📍هل أُكَفر احتياطا لديني؟ 📍
🖋الدكتور #إياد_قنيبي
يظن بعض الشباب أنه إن لم يكفر شخصا معينا أو حزبا معينا فإن ذلك ينقص من دينه أو قد يوقعه في الكفر، فيجعله ذلك في أزمة نفسية، تؤدي به إلى أن يكفر المشكوك فيه "احتياطا لدينه"!
وهذا من أخطر الجهل! لسببين:
1. أن المسلم العامي مطالب بالكفر المجمل بالطاغوت، وبأن يعلم الأفعال المكفرة حتى يتجنبها. أما إيقاع الكفر على الأعيان (المحدَّدين)، فهذا لا يكون إلا بعد إثبات الشروط وانتفاء الموانع، وهذه لأهل العلم.
أما قاعدة (من لم يكفر الكافر فهو كافر)، فهذه في الكافر الأصلي الذي لم يدخل الإسلام ابتداء. أما المسلم، فالقاعدة التي يُعملها أهل العلم جمعا للنصوص هي: (من ثبت إسلامه بيقين فإنه لا يزول عنه إلا بيقين).
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى: (من ثبت إسلامه بيقين لم يَزُل ذلك عنه بالشك. بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة) (501/12).
فإذا كفر المسلم بالطاغوت كفرا مجملا، وتبرأ من الأفعال الكفرية، فإنه فعل ما عليه ولا يضره في دينه ألا يكفر هذا أو ذاك.
2. الذي يكفر "احتياطا" كأنه وقع فيما فر منه!! ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
( أيما أمرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه)(مسلم).
فيا أخي هداني الله وإياك: ما دمت غير مكلف بتكفير فلان، ولا يضرك في دينك ولا ينقص من إيمانك ألا تكفره، فما الذي يدفعك إلى تكفيره فتغامر بدينك ويقع عليك الوعد الشديد؟
أنكر المنكر وتبرأ من المسالك والأفعال الباطلة وانصح الناس بمجانبتها إن تحصل لديك من العلم ما يؤهلك لذلك، أما تكفير المعينين، فما يلزم من العلم له أكثر بكثير مما يلزم لمجرد وصف فعل بأنه محرم أو حتى شركي، فاعرف قدر نفسك، وتواضع للحق.
ملاحظات:
1. سبب كتابة المقال هو تحديداً ما يقع من تكفير بعض الشباب الذين لم يبلغوا رتبة العلم لأشخاص أو أحزاب منتسبة للعمل الإسلامي بسبب ماتقوم به من أفعال أو تصريحات خطيرة بالفعل، لكن ذلك لا يعني تكفيرها "احتياطا"!
2. هناك مشكلة أعوص، وهي تكفير أناس لأفعال ليست كفرا، بل ليست ذنبا أحيانا! وليست موضوع هذا المقال.
3. كلام نفيس قاله الشيخ
عطية الله الليبي رحمه الله في لقائه مع شبكة الحسبة:
(ومسألة التكفير عموماً من أكثر
وأشد المسائل التي ننبه عليها دائماً، ونحذر الشباب الجهادي من خطرها، ونقول لهم اتركوها لعلمائكم الموثوقين، ولا تسمحوا لأي أحد ممّن هبّ ودبّ أن يخوض فيها، فإنها خطر عظيم ومزلة يخشاها العلماء الكبار الأئمة ويترددون في الكثير من صورها الواقعية ويطلبون دائماً سبيل السلامة، ويقولون: لا نعدل بالسلامة شيئاً.
والشاب من شبابنا العامي في العلم يكفيه الإيمان الإجمالي بالله تعالى وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم والكفر الإجمالي بالطاغوت، وأما التفاصيل ومنها الحكم على فلان، وعلى الجماعة الفلانية هل كفروا أو لا؟
هل خرجوا من الملة بفعلهم كذا أو لا؟ وما شابه ذلك من فروع، فهي بحسب العلم، لأن هذه مسائل فتوى وقضاء وأحكام شرعية... فما لا يعلمه فليقل: لا أعلمه ولا أدري، وهذا لايضره في دينه وإيمانه، بل هو صريح الإيمان!
والجاهل ليس له أن يتكلم في هذه المسائل ولا يصدر عنها أحكاماً ولايتبنى فيها قولاً إلا على سبيل التبعية والتقليد للعلماء، بل يقول: لا أدري واسألوا العلماء فإن تكلم العلماء بعد ذلك فله أن يقلد أو يتبع من يثق فيه من أهل العلم المعروفين بالعلم والله الموفق لما فيه الخير والصلاح.
@Almshhade