وقفة عند قولِ سيّدِ الأوصياءِ عن الزهراء:
(ولقد كنتُ أنظرُ إليها فتنكشِفُ عنّي الهمومُ والأحزان):
❂ يقولُ سيّدُ الأوصياء مُتحدّثاً عن الصدّيقةِ الكبرى "صلواتُ اللهِ عليها":
(ولقد كنتُ أنظرُ إليها فتنكشِفُ عنّي الهمومُ والأحزان)[البحار: ج٤٣]
〰〰〰〰〰〰
[توضيحات]هذه العبارةُ في أُفُقِها الظاهر.. مضمونُها موجّهٌ إلينا نحن،
وإلّا فإنّ سيّدَ الأوصياءِ هو كفؤٌ لفاطمةَ "صلواتُ اللهِ عليهما".. فهو كاشفُ الهمومِ والأحزانِ أيضاً كما جاء عن جبرئيل في غزوةِ أُحُد، حين فرّت قريش ولم يكن في الساحةِ إلّا رسولُ اللهِ وعليٌّ "صلواتُ اللهِ عليهما".. كان نداءُ جبرئيل لرسولِ اللهِ يومَ أُحُد:
(نادِ عليّاً مُظهِر العجائب، تَجدهُ عَوناً لك في النوائب، كلُّ غمٍّ وهمٍّ سينجلي، بولايتكَ يا عليُّ يا عليُّ يا عليّ)لاحظوا عبارة:
(كُلِّ همٍّ وغمٍّ سينجلي بولايتكَ يا علي)ولايةُ عليٍّ هي شأنٌ مِن شؤونِ عليٍّ،
فإذا كانت ولايةُ عليٍّ التي هي شأنٌ مِن شؤونِ عليٍّ تكونُ سَبَباً لجلاءِ الهمومِ والأحزان،
فما بالك بعليٍّ نفسِهِ؟!
عليٌ هو كاشفُ الكربِ عن وجهِ رسولِ اللهِ كما نقرأ في زيارتِهِ الشريفة:
(أخي نبيكَ ووصيِّ رسُولكَ، البائتِ على فراشِهِ، والمُواسي له بنفسِهِ، وكاشفِ الكربِ عن وجهِه)فإذا كان كاشفاً للكربِ عن وجهِ رسولِ الله.. فهو كاشفٌ للكربِ عن كُلِّ الخلائقِ قطعاً
فحين يقولُ سيّدُ الأوصياء:
(ولقد كنتُ أنظرُ إليها فتنكشِفُ عنّي الهمومُ والأحزان)هذه العبارةُ في أُفُقِها التربوي مضمونُها موجّهٌ إلينا نحن،
هذه العبارةُ تحملُ نفسَ المضمونِ الواردِ في حديثِ الكساءِ الفاطميِّ الشريف..
فإنَّ سيّدَ الكائناتِ حين وَجَدَ ضَعْفاً في بدنِهِ الشريفِ توجَّهَ إلى بيتِ الزهراء.. مع أنّه "صلّى اللهُ عليهِ وآله" طبيبُ الوجود، كما يصِفُهُ سيّدُ الأوصياءِ فيقول:
(أنَّ رسولَ اللهِ كان طبيباً دوّاراً بطبِّهِ)ولكنّه حين وجَدَ ضَعْفاً في بدنِهِ الشريف توجّهَ إلى بيتِ فاطمة، بل وطَلَبَ مِن الزهراءِ أن تُغطّيه هي بنفسِها بالكساءِ اليماني، فقال لها:
(يا فاطمة، ائتيني بالكساء اليماني فغَطّيني به..)وهي إشارةٌ لنا بأنَّ الدواءَ والعلاجَ مِن كلِّ ضَعفٍ ومَرَضٍ (مِن أمراضِ الجَسَد ومِن أمراضِ الرُوح أيضاً) ومِفتاحُ حلِّ المُشكلاتِ وطوقُ النجاةِ مِن الشدائدِ والنائباتِ عند فاطمة "صلواتُ اللهِ عليها"
فتوجّهوا إليها في كُلِّ شدّةٍ.. بل في كُلِّ أحوالِكم
ثُمَّ لاحظوا المضمونَ الواردَ في حديثِ الكساء، تقولُ الصدّيقةُ الكُبرى بعد أن غطّت رسولَ اللهِ بالكساء:
(وصِرتُ أنظرُ إليه، وإذا وجههُ يتلألأُ كأنّه البدرُ في ليلةِ تمامِهِ وكمالِهِ)هذه النظرةُ مِن فاطمة لرسولِ اللهِ حين قالت:
(وصرتُ أنظرُ إليه) هي سِرُّ ذهابِ الضعفِ عن جسَدِ رسولِ الله،
وسيّدُ الأوصياء يقول:
(ولقد كنتُ أنظرُ إليها فتنكشِفُ عنّي الهمومُ والأحزان)المضمون هو المضمون..
