أذكُر قبل أيام جالست حبيبتي وغاليتي وكانت في عينها نظرة رقراقة، نظرة أعرفها، وكأنّ قلبها يسبح في ماء المآقي.
ماما إنسانة صلبة متماسكة، طبختها الحياة والتجارب على نار حارقة هادئة، لكن صلابتها تحوّط لبًّا سيّالًا رائقًا شديد الصفاء، بها رقّة وبراءة طفل لم يفقد أمله بالناس رغم اكتظاظ حياته بشواهد مكرهم وأذاهم.
و كانت والدتي تستدعي بعض حوادث الزمن القديمة، وتغصّ بدموع الذّكرى وكأنها حدثت اللحظة، وكنت أحاول مدافعة الدّمعات ومغالبة العَبَرات خوف أن يحتمل قلبها قلق تأثّري الدّامع..
لكنّي ما استطعت سوى أن أتدفّق، يتنهّد قلبي تأمينًا على جملتها التي تعكّزت بها كلما حطّم الشيطان بمطرقة وسواسه بنيان تماسكها: "يأتي الناس كلّهم فارغة رحالهم من البلاء، إلا أنا معي صبري و احتسابي يشفع لي"
أوّاه يا أمّي، من أين لي بيقينك؟ كنت أرقب أطوار حياتي بابتسام المتعجّب، أفكّر بتماثل أقدارنا، حتى ارتطمت ببلاء كان لأوّل مرّة أكبر من المُواساة، عميق في الرّوح يتوه في السّفر إليه مبضع التصبّر.
كانت ضريبة بلائك: المعرفة، و ضريبة بلائي: التّيه.
ألّا تعود نفسي؛ هِي، والكون يصيرُ مشوّهًا لا أقدر أن أسمّي به الأشياء، أقطب حاجبي بعدم فهم كلما ابتدرتني الأسئلة.
لا تسقط ”إن شاء ﷲ“ من لساني ولا ترسم بمثل كثافتها أصابعي ...
أمرّر برتابة سؤالاتهم، أودّ لو أصرخ كلّما يمور بنفسي قلق عتب المارّة: أحسن، ازعلوا، أبيعكم واحدًا واحدًا واشتري لحظة لقاء بالرّاحلين.
ترتسم على محيّاي ابتسامة استهزاء قاسية جدًا كلّما عتب أحد الثّرثارين علي هذا الذبول، أعلم أن باللحظة التي تنحسر بها ادّعاءات اللطف والدماثة عن ملامحي الباسمة سيفزعه محيّا بارد قاس مرعب، و تخرسه نظرة هازئة لا مكترثة على حوافها غضب غليظ صامت.
الحمد لله، لا أعرف كيف أواجه وجع الأقدار إلا بيقين رُزقته و نمّاه التأسي بوالدتي، تحكي بولَهٍ لي كيف امتدّت أيدي العناية دومًا وقوّمت بناءها المنهار.
كيف كانت تسأل المعيّة الربّانية في بكاء السّجدات، وفي جوف الأسحار، وتطلقها حارقة يائسة في بيت ﷲ و أعينها مصوّبة نحو الكعبة الشامخة.
وأتعزّى، وأتصبّر بفكرة أن الهمّ الذي يزأر ويدور بين قضبان صدري ينتظر لحظة الانقضاض على بقيّة الصبر له ربٌ كافله، ربٌ يعلمه، ربٌ ما أثابني بالغمّ إلا ليجلو غمًّا أكبر منه: غمّ غفلتي.
ماما إنسانة صلبة متماسكة، طبختها الحياة والتجارب على نار حارقة هادئة، لكن صلابتها تحوّط لبًّا سيّالًا رائقًا شديد الصفاء، بها رقّة وبراءة طفل لم يفقد أمله بالناس رغم اكتظاظ حياته بشواهد مكرهم وأذاهم.
و كانت والدتي تستدعي بعض حوادث الزمن القديمة، وتغصّ بدموع الذّكرى وكأنها حدثت اللحظة، وكنت أحاول مدافعة الدّمعات ومغالبة العَبَرات خوف أن يحتمل قلبها قلق تأثّري الدّامع..
لكنّي ما استطعت سوى أن أتدفّق، يتنهّد قلبي تأمينًا على جملتها التي تعكّزت بها كلما حطّم الشيطان بمطرقة وسواسه بنيان تماسكها: "يأتي الناس كلّهم فارغة رحالهم من البلاء، إلا أنا معي صبري و احتسابي يشفع لي"
أوّاه يا أمّي، من أين لي بيقينك؟ كنت أرقب أطوار حياتي بابتسام المتعجّب، أفكّر بتماثل أقدارنا، حتى ارتطمت ببلاء كان لأوّل مرّة أكبر من المُواساة، عميق في الرّوح يتوه في السّفر إليه مبضع التصبّر.
كانت ضريبة بلائك: المعرفة، و ضريبة بلائي: التّيه.
ألّا تعود نفسي؛ هِي، والكون يصيرُ مشوّهًا لا أقدر أن أسمّي به الأشياء، أقطب حاجبي بعدم فهم كلما ابتدرتني الأسئلة.
لا تسقط ”إن شاء ﷲ“ من لساني ولا ترسم بمثل كثافتها أصابعي ...
أمرّر برتابة سؤالاتهم، أودّ لو أصرخ كلّما يمور بنفسي قلق عتب المارّة: أحسن، ازعلوا، أبيعكم واحدًا واحدًا واشتري لحظة لقاء بالرّاحلين.
ترتسم على محيّاي ابتسامة استهزاء قاسية جدًا كلّما عتب أحد الثّرثارين علي هذا الذبول، أعلم أن باللحظة التي تنحسر بها ادّعاءات اللطف والدماثة عن ملامحي الباسمة سيفزعه محيّا بارد قاس مرعب، و تخرسه نظرة هازئة لا مكترثة على حوافها غضب غليظ صامت.
الحمد لله، لا أعرف كيف أواجه وجع الأقدار إلا بيقين رُزقته و نمّاه التأسي بوالدتي، تحكي بولَهٍ لي كيف امتدّت أيدي العناية دومًا وقوّمت بناءها المنهار.
كيف كانت تسأل المعيّة الربّانية في بكاء السّجدات، وفي جوف الأسحار، وتطلقها حارقة يائسة في بيت ﷲ و أعينها مصوّبة نحو الكعبة الشامخة.
وأتعزّى، وأتصبّر بفكرة أن الهمّ الذي يزأر ويدور بين قضبان صدري ينتظر لحظة الانقضاض على بقيّة الصبر له ربٌ كافله، ربٌ يعلمه، ربٌ ما أثابني بالغمّ إلا ليجلو غمًّا أكبر منه: غمّ غفلتي.