تتمة للتعقيب تلحقها تتمة أخرى بإذن الله:
قال أبو القاسم السهيلي ( ت ٥٨١ ) تلميذ القاضي ابن العربي الأشعري: أما اليد فهي عندي في أصل الوضع كالمصدر، عبارة عن صفة لموصوف.
ألا ترى قول الشاعر:
يَدَيْتُ على ابنِ حَسْحاسِ بنِ وَهبٍ ... بأَسْفَلِ ذِي الجِذاةِ يَدَ الكَريمِ
فيديت: فعل مأخوذ من مصدر لا محالة والمصدر صفة لموصوف، ولذلك مدح سبحانه بالأيدي مقرونة مع الأبصار في قوله تعالى:
(الأيدي والأبصار) .
ولم يمدحهم بالجوارح لأن المدح لا يتعلق إلا بالصفات لا بالجواهر.
وإذا ثبت هذا فصح قول أبي الحسن الأشعري: أن (اليد) من قوله:
(وخلق آدم بيده) ، ومن قوله تعالى: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ، صفة ورد بها الشرع، ولم يقل إنها في معنى القدرة كما قال المتأخرون من أصحابه، ولا في معنى (النعمة) ، ولا قطع بشيء من التأويلات تحرزاً منه لمخالفة السلف، وقطع بأنها صفة تحرزاً منه عن مذاهب أهل التشبيه والتجسيم.
فإن قيل: وكيف خوطبوا بما لا يفهمون ولا يستعملون، إذ اليد بمعنى الصفة لا يفهم معناه؟
قلنا: ليس الأمر كذلك، بل كان معناها مفهوماً عند القوم الذين نزل القرآن بلغتهم، ولذلك لم يستفت أحد من المؤمنين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن معناها، ولا خاف على نفسه توهم التشبيه، ولا احتاج مع فهمه إلى شرح وتنبيه.
وكذلك الكفار لو كانت اليد عندهم لا تعقل إلا في الجارحة لتعلقوا بها في دعوى التناقض واحتجوا بها على الرسول، ولقالوا: زعمت أنه ليس كمثله شيء ثم تخبر أن له يداً كأيدينا، وعينا كأعيننا؟
ولما لم ينقل ذلك عن مؤمن ولا كافر علم أن الأمر كان فيها عندهم جلياً لا خفياً، وأنها صفة سميت الجارحة بها مجازاً، ثم استمر المجاز فيها حتى نسيت الحقيقة. ورب مجاز كثر واستعمل حتى نسي أصله وتركته حقيقته.
والذي يلوح في معنى هذه الصفة أنها قريب من معنى القدرة، إلا أنها أخص منها معنى، والقدرة أعم، كالمحبة مع الإرادة والمشيئة، فكل شيء أحبه الله فقد أراده، وليس كل شيء أراده أحبه، وكذلك كل شيء حادث فهو واقع بالقدرة وليس كل واقع بالقدرة واقعاً باليد، (فاليد) أخص معنى من القدرة، ولذلك كان فيها تشريف لآدم عليه السلام.
فتأمل تقريره أن معنى هذه الصفة مفهوم وتصحيحه مذهب الأشعري بناء على هذا ولو كان يعد الأشعري مفوضا لما بنى تصحيح مذهبه على تقرير العلم بمعنى هذه الصفة.
قال أبو القاسم السهيلي ( ت ٥٨١ ) تلميذ القاضي ابن العربي الأشعري: أما اليد فهي عندي في أصل الوضع كالمصدر، عبارة عن صفة لموصوف.
ألا ترى قول الشاعر:
يَدَيْتُ على ابنِ حَسْحاسِ بنِ وَهبٍ ... بأَسْفَلِ ذِي الجِذاةِ يَدَ الكَريمِ
فيديت: فعل مأخوذ من مصدر لا محالة والمصدر صفة لموصوف، ولذلك مدح سبحانه بالأيدي مقرونة مع الأبصار في قوله تعالى:
(الأيدي والأبصار) .
ولم يمدحهم بالجوارح لأن المدح لا يتعلق إلا بالصفات لا بالجواهر.
وإذا ثبت هذا فصح قول أبي الحسن الأشعري: أن (اليد) من قوله:
(وخلق آدم بيده) ، ومن قوله تعالى: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) ، صفة ورد بها الشرع، ولم يقل إنها في معنى القدرة كما قال المتأخرون من أصحابه، ولا في معنى (النعمة) ، ولا قطع بشيء من التأويلات تحرزاً منه لمخالفة السلف، وقطع بأنها صفة تحرزاً منه عن مذاهب أهل التشبيه والتجسيم.
فإن قيل: وكيف خوطبوا بما لا يفهمون ولا يستعملون، إذ اليد بمعنى الصفة لا يفهم معناه؟
قلنا: ليس الأمر كذلك، بل كان معناها مفهوماً عند القوم الذين نزل القرآن بلغتهم، ولذلك لم يستفت أحد من المؤمنين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن معناها، ولا خاف على نفسه توهم التشبيه، ولا احتاج مع فهمه إلى شرح وتنبيه.
وكذلك الكفار لو كانت اليد عندهم لا تعقل إلا في الجارحة لتعلقوا بها في دعوى التناقض واحتجوا بها على الرسول، ولقالوا: زعمت أنه ليس كمثله شيء ثم تخبر أن له يداً كأيدينا، وعينا كأعيننا؟
ولما لم ينقل ذلك عن مؤمن ولا كافر علم أن الأمر كان فيها عندهم جلياً لا خفياً، وأنها صفة سميت الجارحة بها مجازاً، ثم استمر المجاز فيها حتى نسيت الحقيقة. ورب مجاز كثر واستعمل حتى نسي أصله وتركته حقيقته.
والذي يلوح في معنى هذه الصفة أنها قريب من معنى القدرة، إلا أنها أخص منها معنى، والقدرة أعم، كالمحبة مع الإرادة والمشيئة، فكل شيء أحبه الله فقد أراده، وليس كل شيء أراده أحبه، وكذلك كل شيء حادث فهو واقع بالقدرة وليس كل واقع بالقدرة واقعاً باليد، (فاليد) أخص معنى من القدرة، ولذلك كان فيها تشريف لآدم عليه السلام.
فتأمل تقريره أن معنى هذه الصفة مفهوم وتصحيحه مذهب الأشعري بناء على هذا ولو كان يعد الأشعري مفوضا لما بنى تصحيح مذهبه على تقرير العلم بمعنى هذه الصفة.