فنظرةُ الزهراءِ هي الدواءُ وهي سِرُّ الشفاءِ وسِرُّ جلاءُ الهمومِ والأحزان،
ولا عجب في ذلك،
فالزهراءُ هي وجهُ الجلالِ الإلهي الذي أشرقت به السماواتُ والأرضون، وكُشِفتْ به الظُلمةُ عن الملائكة في بدايةِ الخِلقة،
كما يقولُ رسولُ اللهِ في حديثٍ له عن مرحلةٍ مِن مراحلِ تكاملِ الخِلْقة، يقول:
(ثمّ أمر اللهُ الظُلُمات أن تمرَّ بسحائب الظُلَم، فأظلمت السماوات على الملائكة، فضجّت الملائكةُ بالتسبيحِ والتقديس، وقالت: إلهنا وسيّدنا؛ مُنذُ خلقتنا وعرّفتنا هذه الأشباح -أشباحَ أهلِ البيتِ النوريّةِ المُقدّسة-
لم نرَ بُؤساً.. فبحقّ هذه الأشباح إلّا ما كشفتَ عنّا هذه الظُلمة،
فأخرجَ اللهُ مِن نورِ ابنتي فاطمة قناديل فعلّقها في بطنانِ العَرش، فأزهرت السماواتُ والأرض، ثمَّ أشرقت بنورِها، فلأجلِ ذلك سُمّيت الزهراء، فقالت الملائكة:
إلهنا و سيّدنا؛ لِمَن هذا النورُ الزاهرُ الذي قد أشرقت به السماوات والأرض؟
فأوحى الله إليها: هذا نورٌ اخترعْتهُ مِن نورِ جلالي لأَمَتي فاطمة بنتِ حبيبي وزوجة ولييّ وأخي نبييّ وأبي حُجَجي على عبادي،
أُشْهدكُم يا ملائكتي أنّي قد جعلتُ ثواب تسبيحَكم وتقديسَكم لهذه المرأةِ وشيعتِها ومُحبّيها إلى يومِ القيامة)[غاية المرام]
فالزهراءُ هي وجْهُ الجلالِ الإلهي الذي به كُشفت ظُلمةُ الوجود، والذي جاءت الإشارةُ إليه في أدعيةِ أهلِ البيت، كما في
أدعيةِ يومِ الغدير حين تقول:
(أعُوذُ بوجهك الكريم الّذي أشرقت له السماوا
تُ والأرضُ وكُشفت به الظُلُمات..)
هذا هو الوجهُ الإلهيُّ للصدّيقةِ الكبرى الذي إذا ما نظَرَ إليه سيّدُ ا
لأوصياءِ تنكشِفُ عنه الهمومُ والأحزان،
وإذا ما نظرت به الصدّيقةُ الكبرى لرسولِ اللهِ ذهب الضعفُ عن بدنه،
وهو بعينِهِ الوجهُ الإلهيُّ العَلَويُّ الذي به ينكشِفُ الكرب عن وجه رسولِ الله،
فعليٌّ كفؤ لفاطمةَ وفاطمةُ كفؤٌ لعليٍّ في جميعِ الاتّجاهات الماديّةِ والمعنويّة
➖➖➖➖➖➖
قناة #الثقافة_الزهرائية على التلغرام
🆔
t.me/zahraa_culture