كيفية عمل العلوم ؟
بِحسب المنطقِ الشائع؛ يقوم العلماء بجمع المعلومات أولاً ثم يستنبطون نظرية لتفسيرها، وقد تم تحدي هذا المنطق من قبل كارل بوبر الذي تقوم حجته على أن العلماء غالبًا ما يستنبطون النظرية أولاً وثم يتجهون لجمع البيانات وأختبارها .
إن نموذج ومنطق جمع المعلومات ثم النظرية مستمدٌ من التعليل المعقد الذي قدمه فرانسيس بايكون وهو سياسي وعالم إنجليزي، إذ قال؛ إن العلوم كصنع الخمر نجمع العنب أولاً (المعطيات) ثم نعصره لصنع الخمر (النظرية) .
المُعطيات أولاً أو النظرية ؟
شهدت العصور الحديثة عددًا مِن التحديات لهذهِ الصورة التقليدية للعلوم، بعضها فلسفي وبعضها الآخر تاريخي .
إن كيفية عمل العلوم وفق المنطق السليم تكون كالآتي؛ (المعطيات ثُمَّ النظرية) الذي يدعمه بايكون .
كان الإعتقاد منذ القدم ان الكواكب يجب أن تدور في دوائر لأن الدائرة هي الشكل التام والسماء عليها ان تكون كاملة، مِن ناحية أخرى أظهرت الملاحظات ان الكواكب يجب ان تتحرك بدوائر مفروضة على دوائر أخرى .
في زمن (كوبيرنيكوس) كانت ثمة حاجة ألى ما لا يقل عن سبع وسبعين من هذهِ الدوائر المفروضة لتعليل حركات الشمس والقمر والكواكب الخمسة المعروفة آنذاك، لقد استطاع كوبرنيكوس ان يخفض عدد الدوائر المفروضة إلى أقل من أربع وثلاثين دائرة من خلال وضع الشمس في المركز وافتراض ان الارض تدور، لكن (كيبلر) هو الذي احدث ثورة في علم الفلك وقد خرق قانونه التقاليد والمنطق من خلال افتراضه ان الكواكب لا تتحرك في مدارات دائرية بل بيضوية، كما ان القانون الثاني يرفض الفكرة التي تقول ان الكواكب يجب ان تتحرك بسرعة ثابتة وشرح كيف انها تسرع كلما اقتربت من الشمس وتبطئ عندما تبتعد عنها، اما القانون الثالث فقد أرسى العلاقة بين الوقت الذي تستغرقه الكواكب لتكمل مجالها الشمسي ومعدل بعدها عن الشمس .
إلا ان الافتقار الى فكرة الجاذبية عرض كوبيرنيكوس وكبلر للكثير من الاسئلة المحرجة؛ ما الذي يجعل شيئًا ثقيلاً كالأرص يتحرك ؟ لماذا لا نطير بعيدا عن الأرض ؟ مثل الاطفال الراكبين في دوارة مدينة الملاهي ؟ لماذا لا تطير الأرض نفسها قطعاً قطعاً ؟ هذه الاعتراضات رد عليها العالمين (جاليليو ونيوتن) .
تاريخيًا يبدو أن النظرية تقودنا إلى، او تمكننا من اكتشاف معطيات جديدة تمامًا مثلما تحثنا المعطيات الجديدة على استنباط نظرية جديدة، على ان الامثلة التاريخية التي تظهر فيها النظرية وكأنها استنبطت بطريقة كلاسيكية مفتوحة أمام التحدي .
لقد قدم نيوتن نظريتهُ حول الجاذبية الأرضية كأشتقاق من قوانين كبلر للحركة الكوكبية متناسبة مع ملاحظة بعض الظواهر مثل المد والجزر، والتفاحة المشهورة وغيرها ..، لكن "بيار دوهيم" ساق حجة من خلال البحث النقدي المؤثر مفادها ان اشتقاق نيوتن كان مستحيلاً، إن احد اسباب ذلك هو ان نظرية نيوتن تستخدم مفاهيم جديدة( مثل القوة والكتلة) لم تكن معروفة لدى كيبلر والآخرين، فضلاً عن سبب آخر وهو انها تتعارض مع قوانين كبلر، فنظرية نيوتن تتنبأ بانحرافات ضئيلة عن المدارات البيضوية التي تنبأ بها كبلر .
