فتوى شيوخ من المذهب الحنبلي حول خطورة التصدر بغير أهلية ولا علم:
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن اتبع سنته واهتدى بهداه، قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [ الأحزاب:70-71 ]، أما بعد:
فإنَّنا في زمانٍ قلَّ فيه الفقهاءُ، وكثُرَ فيه الإفتاءُ في دين الله بغير علمٍ، وتصدَّرَ فيه أدعياءُ العلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ) أخرجه الدارمي في سننه.
وقد أرشَدَنا السَّلفُ الصّالحُ إلى الأخذ عن الأكابر قال عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: "لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَتَاهُمُ الْعِلْمُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَكُبَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَتَاهُمُ الْعِلْمُ مِنْ صِغَارِهِمْ وَسَفَلَتِهِمْ فَقَدْ هَلَكُوا" أخرجه البيهقي في المدخل. وأخرج مسلم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : "إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ".
وقد انتشرَ في مواقعِ التواصلِ الإجتماعي وغيرها الكلامُ في رابع المذاهب السنية التي أجمعت الأمةُ عليها أَلا وهو المذهب الحنبلي، وهو مذهبٌ ما زالَ مؤثراً في حركةِ الأفكار في العالم الإسلامي، لذا كثُر إصدارُ الأحكام عليه أو الإفتاءُ به إما مِن محبٍ أو مبغضٍ، فمِن هؤلاء مَن يُكثر الحديثَ في العقائدِ الفرعية حتى يُوقعَ العامّةَ في الفتنِ بسببِ سوء الفَهمِ والتَّصور وقد قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» رواه البخاري. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:"وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذكر عِنْد الْعَامَّة".
ومنهم مَن يصفُ المذهبَ بالتّشددِ والتّعسيرِ مع أنه مِن أيسرِ المذاهبِ في التدريسِ والعملِ، ومنهم مَن يستغلُّ اسمَ المذهبِ في تكفيرِ الفرقِ الإسلاميةِ الأخرى واستباحةِ الدماء.
ونحن بصفتنا مشايخ في المذهب الحنبلي من الشام والعراق ومصر والكويت ندعو هؤلاء جميعاً إلى التّريّثِ قبلَ إطلاقِ الأحكامِ فإنَّ الإفتاءَ بغيرِ علمٍ موجبٌ للسّخط والغضبِ من الله تعالى، وقد حذَّر الحنابلةُ في أصولهم من استفتاء مَن لم تتوفر فيه صفاتٌ معينةٌ كمَن يرغب في المالِ والجاهِ، ومَن لم يدرس المذهبَ على شيوخه المعتبرين، ونحن نرى أن المفتي والمستفتي يأثمان إذا كان المفتي ليس ذا أهلية وكان المستفتي يعلم ذلك، جاء في كشاف القناع: "يجب سؤال أهل الفقه لقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}[النحل: 43]" وذكر ابن حمدان في آداب المفتي: أنَّ مَن أفتى ولم تتوفر فيه الصفات والشروط فهو عاص آثم. فيقصد المفتي الإرشادَ وهدايةَ الناس وتقريبَهم من الله ورسوله، لا الرياء والتنويه باسمه.
ونحن نرى أن أصول المذاهب الأربعة فيها إجابات عن الأسئلة والنوازل المعاصرة، لذا وجبَ على المفتي التمذهب بمذهب منها قال ابن مفلح في الفروع: "وفي الإفصاح: أن الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة". وقال السفاريني: "الذي يَلْزَمُ العامِّي..تَقْلَيدُ أَحَدِ مَذاهِبِ الأَئمَّةِ الأَرْبَعةِ المَتْبُوعَةِ فلَيس لأَحَدٍ مِن الأُمَّةِ أَنْ يَخرُجَ عن أَقوالِ المَذاهِبِ الأَربعَةِ، هذا مِمّا لا نزاع فيه".
وهذه طريقة أئمتنا: ابن مفلح والمرداوي وابن النجار والبهوتي والسفاريني وغيرهم.
فندعو إخوتَنا إلى تلقي المذهب من كتبه المعتمدة وعلى طريقة علماء الحنابلة المختصين المتصلين بالإمام المبجل أحمد بن حنبل رضي الله عنه وعن جميع أئمة المسلمين.
وفَّق اللهُ الجميعَ لما يحبُّ ويرضى، وجمعنا تحت لواء حبيبِه المصطفى.
السَّادة العلماء والمشايخ الموقِّعون :
الشيخ محمد السيد الأزهري (مدرس الفقه الحنبلي وأصوله بالجامع الأزهر الشريف)، الشيخ محمد وفا سويدان (مفتي الفرائض في الرحيبة)، الشيخ محمد عبدالباسط آل الشيخ الرحيباني (إمام وخطيب جامع الحنابلة بالرحيبة)، الدكتور مصطفى حمدو عليان (مدرِّسٌ للمذهب في الأردن ومؤلِّف عدة كتب فيه)، الشيخ أحمد يوسف الصالحي (إمام جامع الحنابلة)، الشيخ فواز البرازي (مرشد ديني في الكويت)، الشيخ فهد أحمد الكندري (إمام ومقرئ ومدرس للمذهب في الكويت)، الشيخ أيمن السيد الدومي (مجاز بالمذهب الحنبلي ومؤلف فيه) ... وآخرون أيدوا الفتوى بحمد الله تعالى.
