[توحيد الأسماء والصفات]
هل أسماء الله محصورةٌ؟
أسماء الله ليست محصورةٌ بعددٍ معيَّنٍ، والدليل على ذلك قوله ﷺ في الحديث الصحيح: « اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ »، إلى أن قال « أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ؛ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك»(1)، وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يُعْلَم به، وما ليس معلومًا ليس محصورًا.
وأمَّا قولُه ﷺ: « إِنَّ لِلّٰهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ»(1)، فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء، لكن معناه أن من أحصى من أسمائه هذه التسعة والتسعين؛ فإنه يدخل الجنة، فقوله: « مَنْ أحْصَاهَا» تكميلٌ للجملة الأولى، وليست استئنافيَّةً منفصلةً، ونظيرُ هذا قولُ العرب: « عندي مائةُ فرسٍ أعددتُها للجهاد في سبيل اللّٰه »؛ فليس معناه أنه ليس عنده إلا هذه المائة، بل هذه المائة معدةٌ لهذا الشيء.
وقد نقل شَيْخُ الإِسْلَامِ ابن تيمية رحمه الله اتفاق أهل المعرفة في الحديث على أن عدَّها وسَردَها لا يصحُّ عن النبي ﷺ. اهـ، وصدق _رحمه الله_؛ بدليل الاختلاف الكبير فيها؛ فمن حاول تصحيح هذا الحديثِ قال: إن هذا أمر عظيمٌ؛ لأنها توصل إلى الجنة، فلا يفوت على الصحابة أن يسألوه ﷺ عن تعيينها؛ فدلَّ هذا على أنها قد عُيِّنَت من قِبَلِه ﷺ. لكن يُجاب عن ذلك: بأنَّه لا يلزم، ولو كان كذلك؛ لكانت هذه الأسماء التسعة والتسعون معلومةً أشدَّ من علم الشمسِ، ولَنُقِلَت في الصحيحين وغيرهما؛ لأن هذا مما تدعو الحاجة إليه، وتُلِحُّ بحِفظِهِ، فكيف لا يأتي إلا عن طريق واهيةٍ، وعلى صورٍ مختلفة؟!
فالنبي ﷺ لم يبَيِّنها لحكمة بالغةٍ، وهي أن يطلبَها الناسُ ويَتَحَرَّوْهَا في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ حتى يتبيَّن الحريص مِنْ غيرِ الحريص.
وليس معنى إحصائها أن تُكتَب في رقَاعٍ ثمَّ تُكَرَّر حتى تُحْفَظ، ولكن معنى ذلك:
#أوّلًا: الإحاطة بها لَفْظًا.
#ثانيًا: فَهْمُهَا مَعْنًى.
#ثالثًا: التعبُد للّٰه بمقتضاها، ولذلك وجهان:
#الوجه الأول: أن تدعُوَ اللّٰه بها؛ لقوله تعالى: ﴿ فَٱدعُوهُ بِهَا﴾ [ الأعراف: 180]؛ بأن تجعلها وسيلةً إلى مطلوبك، فتَخْتَار الاسمَ المناسب لمطلوبك، فعِند سؤال المغفرة تقول: يا غَفُورُ اغفر لي، وليس من المناسب أن تقول: يا شديد العقاب اغفر لي، بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول: أجرني مِنْ عِقَابِكَ.
#الوجه الثاني: أن تتعرَّضَ في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماءُ، فمقتضى الرَّحيمِ: الرحمة، فاعمل العملَ الصالح الذي يكون جالبًا لرحمة اللّٰه.
هذا هو معنى إحصائها، فإذا كان كذلك؛ فهو جديرٌ لأن يكون ثَمَنًا لدخول الجنة.
[ مجموع فتاوى ورسائل العلامة ابن عثيمين /ج1-ص122-124]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أحمد (3712)، وابن حِبّان (الإحسان/972)، وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة(199).
