(حكم الاحتفال بالمولد النبوي)
المانعون هم كبار المالكية لأن الفاطميين نشروه في مصر ثم انتشر في المغرب عبر الصوفية وبقايا العبيديين الذين أقاموا في بلاد القيروان.
وكانت الموالد يقدم فيها الأطعمة والأشربة وغناء - أي أناشيد بلحن وطرب - وأحيانا يصاحب الموالد اختلاط النساء والرجال..
لذا تصدى علماء المالكية وتكلموا بالمنع فمنهم:
الإمام تاجُ الدِّين الفاكهانيُّ، المالكيُّ؛ قال في رسالته ((المورِد في عمَل المولِد)) (ص20): (لا أعلمُ لهذا المولِدِ أصلًا في كِتابٍ ولا سُنَّةٍ، ولا يُنقَلُ عَمَلُه عن أحدٍ مِن عُلماءِ الأُمَّة، الذين هُم القُدوةُ في الدِّين، المتمسِّكونَ بآثارِ المتقدِّمين، بلْ هو بِدعةٌ أحْدَثها البَطَّالون... وهذا لم يأذنْ فيه الشرعُ، ولا فعَلَه الصحابةُ ولا التابِعون، ولا العُلماءُ المتديِّنون، فيما عَلِمتُ، وهذا جوابي عنه بين يَدَيِ اللهِ إنْ عنه سُئلتُ، ولا جائزٌ أن يكونَ مُباحًا؛ لأنَّ الابتِداعَ في الدِّين ليس مُباحًا بإجماعِ المسلِمين).
ومنهم: ابنُ الحاجِّ الفاسِي؛ فقال في ((المدخل)) (2/312): (فإنْ خلا- أي: عمَلُ المولِد- منه- أي: مِن السَّماعِ- وعمِلَ طعامًا فقط، ونوَى به المولِدَ، ودعَا إليه الإخوانَ, وسَلِم مِن كلِّ ما تقدَّمَ ذِكرُه- أي: مِن المفاسِد- فهو بِدعةٌ بنَفْسِ نِيَّتِه فقط؛ إذ إنَّ ذلك زِيادةٌ في الدِّين ليس من عمَلِ السَّلفِ الماضين، واتِّباعُ السَّلفِ أَوْلَى، بل أوْجَبُ، مِن أن يَزيدَ نِيَّةً مُخالِفةً لِما كانوا عليه؛ لأنَّهم أشدُّ الناس اتِّباعًا لسُنَّة رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَعظيمًا له ولسُنَّتِه صلَّى الله عليه وسلَّم، ولهُم قدَمُ السَّبقِ في المبادَرةِ إلى ذلك، ولم يُنقَلْ عن أحدٍ منهم أنه نوَى المولِدَ، ونحن لهم تبَعٌ؛ فيَسعُنا ما وَسِعَهم... إلخ).
وقال أيضًا: (وبعضُهم- أي: المشتغلِين بعمَلِ المولِد- يتورَّع عن هذا- أي: سماعِ الغِناءِ وتوابعِه- بقِراءةِ البخاريِّ وغيرِه؛ عوضًا عن ذلك، هذا وإنْ كانتْ قراءةُ الحديثِ في نفْسِها من أكبرِ القُرَبِ والعباداتِ.. لكن ألَا ترَى أنَّ الصلاةَ مِن أعظمِ القُرَبِ إلى اللهِ تعالى، ومع ذلك فلو فعَلَها إنسانٌ في غيرِ الوقتِ المشروعِ لها، لكان مذمومًا مُخالِفًا؛ فإذا كانتِ الصلاةُ بهذه المثابةِ؛ فما بالُك بغيرِها؟!).
ومنهم: العلَّامةُ الأصوليُّ أبو إسحاقَ الشاطبيُّ، وهو من عُلماءِ المالكيَّة أيضًا؛ قال في فتاويه (ص 203): (معلومٌ أنَّ إقامةَ المولدِ على الوصفِ المعهودِ بين الناسِ بِدعةٌ مُحدَثةٌ، وكلُّ بِدعةٍ ضلالةٌ)
وقل الإمام ابن.تيمية رحمه الله:
(وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية،
كبعض ليالي شهر ربيع الأول
التي يقال: إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب، وأول جمعة من رجب، فإنها.من البدع التي لم يستحبها السلف، ولم يفعلها،
والله أعلم) [مجموع الفتاوى (25/ 298)
وقال في قتضاء الصراط المستقيم2/619:
(لم يفعله السلف، مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضا، أو راجحاً لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره، وإحياء سنّته باطناً وظاهراً، ونشر ما بعث به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، فإن هذه طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار،والذين اتبعوهم بإحسان).
وقال الشوكاني رحمه الله:
*« والحَاصِلُ أنَّ المُجَوِّزِينَ -لِلمَولِدِ- وهُم شُذُوذٌ بالنِّسبَةِ إلى المَانِعِينَ ، قَد اتَّفَقُوا عَلَى أنَّهُ لا يَجُوزُ إلَّا بشرَطِ أن يَكُونَ لِمُجَرَّدِ الطَّعَامِ والذِّكرِ ،*
*وقَد عَرَّفنَاكَ أنَّهُ صَارَ مِن ذَرَائِعِ المُنكَرَاتِ ، ولا يُخَالِفُ فِيهِ أحدٌ هَذا الإعتِبَارَ ،وأمَا المَولِدُ الَّذِي يَقَعُ الآنَ مِن هَذَا الجِنسِ ،فَهُوَ مَمنُوعٌ مِنهُ بِالإتِّفَاقِ ».