فلسفيًا هناك مشكلتان رئيستان مع العرف الشائع السليم لصورة (المعلومات أولاً للعلم) فهي تفترض اننا نستطيع اجراء الملاحظات قبل ان يكون لدينا أي نظرية، وهذا يشبه تماما فكرة جمع العنب قبل الحصول على الخمر، من الصعب ان ندافع عن صحة هذا الافتراض لعدة أسباب.
اولاً؛ الملاحظة انتقائية دائمًا بحيث نختار شيئا من حالة التخبط في الإدراك الحسي على انه الشيء الهام وهذا الاختيار يبدو ان يجسد نوعا بدائيا من النظرية .
ولكي نتكلم على ما رأيناه علينا ان نستخدم مجددًا الصيغ اللغوية التي تحتوي بحسب نظام تصنيفها على نظرية ضمنية للعالم، والأكثر من ذلك هو ان هذهِ الملاحظات العلمية عادة لا يكون لها معنى على الإطلاق إذ لم نعرف خلفية النظرية التي تسمح لنا بترجمة هذهِ الملاحظات .
كتب اوغست كونت قائلاً منذ عصر بايكون أجمع كل المفكرين المتضلعين على حقيقة عدم وجود مخزون معرفة حقيقية عدا ما يعتمد على الحقائق التي تجري ملاحظتها، لكن إذا كان على كل نظرية ان ترتكز على الملاحظة من ناحية، فمن الصحيح بالتساوي ان الحقائق لا تمكن ملاحظتها دون توجيه من قبل بعض النظريات من ناحية أخرى .
الفلسفة ببساطة؛ برندان ولسون
بِحسب المنطقِ الشائع؛ يقوم العلماء بجمع المعلومات أولاً ثم يستنبطون نظرية لتفسيرها، وقد تم تحدي هذا المنطق من قبل كارل بوبر الذي تقوم حجته على أن العلماء غالبًا ما يستنبطون النظرية أولاً وثم يتجهون لجمع البيانات وأختبارها .
إن نموذج ومنطق جمع المعلومات ثم النظرية مستمدٌ من التعليل المعقد الذي قدمه فرانسيس بايكون وهو سياسي وعالم إنجليزي، إذ قال؛ إن العلوم كصنع الخمر نجمع العنب أولاً (المعطيات) ثم نعصره لصنع الخمر (النظرية) .
المُعطيات أولاً أو النظرية ؟
شهدت العصور الحديثة عددًا مِن التحديات لهذهِ الصورة التقليدية للعلوم، بعضها فلسفي وبعضها الآخر تاريخي .
إن كيفية عمل العلوم وفق المنطق السليم تكون كالآتي؛ (المعطيات ثُمَّ النظرية) الذي يدعمه بايكون .
كان الإعتقاد منذ القدم ان الكواكب يجب أن تدور في دوائر لأن الدائرة هي الشكل التام والسماء عليها ان تكون كاملة، مِن ناحية أخرى أظهرت الملاحظات ان الكواكب يجب ان تتحرك بدوائر مفروضة على دوائر أخرى .
