأفكار هو انكسارُ السنّ، ونفاد المفردات والكلمات من خلجات الأدمغة والعقول هو نفاد الحبر، وعدم القدرة على ردّ الكلام بعد إطلاقه ومحاولة إصلاح الوضع كنيتُ لها بانتهاء الممحاة، وضياع الكتبِ والكراريس أردت بها تشتّت الكاتب في القراءة، وعدم استفادته من كثرة الكتب لعدم سلوكه منهجًا سليما في القراءة، والوحل قصدتُ به تلك الأفكار السيئة التي تمحو سلامة العقل ونقاءه، والأعظم من ذلك كسرُ نفسِ الكاتب، أو تقييده وحبسُ أفكاره رغمًا عنه أو سجنه إن قال حقًا وأقرّه وهذا كسر القلم، وخلع الممحاة هو التحرر الفكري الذي لا يحكمه قيد، ولا مبادئ، فترى الكاتب يهرع إلى كل قبيح دون قيود، ويهرف بما لا يعرف، ولا يسعى لإصلاح أخطائه، وانكسار الزجاجة قصدتُ به عدم اكتراث الكاتب للمكان والزمان الذي يتحدث فيه، وعدم مراعاته للمقام المناسب ليلقي فيه ما يحتاج من المقال، والتمزّق هو أن يزيغ الكاتب عن السبيل القويم، والطريق المستقيم، لكثرة المشككات، والمزعزعات، وهذه الحالة هي التي دفعت كثيرًا من الكاتبين القدماء على الندم والحسرة ولا تزال دافعة لبعض المتأخرين، ممن سلكوا نهجهم، وعبروا سبيلهم.
فابرِ قلمك جيدًا، ولا تستخدمه إلا وقت الحاجة، وفي كل نافع، وحاذرِ كثير الكلام، واملأ خزينتك اللغوية حتى لا ينفد حبرك، وتوخى الحذر حين تكتب حتى لا تستخدم الممحاة، ورتّب مكتبتك، ومكتبة عقلك حين تقرأ، وحافظ عليها، ودوّن على الدفاتِر والكراريس بعيدًا عن كل وحل ووسخ وقذارة.
- حسين العوذلي.