Репост из: مُدْرك
كان أخصُّ أوصافه ﷺ راجعًا إلى خروجه من سلطان نفسه، فلا يغضب لها، ولا يُطلقها من الدنيا فيما تذمُّه أو تمدحه، ولا يحب فيها، ولا يُبغِض من أجلها، ولا يهاونها، ولا يستلين لها في مأكل وملبس، ولا يأخذها إلا من ناحية الإيمان بالله والإيمان بالإنسانية؛ فأفراحها أحزانها، وآمالها أشواقها، وأملاكها أعمالها، وحسابها في طبيعتها، وحوادثها من العقل لا من الحواس، وعظمتها إثبات ذاتها في غيرها، لا إثباتُ غيرها في ذاتها، وغايتها في الباقي لا الزائل، وفي الخالد لا الفاني، وما دام الحاضر متحركًا فهو طارئ عابرٌ أوشكُ أمورِ الدنيا زوالًا، والعمل له على مقداره في قِلَّة لُبْثِهِ وهوان أمره، والاهتمام أبدًا بما وراءه لا به.
فأول النفس النية العاملة لآخرتها، وآخر النفس ما تؤدي إليه أعمال هذه النية؛ فليس في إنسان الدنيا إلا إنسان العالم الآخر، وبهذا يقدَّر صمتُهُ وكلامه، وحركته وسكونه، وما يأتي وما يدع، وما يحبُّ وما يكره؛ إذ كلُّ شيء منه على ذلك الاعتبار إنما هو صورة الحقيقة العاملة فيه.
-الرافعي
-وحي القلم ج٢ | الإنسانية العليا
فأول النفس النية العاملة لآخرتها، وآخر النفس ما تؤدي إليه أعمال هذه النية؛ فليس في إنسان الدنيا إلا إنسان العالم الآخر، وبهذا يقدَّر صمتُهُ وكلامه، وحركته وسكونه، وما يأتي وما يدع، وما يحبُّ وما يكره؛ إذ كلُّ شيء منه على ذلك الاعتبار إنما هو صورة الحقيقة العاملة فيه.
-الرافعي
-وحي القلم ج٢ | الإنسانية العليا