في زمن (كوبيرنيكوس) كانت ثمة حاجة ألى ما لا يقل عن سبع وسبعين من هذهِ الدوائر المفروضة لتعليل حركات الشمس والقمر والكواكب الخمسة المعروفة آنذاك، لقد استطاع كوبرنيكوس ان يخفض عدد الدوائر المفروضة إلى أقل من أربع وثلاثين دائرة من خلال وضع الشمس في المركز وافتراض ان الارض تدور، لكن (كيبلر) هو الذي احدث ثورة في علم الفلك وقد خرق قانونه التقاليد والمنطق من خلال افتراضه ان الكواكب لا تتحرك في مدارات دائرية بل بيضوية، كما ان القانون الثاني يرفض الفكرة التي تقول ان الكواكب يجب ان تتحرك بسرعة ثابتة وشرح كيف انها تسرع كلما اقتربت من الشمس وتبطئ عندما تبتعد عنها، اما القانون الثالث فقد أرسى العلاقة بين الوقت الذي تستغرقه الكواكب لتكمل مجالها الشمسي ومعدل بعدها عن الشمس .
إلا ان الافتقار الى فكرة الجاذبية عرض كوبيرنيكوس وكبلر للكثير من الاسئلة المحرجة؛ ما الذي يجعل شيئًا ثقيلاً كالأرص يتحرك ؟ لماذا لا نطير بعيدا عن الأرض ؟ مثل الاطفال الراكبين في دوارة مدينة الملاهي ؟ لماذا لا تطير الأرض نفسها قطعاً قطعاً ؟ هذه الاعتراضات رد عليها العالمين (جاليليو ونيوتن) .
تاريخيًا يبدو أن النظرية تقودنا إلى، او تمكننا من اكتشاف معطيات جديدة تمامًا مثلما تحثنا المعطيات الجديدة على استنباط نظرية جديدة، على ان الامثلة التاريخية التي تظهر فيها النظرية وكأنها استنبطت بطريقة كلاسيكية مفتوحة أمام التحدي .
لقد قدم نيوتن نظريتهُ حول الجاذبية الأرضية كأشتقاق من قوانين كبلر للحركة الكوكبية متناسبة مع ملاحظة بعض الظواهر مثل المد والجزر، والتفاحة المشهورة وغيرها ..، لكن "بيار دوهيم" ساق حجة من خلال البحث النقدي المؤثر مفادها ان اشتقاق نيوتن كان مستحيلاً، إن احد اسباب ذلك هو ان نظرية نيوتن تستخدم مفاهيم جديدة( مثل القوة والكتلة) لم تكن معروفة لدى كيبلر والآخرين، فضلاً عن سبب آخر وهو انها تتعارض مع قوانين كبلر، فنظرية نيوتن تتنبأ بانحرافات ضئيلة عن المدارات البيضوية التي تنبأ بها كبلر .
فلسفيًا هناك مشكلتان رئيستان مع العرف الشائع السليم لصورة (المعلومات أولاً للعلم) فهي تفترض اننا نستطيع اجراء الملاحظات قبل ان يكون لدينا أي نظرية، وهذا يشبه تماما فكرة جمع العنب قبل الحصول على الخمر، من الصعب ان ندافع عن صحة هذا الافتراض لعدة أسباب.
اولاً؛ الملاحظة انتقائية دائمًا بحيث نختار شيئا من حالة التخبط في الإدراك الحسي على انه الشيء الهام وهذا الاختيار يبدو ان يجسد نوعا بدائيا من النظرية .
ولكي نتكلم على ما رأيناه علينا ان نستخدم مجددًا الصيغ اللغوية التي تحتوي بحسب نظام تصنيفها على نظرية ضمنية للعالم، والأكثر من ذلك هو ان هذهِ الملاحظات العلمية عادة لا يكون لها معنى على الإطلاق إذ لم نعرف خلفية النظرية التي تسمح لنا بترجمة هذهِ الملاحظات .
كتب اوغست كونت قائلاً منذ عصر بايكون أجمع كل المفكرين المتضلعين على حقيقة عدم وجود مخزون معرفة حقيقية عدا ما يعتمد على الحقائق التي تجري ملاحظتها، لكن إذا كان على كل نظرية ان ترتكز على الملاحظة من ناحية، فمن الصحيح بالتساوي ان الحقائق لا تمكن ملاحظتها دون توجيه من قبل بعض النظريات من ناحية أخرى .
الفلسفة ببساطة؛ برندان ولسون