[التمييز بين النعمة والفتنة]
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-:
"وأما تمييز [العبد] النعمة من الفتنة؛ فليفرِّق بين النعمة التي يرى بها الإحسان واللطف، ويُعان بها على تحصيل سعادته الأبدية، وبين النعمة التي يرى بها الاستدراج.
فكم من مستدرجٍ بالنعم وهو لا يشعر ، مفتونٍ بثناء الناس عليه ، مغرورٍ بقضاء الله حوائجه وستره عليه!
وأكثر الخلق عندهم أن هذه الثلاثة علامة السعادة والنجاح! ذلك مبلغهم من العلم.
فإذا كملت هذه الثلاثة فيه عرف حينئذ أن ما كان من نعم الله عليه يجْمعه على الله فهو نعمة حقيقية، وما فرَّقه عنه وأخذه منه فهو البلاء في صورة النعمة، والمحنة في صورة المنحة ، فليحذر فإنما هو استدراج، ويميّز بذلك أيضاً بين المنة والحجة ، فكم تلتبس إحداهما بالأخرى...
فكل علم صحبه عمل يرضي الله سبحانه فهو منّة ، وإلا فهو حجة....
وكل مال اقترن به إنفاق في سبيل الله وطاعته لا لطلب الجزاء ولا الشكور ؛ فهو منة من الله عليه، وإلا فهو حجة....
وكل قبول في الناس وتعظيم ومحبة له اتصل به خضوع للرب ، وذل وانكسار ، ومعرفة بعيب النفس والعمل ، وبذل النصيحة للخلق ؛ فهو منة ، وإلا فهو حجة...
وكل حال مع الله تعالى أو مقام اتصل به السير إلى الله ، وإيثار مراده على مراد العبد ؛ فهو منة من الله ، وإن صحبه الوقوف عنده ، والرضا به ، وإيثار مقتضاه -من لذة النفس به وطمأنينتها إليه وركونها إليه- فهو حجة من الله عليه.
فليتأمل العبد هذا الموضع العظيم الخطير ، ويميز بين مواقع المنن والمحن، والحجج والنعم ، فما أكثر ما يلتبس ذلك على خواص الناس وأرباب السلوك ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم".
"مدارج السالكين" (١/ ٣٢٢-٣٢٤)ط دار طيبة.
https://t.me/badokhon2
قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-:
"وأما تمييز [العبد] النعمة من الفتنة؛ فليفرِّق بين النعمة التي يرى بها الإحسان واللطف، ويُعان بها على تحصيل سعادته الأبدية، وبين النعمة التي يرى بها الاستدراج.
فكم من مستدرجٍ بالنعم وهو لا يشعر ، مفتونٍ بثناء الناس عليه ، مغرورٍ بقضاء الله حوائجه وستره عليه!
وأكثر الخلق عندهم أن هذه الثلاثة علامة السعادة والنجاح! ذلك مبلغهم من العلم.
فإذا كملت هذه الثلاثة فيه عرف حينئذ أن ما كان من نعم الله عليه يجْمعه على الله فهو نعمة حقيقية، وما فرَّقه عنه وأخذه منه فهو البلاء في صورة النعمة، والمحنة في صورة المنحة ، فليحذر فإنما هو استدراج، ويميّز بذلك أيضاً بين المنة والحجة ، فكم تلتبس إحداهما بالأخرى...
فكل علم صحبه عمل يرضي الله سبحانه فهو منّة ، وإلا فهو حجة....
وكل مال اقترن به إنفاق في سبيل الله وطاعته لا لطلب الجزاء ولا الشكور ؛ فهو منة من الله عليه، وإلا فهو حجة....
وكل قبول في الناس وتعظيم ومحبة له اتصل به خضوع للرب ، وذل وانكسار ، ومعرفة بعيب النفس والعمل ، وبذل النصيحة للخلق ؛ فهو منة ، وإلا فهو حجة...
وكل حال مع الله تعالى أو مقام اتصل به السير إلى الله ، وإيثار مراده على مراد العبد ؛ فهو منة من الله ، وإن صحبه الوقوف عنده ، والرضا به ، وإيثار مقتضاه -من لذة النفس به وطمأنينتها إليه وركونها إليه- فهو حجة من الله عليه.
فليتأمل العبد هذا الموضع العظيم الخطير ، ويميز بين مواقع المنن والمحن، والحجج والنعم ، فما أكثر ما يلتبس ذلك على خواص الناس وأرباب السلوك ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم".
"مدارج السالكين" (١/ ٣٢٢-٣٢٤)ط دار طيبة.
https://t.me/badokhon2