وجب التنويه .. سوريا ودعوات الإستسلام
أرى بعض اشقائنا السوريين، خاصة في أوساط المثقفين، لا يمانعون في التطبيع مع إسرائيل، بل ويتبنون نظرة استسلامية فيما يتعلق بتحرير فلسطين ومعركتنا مع العدو الصهيوني، باعتبار أن الصهاينة تمكنوا بشكل كامل، وأنهم دمروا غزة ولبنان وجيش سوريا ، وأن الصهاينة بدعم أمريكي ودولي قادرين على فعل أي شئ ، ونحن كعرب، وسوريين تعبنا وما بقى في يدنا حيلة، وعلينا أن نقبل بالأمر الواقع ونتعامل معه بعقلية جديدة، ونعيد تعريف العدو والصديق.
بغض النظر عن التقييم الذي هو في رأيي ورأي الكثيرين من المطلعين والمتابعين للشأن الصهيوني، هو تقييم متسرع للصراع وانفعالي، منطلق من إحساس مؤقت متعلق باللحظة الحالية.
وأن الحقيقة أن المشروع الصهيوني اليوم في أضعف حالاته منذ نشأته ، وأحد تجليات هذا الضعف هو الإفراط غير المنضبط والمهووس في استعمال القوة، هذا الهوس المنطلق من إدراك حقيقي للخطر الوجودي الذي هم واقعون به، ويمكننا التفصيل في ملامح هذا الضعف والتردي في المشروع الصهيوني في مقالات أخرى.
إلا أن الملفت ،، أن آخر من يمكنه أن يروج لمنطق الاستسلام لقوة الأمر الواقع، وتبني التطبيع مع المحتل ، هم السوريين ،، لماذا ؟
لأن السوريين بعد ما يقرب من مليون شهيد، وبعد ضياع سوريا بالكامل، وبعد سحق النظام وروسيا وإيران لقوات المعارضة ومطاردتها حتى الحدود الشمالية .. ورغم تهجير نصف الشعب السوري في بلاد العالم ،، ورغم أن العالم كله خذلهم وتآمر عليهم ، ورغم أن بشار قبل شهر واحد كان يلتقط الصور المبتهجة مع كل زعماء وقادة الدول العربية والإسلامية في مؤتمر القمة الإسلامي، ورغم أن العالم كله قبل أسابيع كان يهرول للتطبيع مع نظام بشار ..... إلا أنهم لم يستسلموا ،، وظلوا وحدهم لم يُطبِعوا مع الواقع .. واتهموا المطبعين بالخيانة !!
كيف لسوري أن يدعونا لأن نقبل بالإستسلام لإسرائيل وهو قبل أسبوعين فقط كان يتمنى أن تنتهي الأزمة السورية حتى ولو إلى تقسيم سوريا دويلات لأن المعركة مستحيلة والنصر أبعد من التصور والأمر انتهى بختم وقرار وإقرار من العالم كله .... واليوم يفرح بنصر الله ومنشغل بالاحتفال بالتحرير ؟!!!
كيف لسوري أن يدعو فلسطينياً أن يتخلى عن المقاومة ويفرط في حق العودة ويفرط في بيته المسروق ،،، بينما هو السوري نفسه لم يتخل عن المقاومة ولم يفرط في حق العودة ولم يترك بيت المسروق ؟!!
سيقول قائل ، الاحتلال الإسرائيلي ليس كاحتلال بشار وروسيا وإيران ..
وسنرد .. وكذلك حالة المقاومة وتجذرها وتاريخ النضال والمقاومة الفلسطيني ، ليس كالحالة السورية ، بل أعمق بعقود
وحجم الاتفاق والتأييد العالمي لحق الشعب الفلسطيني ووضوح قضيته وحجم العمق الثقافي للقضية الفلسطينية حول العالم ليس كالسورية
والأدوات الفلسطينية والعربية والإسلامية التي تعمل على تحرير فلسطين وتناضل من أجلها أكبر بأضعاف من التي عملت للقضية السورية.
ليس لأن فلسطين أهم من سوريا ، ولا لأي صيغة تفضيلية ... ولكن لأن قضية فلسطين أقدم وأكبر وأعقد ولها بعد ديني إضافي. ولأن أقدار الله أن يكون كذلك.
بالإضافة لأن المسألة لا تتعلق بحجم العدو وقوته ولا بحجم قوتنا وقدرتنا على كسره عسكريا .. بل تحديداً تتعلق بقدرتنا على الاستمرار في المقاومة حتى يستحيل على عدونا الانتصار .. فننتصر.
الشريحة التي أتكلم عنها من السوريين ليسوا أغلبية . أعلم
ولكن هذا الرأي الانهزامي هو ما ستتبناه وتُضخمه البروباجاندا الصهيونية الناطقة بالعربية والحدث.
هذا الرأي هو ما سيتم دعمه وتضخيمه في سوريا منذ اليوم، وحتى يُصبح مقبولاً ومباحاً ومُتَقَبلاً
ولذا وجب التنويه.
عز الدين دويدار