(1) اخرجه البخاري (2736)، ومسلم (2677).
https://t.me/qatafalazharalmutanathira
لا يسمح بحذف الرابط بارك الله فيك
هل أسماء الله محصورةٌ؟
أسماء الله ليست محصورةٌ بعددٍ معيَّنٍ، والدليل على ذلك قوله ﷺ في الحديث الصحيح: « اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ »، إلى أن قال « أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ؛ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك»(1)، وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يُعْلَم به، وما ليس معلومًا ليس محصورًا.
وأمَّا قولُه ﷺ: « إِنَّ لِلّٰهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ»(1)، فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء، لكن معناه أن من أحصى من أسمائه هذه التسعة والتسعين؛ فإنه يدخل الجنة، فقوله: « مَنْ أحْصَاهَا» تكميلٌ للجملة الأولى، وليست استئنافيَّةً منفصلةً، ونظيرُ هذا قولُ العرب: « عندي مائةُ فرسٍ أعددتُها للجهاد في سبيل اللّٰه »؛ فليس معناه أنه ليس عنده إلا هذه المائة، بل هذه المائة معدةٌ لهذا الشيء.
وقد نقل شَيْخُ الإِسْلَامِ ابن تيمية رحمه الله اتفاق أهل المعرفة في الحديث على أن عدَّها وسَردَها لا يصحُّ عن النبي ﷺ. اهـ، وصدق _رحمه الله_؛ بدليل الاختلاف الكبير فيها؛ فمن حاول تصحيح هذا الحديثِ قال: إن هذا أمر عظيمٌ؛ لأنها توصل إلى الجنة، فلا يفوت على الصحابة أن يسألوه ﷺ عن تعيينها؛ فدلَّ هذا على أنها قد عُيِّنَت من قِبَلِه ﷺ. لكن يُجاب عن ذلك: بأنَّه لا يلزم، ولو كان كذلك؛ لكانت هذه الأسماء التسعة والتسعون معلومةً أشدَّ من علم الشمسِ، ولَنُقِلَت في الصحيحين وغيرهما؛ لأن هذا مما تدعو الحاجة إليه، وتُلِحُّ بحِفظِهِ، فكيف لا يأتي إلا عن طريق واهيةٍ، وعلى صورٍ مختلفة؟!
فالنبي ﷺ لم يبَيِّنها لحكمة بالغةٍ، وهي أن يطلبَها الناسُ ويَتَحَرَّوْهَا في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ حتى يتبيَّن الحريص مِنْ غيرِ الحريص.
وليس معنى إحصائها أن تُكتَب في رقَاعٍ ثمَّ تُكَرَّر حتى تُحْفَظ، ولكن معنى ذلك:
#أوّلًا: الإحاطة بها لَفْظًا.
#ثانيًا: فَهْمُهَا مَعْنًى.
#ثالثًا: التعبُد للّٰه بمقتضاها، ولذلك وجهان:
#الوجه الأول: أن تدعُوَ اللّٰه بها؛ لقوله تعالى: ﴿ فَٱدعُوهُ بِهَا﴾ [ الأعراف: 180]؛ بأن تجعلها وسيلةً إلى مطلوبك، فتَخْتَار الاسمَ المناسب لمطلوبك، فعِند سؤال المغفرة تقول: يا غَفُورُ اغفر لي، وليس من المناسب أن تقول: يا شديد العقاب اغفر لي، بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول: أجرني مِنْ عِقَابِكَ.
#الوجه الثاني: أن تتعرَّضَ في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماءُ، فمقتضى الرَّحيمِ: الرحمة، فاعمل العملَ الصالح الذي يكون جالبًا لرحمة اللّٰه.
هذا هو معنى إحصائها، فإذا كان كذلك؛ فهو جديرٌ لأن يكون ثَمَنًا لدخول الجنة.
[ مجموع فتاوى ورسائل العلامة ابن عثيمين /ج1-ص122-124]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أحمد (3712)، وابن حِبّان (الإحسان/972)، وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة(199).
(1) اخرجه البخاري (2736)، ومسلم (2677).
https://t.me/qatafalazharalmutanathira
لا يسمح بحذف الرابط بارك الله فيك