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ومن اتبع سنته واهتدى بهداه، قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [ الأحزاب:70-71 ]، أما بعد:
فإنَّنا في زمانٍ قلَّ فيه الفقهاءُ، وكثُرَ فيه الإفتاءُ في دين الله بغير علمٍ، وتصدَّرَ فيه أدعياءُ العلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ) أخرجه الدارمي في سننه.
وقد أرشَدَنا السَّلفُ الصّالحُ إلى الأخذ عن الأكابر قال عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: "لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَتَاهُمُ الْعِلْمُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَكُبَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَتَاهُمُ الْعِلْمُ مِنْ صِغَارِهِمْ وَسَفَلَتِهِمْ فَقَدْ هَلَكُوا" أخرجه البيهقي في المدخل. وأخرج مسلم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : "إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ".
وقد انتشرَ في مواقعِ التواصلِ الإجتماعي وغيرها الكلامُ في رابع المذاهب السنية التي أجمعت الأمةُ عليها أَلا وهو المذهب الحنبلي، وهو مذهبٌ ما زالَ مؤثراً في حركةِ الأفكار في العالم الإسلامي، لذا كثُر إصدارُ الأحكام عليه أو الإفتاءُ به إما مِن محبٍ أو مبغضٍ، فمِن هؤلاء مَن يُكثر الحديثَ في العقائدِ الفرعية حتى يُوقعَ العامّةَ في الفتنِ بسببِ سوء الفَهمِ والتَّصور وقد قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: «حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» رواه البخاري. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري:"وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَشَابِهَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذكر عِنْد الْعَامَّة".
ومنهم مَن يصفُ المذهبَ بالتّشددِ والتّعسيرِ مع أنه مِن أيسرِ المذاهبِ في التدريسِ والعملِ، ومنهم مَن يستغلُّ اسمَ المذهبِ في تكفيرِ الفرقِ الإسلاميةِ الأخرى واستباحةِ الدماء.
ونحن بصفتنا مشايخ في المذهب الحنبلي من الشام والعراق ومصر والكويت ندعو هؤلاء جميعاً إلى التّريّثِ قبلَ إطلاقِ الأحكامِ فإنَّ الإفتاءَ بغيرِ علمٍ موجبٌ للسّخط والغضبِ من الله تعالى، وقد حذَّر الحنابلةُ في أصولهم من استفتاء مَن لم تتوفر فيه صفاتٌ معينةٌ كمَن يرغب في المالِ والجاهِ، ومَن لم يدرس المذهبَ على شيوخه المعتبرين، ونحن نرى أن المفتي والمستفتي يأثمان إذا كان المفتي ليس ذا أهلية وكان المستفتي يعلم ذلك، جاء في كشاف القناع: "يجب سؤال أهل الفقه لقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}[النحل: 43]" وذكر ابن حمدان في آداب المفتي: أنَّ مَن أفتى ولم تتوفر فيه الصفات والشروط فهو عاص آثم. فيقصد المفتي الإرشادَ وهدايةَ الناس وتقريبَهم من الله ورسوله، لا الرياء والتنويه باسمه.
ونحن نرى أن أصول المذاهب الأربعة فيها إجابات عن الأسئلة والنوازل المعاصرة، لذا وجبَ على المفتي التمذهب بمذهب منها قال ابن مفلح في الفروع: "وفي الإفصاح: أن الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة". وقال السفاريني: "الذي يَلْزَمُ العامِّي..تَقْلَيدُ أَحَدِ مَذاهِبِ الأَئمَّةِ الأَرْبَعةِ المَتْبُوعَةِ فلَيس لأَحَدٍ مِن الأُمَّةِ أَنْ يَخرُجَ عن أَقوالِ المَذاهِبِ الأَربعَةِ، هذا مِمّا لا نزاع فيه".
وهذه طريقة أئمتنا: ابن مفلح والمرداوي وابن النجار والبهوتي والسفاريني وغيرهم.
فندعو إخوتَنا إلى تلقي المذهب من كتبه المعتمدة وعلى طريقة علماء الحنابلة المختصين المتصلين بالإمام المبجل أحمد بن حنبل رضي الله عنه وعن جميع أئمة المسلمين.
وفَّق اللهُ الجميعَ لما يحبُّ ويرضى، وجمعنا تحت لواء حبيبِه المصطفى.
السَّادة العلماء والمشايخ الموقِّعون :
الشيخ محمد السيد الأزهري (مدرس الفقه الحنبلي وأصوله بالجامع الأزهر الشريف)، الشيخ محمد وفا سويدان (مفتي الفرائض في الرحيبة)، الشيخ محمد عبدالباسط آل الشيخ الرحيباني (إمام وخطيب جامع الحنابلة بالرحيبة)، الدكتور مصطفى حمدو عليان (مدرِّسٌ للمذهب في الأردن ومؤلِّف عدة كتب فيه)، الشيخ أحمد يوسف الصالحي (إمام جامع الحنابلة)، الشيخ فواز البرازي (مرشد ديني في الكويت)، الشيخ فهد أحمد الكندري (إمام ومقرئ ومدرس للمذهب في الكويت)، الشيخ أيمن السيد الدومي (مجاز بالمذهب الحنبلي ومؤلف فيه) ... وآخرون أيدوا الفتوى بحمد الله تعالى.