همام أبو أحمد

في هذا العصر الذي تنسلخ فيه البشرية من فطرتها فإن مجرد كونك إنساناً سوياً يجعلك عنصراً مهماً، فكيف لو كنت ممن منّ الله عليهم بالإسلام فجعلهم نخبة البشرية، ثم كيف لو كنت من الحاملين لهمّ دينهم العاملين لنصرته.
أمثالك كنز ثمين، ومن أعظم الخسارة أن تكونوا حطباً لمشاريع لا يبتغى بها وجه الله، وما أفظع ذلك المشهد الذي يصعد فيه الطاغية على أشلاء نخبة الأمة ليصل إلى كرسيه.
أنت غالٍ والبشرية بحاجة من ينقذها من ظلماتها، فاستعن بالله ولا تعجز.

#الراحة منطقة مدفوعة الأجر، ولا يمكنك الإقامة فيها مجاناً، بل عليك أن تدفع الثمن، إلا أن هذه المنطقة لا تقبل الدفع إلا بإحدى العملتين، العمل أو الروح...
فكلما أردت أن تبقى في منطقة الراحة أكثر وجب عليك العمل أكثر، وإلا اضطررت أن تدفع ثمن إقامتك أجزاء من روحك، فإن قاربت روحك على الفناء طردت من المنطقة وعشت معذّباً بروح ذابلة.

وجه العالم يتغير في هذه السنين القليلة، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، ولم يعد التغير بطيئاً فقد طال تدحرج كرة الثلج ولم يعد التطور المتسارع خافياً على أحد.
ومهمتك هي هي في كل عصر وكل حين، في السلم والحرب، في الشدة والرخاء، في النعمة والبلاء، مهمتك أن تكون #عبداً لله.
لا تلتفت لغير العبودية، ولا تشغل نفسك بشيء سواها، ابحث عن رضا الله والزمه ولو خالف مخططاتك وأحلامك، قد تخطط أن ترضي الله بأن تكون طالب علم وداعية، ولكن الله سبحانه يريد منك أن تكون جندياً يعز بك دينه.
وقد يكون مخططك أن تكون قائداً تنصر الإسلام وتنقذ المستضعفين، ولكن الله يريد من دمك أن يكون نوراً لإخوانك، ويجعل شهادتك باباً لنصر أكبر.
وقد وقد وقد، وفي النهاية لا نقول إلا: "اللهم إني عبد ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك"

إلى صاحب همّ مُثقل بهواه...
اعلم يا غالي أن لله عباداً راحتهم العمل، وشقاء نفوسهم الكسل واتباع الشهوات.
وإني لأحسب أنك منهم، تحمل همّ دينك وترجو نصرة شريعة ربك، تحلم براية الإسلام خفاقة على كل قلب، منيرة كل وجه... ورغم ذلك لا تحرك ساكناً بل تضيّع عمرك فيما لا يليق بمثلك، وما تخرج من شهوة مباحة إلا تغوص في أخرى محرمة وأنت في أثناء ذلك ذاهل العقل باكي الفؤاد، تستغيث روحك "أن أنقذوني فإني أحترق"... وأنت في كل ذلك لا تزيد إلا غوصاً في الملذات راجياً أن تجد ما لن تجده في هذا الطريق.
قد لا أستطيع انتشالك... ولكنّها رسالة من معذّب سابق: "ما لهذا خلقت... ولا بهذا تسعد".
دعك من الضحكات الصاخبة للمخمورين بشهواتهم فأولئك كالأنعام لا همّ لهم إلا شهوات بطونهم أو أسفل منها، كره الله انبعاثهم ووفى إليهم أعمالهم في حياتهم الدنيا.
وأختم لك بسرّ صغير: "من أعظم الحسرات التي ستحس بها حين تستيقظ من سكرك، عمرك الذي أفنيته في شقائك، وجبال الخيرات التي أفلتت منك ولا يمكن أن تعود ثانية".
سلمك الله وعافاك في الدارين يا غالي.

#أنت_لست_نفسك كما سمعتها من أحد المشايخ أو #أنت_لست_دماغك كما كتبها أحد علماء النفس وألف فيها كتاباً.
تنفع هذه القاعدة عموماً في التعامل مع الأفكار، وتنفع خصوصاً طلاب المثالية ومرضى الوسواس القهري والمصابين بالاكتئاب.
خلاصة هذه القاعدة أن الأفكار التي ترد إلى دماغك لست أنت مصدرها في كثير من الأحيان، فالإنسان عنده شيطان قرين ونفس لجوجة وأهواء شتى، وكل هذه وأمور أخرى تأتي إلى عقلك محاولة السيطرة عليه.
بعض الناس ينصدم من محتوى هذه الأفكار ويرتعب منها، فكيف لشخص مثله أن يخطر على باله مثل هذا؟!! فيقوم بصدها ومحاربتها ويرتعد كلما خطرت له خاطرة تخالف مبادئه.
وبعض الناس يستسلم لكل فكرة تأتيه، ويعتبرها تعبر عن الشخص الحقيقي داخله، ويزيّن له الشيطان ذلك، فأحدهم تأتيه أفكار حزن واكتئاب فيتفاعل معها -والتفاعل يضخم الأفكار ويزيدها- حتى ينتهي به المطاف معتبراً نفسه فاشلاً لا قيمة لا حياته.
وأحدهم تأتيه أفكار شاذة تخالف أصل خلقته فيظن مثلاً أن بداخله أنثى يجب إخراجها🙂 وكلما زاد تفاعله زادت هذه الأفكار وروداً، حتى يذهب إلى أوروبا ويتبع أصحابه 🙂.
وقس على هذا كثيراً من الأفكار، وإن من أنفع ما يساعد في دفع الهوى تمييز وساوسه ثم تجاهلها كأن لم تكن.
#تذكر أن هويتك الحقيقية هي ما تعمل وليس ما يأتيك من أفكار أو وساوس، فاستعن بالله ولا تعجز.

بعض الناس يحب أن يعبد الله بمقاساته الخاصة... فبعضهم يشترط للعبادة أن يجاهد في سبيل الله ويخوض المعارك فإن خبت نار الحرب خبت نار إيمانه معها... وبعضهم يشترط أن يكون داعية مؤثراً تهز كلماته القلوب، فإن لم يجد آذاناً صاغية أو منعه مانع من الدعوة التفت لأمر دنيا مديراً ظهره لما سوى ذلك... وبعضهم يشترط الأجواء الإيمانية الخاشعة يعيش فيها جنة الدنيا، فإن لم يجدها اعتزل وبات يندب الأيام الخالية.
أي أخيّ إنما أنت عبد للرحمن... ليس لك من الأمر شيء... جل ما تفعله هو البحث عن ما يرضي الله ثم ترمي نفسك فيه غير ملتفت.
واعلم يا غالي أن الله اختار لك الظروف التي تمرّ بها حالياً ليخرج منك عبوديات معينة يحبها ويرضها، وإن لم تحبها أنت أو ترضاها.
وما ضرّك أن يتعبّدك الله أن تكون في الساقة؟ بعيداً عن الأضواء والصخب عاملاً في صمت مدفوعاً بالأبواب؟
وما اعتراضك أن يتعبّدك الله بالصبر على بلائه والرضا بقدره، فتكون مصائبك التي تحسبها معيقة لك عن العمل، هي أفضل عمل؟
أي أخيّ... إنما أنت عبد... مهمتك الطاعة... ولا ينقضي شغلك حتى ينقضي عمرك... مهامك لا تشترط ظروفاً ولا توقيتاً... استعن بالله ولا تعجز.

بسم الله أبدأ...