الفَتحُ الرَّبَّانِيُّ ٢ / ١٠٩٩
المانعون هم كبار المالكية لأن الفاطميين نشروه في مصر ثم انتشر في المغرب عبر الصوفية وبقايا العبيديين الذين أقاموا في بلاد القيروان.
وكانت الموالد يقدم فيها الأطعمة والأشربة وغناء - أي أناشيد بلحن وطرب - وأحيانا يصاحب الموالد اختلاط النساء والرجال..
لذا تصدى علماء المالكية وتكلموا بالمنع فمنهم:
الإمام تاجُ الدِّين الفاكهانيُّ، المالكيُّ؛ قال في رسالته ((المورِد في عمَل المولِد)) (ص20): (لا أعلمُ لهذا المولِدِ أصلًا في كِتابٍ ولا سُنَّةٍ، ولا يُنقَلُ عَمَلُه عن أحدٍ مِن عُلماءِ الأُمَّة، الذين هُم القُدوةُ في الدِّين، المتمسِّكونَ بآثارِ المتقدِّمين، بلْ هو بِدعةٌ أحْدَثها البَطَّالون... وهذا لم يأذنْ فيه الشرعُ، ولا فعَلَه الصحابةُ ولا التابِعون، ولا العُلماءُ المتديِّنون، فيما عَلِمتُ، وهذا جوابي عنه بين يَدَيِ اللهِ إنْ عنه سُئلتُ، ولا جائزٌ أن يكونَ مُباحًا؛ لأنَّ الابتِداعَ في الدِّين ليس مُباحًا بإجماعِ المسلِمين).
ومنهم: ابنُ الحاجِّ الفاسِي؛ فقال في ((المدخل)) (2/312): (فإنْ خلا- أي: عمَلُ المولِد- منه- أي: مِن السَّماعِ- وعمِلَ طعامًا فقط، ونوَى به المولِدَ، ودعَا إليه الإخوانَ, وسَلِم مِن كلِّ ما تقدَّمَ ذِكرُه- أي: مِن المفاسِد- فهو بِدعةٌ بنَفْسِ نِيَّتِه فقط؛ إذ إنَّ ذلك زِيادةٌ في الدِّين ليس من عمَلِ السَّلفِ الماضين، واتِّباعُ السَّلفِ أَوْلَى، بل أوْجَبُ، مِن أن يَزيدَ نِيَّةً مُخالِفةً لِما كانوا عليه؛ لأنَّهم أشدُّ الناس اتِّباعًا لسُنَّة رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وتَعظيمًا له ولسُنَّتِه صلَّى الله عليه وسلَّم، ولهُم قدَمُ السَّبقِ في المبادَرةِ إلى ذلك، ولم يُنقَلْ عن أحدٍ منهم أنه نوَى المولِدَ، ونحن لهم تبَعٌ؛ فيَسعُنا ما وَسِعَهم... إلخ).
وقال أيضًا: (وبعضُهم- أي: المشتغلِين بعمَلِ المولِد- يتورَّع عن هذا- أي: سماعِ الغِناءِ وتوابعِه- بقِراءةِ البخاريِّ وغيرِه؛ عوضًا عن ذلك، هذا وإنْ كانتْ قراءةُ الحديثِ في نفْسِها من أكبرِ القُرَبِ والعباداتِ.. لكن ألَا ترَى أنَّ الصلاةَ مِن أعظمِ القُرَبِ إلى اللهِ تعالى، ومع ذلك فلو فعَلَها إنسانٌ في غيرِ الوقتِ المشروعِ لها، لكان مذمومًا مُخالِفًا؛ فإذا كانتِ الصلاةُ بهذه المثابةِ؛ فما بالُك بغيرِها؟!).
ومنهم: العلَّامةُ الأصوليُّ أبو إسحاقَ الشاطبيُّ، وهو من عُلماءِ المالكيَّة أيضًا؛ قال في فتاويه (ص 203): (معلومٌ أنَّ إقامةَ المولدِ على الوصفِ المعهودِ بين الناسِ بِدعةٌ مُحدَثةٌ، وكلُّ بِدعةٍ ضلالةٌ)
وقل الإمام ابن.تيمية رحمه الله:
(وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية،
كبعض ليالي شهر ربيع الأول
التي يقال: إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب، وأول جمعة من رجب، فإنها.من البدع التي لم يستحبها السلف، ولم يفعلها،
والله أعلم) [مجموع الفتاوى (25/ 298)
وقال في قتضاء الصراط المستقيم2/619:
(لم يفعله السلف، مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضا، أو راجحاً لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره، وإحياء سنّته باطناً وظاهراً، ونشر ما بعث به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، فإن هذه طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار،والذين اتبعوهم بإحسان).
وقال الشوكاني رحمه الله:
*« والحَاصِلُ أنَّ المُجَوِّزِينَ -لِلمَولِدِ- وهُم شُذُوذٌ بالنِّسبَةِ إلى المَانِعِينَ ، قَد اتَّفَقُوا عَلَى أنَّهُ لا يَجُوزُ إلَّا بشرَطِ أن يَكُونَ لِمُجَرَّدِ الطَّعَامِ والذِّكرِ ،*
*وقَد عَرَّفنَاكَ أنَّهُ صَارَ مِن ذَرَائِعِ المُنكَرَاتِ ، ولا يُخَالِفُ فِيهِ أحدٌ هَذا الإعتِبَارَ ،وأمَا المَولِدُ الَّذِي يَقَعُ الآنَ مِن هَذَا الجِنسِ ،فَهُوَ مَمنُوعٌ مِنهُ بِالإتِّفَاقِ ».
الفَتحُ الرَّبَّانِيُّ ٢ / ١٠٩٩