♦️وقفة مع كتاب العلم من صحيح البخاري♦️
♦️الجلسة : 17
♦️7- باب ما يُذكر في المناولة، وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان.
وقال أنس: نسخ عثمان المصاحف فبعث بها إلى الآفاق، ورأى عبد الله بن عمر ويحي بن سعيد ومالك ذلك جائزا. واحتجّ بعض أهل الحجاز في المناولة بحديث النبيّ عليه الصّلاة والسّلام حيث كتب لأمير السّريّة كتابا، وقال: لا تقرأه حتّى تبلغ مكان كذا وكذا، فلمّا بلغ ذلك المكان قرأه على النّاس وأخبرهم بأمر النبيّ عليه الصّلاة والسّلام.
🔺وقفة مع ترجمة الباب:
ذكر الإمام البخاري طريقين من طرق تحمل العلم بعدما ذكر من قبلُ طريقين كذلك، أمّا الطريقان الّلذان ذكرهما من قبلُ العرض والسّماع، وأمّا الطريقان المشار إليهما في هذا الباب، فهما المناولة والكتابة.
🍀- أمّا المناولة هي أن يعطي الشيخ تلميذه مرويّاته، ويقول له: هذا كتابي أو حديثي، من غير أن يقول له: اروه عنّي، أو أجزتكه.
أمّا إذا كانت مع الإجازة فهي أرفع من الإجازة، وأرفع من المناولة، وهي عند الإمام مالك كما مرّ بمنزلة السّماع، فعن إسماعيل بن أبي أويس قال: سألت مالكا عن أصحّ السّماع. فقال: قراءتك على العالم -أو المحدّث-، ثمّ قراءة المحدّث عليك، ثمّ أن يدفع إليك كتابه فيقول: ارو عنّي هذا. رواه القاضي عياض في الإلماع.
وهذا مذهب يحي بن سعيد الأنصاري، والحسن البصري، والأوزاعي، وحيوة بن شريح، والزهري، ذكرهم القاضي عياض، كما حكاه الحاكم عن جماعة من أئمّة المدينة والكوفة والبصرة ومصر، وهو قول كافّة أهل النقل.
وعليه فاختار الأئمّة أن تكون صيغة الأداء بأخبرنا أو حدّثنا.
فعن عبد الله بن وهب، قال: كنت عند مالك بن أنس جالسا، فجاءه رجل قد كتب الموطّأ يحمله في كسائه، فقال له: يا أبا عبد الله، هذا موطّؤك قد كتبته وقابلته، فأجزه لي، فقال: قد فعلت. قال: فكيف أقول: أخبرنا مالك، أو حدّثنا مالك؟. قال له مالك: قل أيّهما شئت. رواه الخطيب في الكفاية.
وعنه عن الحسن أنّه كان لا يرى بأسا أن يدفع المحدّث كتابه، ويقول: ارو عنّي جميع ما فيه، يسعه أن يقول: حدّثني فلان عن فلان.
وعنه عن أبي اليمان الحكم بن نافع، قال: قال لي أحمد بن حنبل كيف سمعت الكتب من شعيب بن أبي حمزة؟، قلتُ: قرأت عليه بعضه، وبعضه قرأه عليّ، وبعضه أجازه لي، وبعضه مناولة، فقال: قل في كلّه أخبرنا شعيب.
واختار الأوزاعي أن يقول: أنبأنا، ذكره الخطيب.
🍀- وأمّا الكتابة: وذلك في قوله رحمه الله: وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان.
فالكتابة والمكاتبة هي أن يكتب الشيخ بخطّه أو يكلّف من يثق به أن يكتب عنه بعض أحاديثه لطالب حاضر عنده، أو غائب عنه ويرسل الكتاب إليه مع من يثق به.
وهي قسمان، إذا اقترنت مع الإجازة فهي صحيحة، وإذا لم تقترن معها اختلف عليها الأئمّة فمنعها البعض كالماوردي، وأبي الحسن بن قطان، وأجازها الأكثر كأيوب السختياني واللّيث بن سعد وغيرهم.
قال القاضي أبو محمد بن خلاّد كما نقله عنه القاضي عياض: إذا تيقّن أنّه بخطّه فهو وسماعه والإقرار منه سواء، لأنّ الغرض من الخطّ كما باللّسان التعبير عن الضمير، فإذا وقعت فكلّه سواء.
وروى القاضي عياض عن شعبة، أنّه قال: كتب إليّ منصور بحديث، ثمّ لقيته بعد ذلك ثمّ سألته عن ذلك الحديث، فقلتُ: أقول حدّثني؟، فقال: أليس قد حدّثتك؟، إذا كتبت إليك فقد حدّثتك.
قال شعبة: فسألت أيّوب عن ذلك، فقال: صدق، إذا كتب إليك فقد حدّثك بها.
أمّا ما ذكره البخاري أنّ عبد الله بن عمر كان يرى جواز الرواية بالمكاتبة، فقد اختلف شرّاح صحيح البخاري من المقصود من عبد بن عمر، بينما ذهب الحافظ إلى أنّه يُحتمل أن يكون عبد الله بن عمر بن الخطاب، أو عبد الله بن عمرو بن العاص، ذهب العيني انّه يحتمل بين أن يكون هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، أو عبد الله بن عمر بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، بل جزم الكرماني أن يكوه هو العدوي.
والحمد الله ربّ العالمين
🔴في الجلسة القادمة نتطرّق بإذن الله ما استدلّ به البخاريّ مسندا على صحة المكاتبة والمناولة.
أخوكم أبو حفص سفيان الجزائري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://t.me/Abouhafs_dz